14/02/2017 - 21:19

"المسلخ البشري" صيدنايا... شهادات جديدة

دفع الإنكار الروسي رواد منصات التواصل الاجتماعي لإعادة النشر والتغريد حول جرائم صيدنايا، معبرين عن غضبهم حيال الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد بحق معارضيه، مطالبين هذه المرة بالتوقع على عريضة مقدمة للأمين العام للأمم المتحدة، تطالب بتجريم

"المسلخ البشري" صيدنايا... شهادات جديدة

(فيسبوك)

اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان 'مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا'، نشرته الأسبوع الماضي، النظام السوري باقتياد مجموعات تصل أحيانا إلى خمسين شخصا إلى خارج زنزاناتهم في السجن، كل أسبوع، وغالبا مرتين أسبوعيا، وشنقهم حتى الموت'، مشيرة إلى أنه بين السنوات 2011-2015، 'شنق في صيدنايا سرا 13 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للحكومة'.

إلا أن روسيا ردت على منظمة العفو الدولية، باتهامها بنشر'فظائع وهمية' بهدف عرقلة مباحثات السلام السورية.

وقال موقع 'روسيا إنسايدر'، إن التقرير الأخير الذي أصدرته المنظمة حول الانتهاكات داخل سجن صيدنايا' مزيج من التخمين والادعاءات الفاحشة التي سطرها أشخاص يعيشون في لبنان.' كما وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التقرير بأنه “مجرد استفزاز متعمد آخر يهدف إلى صب الزيت على النار”.

ودفع الإنكار الروسي رواد منصات التواصل الاجتماعي لإعادة النشر والتغريد حول جرائم صيدنايا، معبرين عن غضبهم حيال الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد بحق معارضيه، مطالبين هذه المرة بالتوقع على عريضة مقدمة للأمين العام للأمم المتحدة، تطالب بتجريم مرتكبي فظائع صيدنايا والإغلاق الفوري لـ'المسلخ البشري'. كما وطالب الموقعون على الرسالة بـ'إنقاذ بقية المعتقلين السوريين وحمايتهم من المصير المأساوي الذي انتهى إليه معتقلو سجن صيدنايا.'

وكتب أواب المصري، رسالة إلى والدته، نشرها على مدونته الخاصة في 'مدونات الجزيرة' تحت عنوان 'رسالة إلى أمي من مسلخ صيدنايا'، يخبرها فيها عن فنون التعذيب التي يتعلمها الشجناء في 'مسلخ' النظام. وورد في الرسالة أنه 'اعتاد الحراس أن يأمروا الجميع بخلع ملابسهم والتوجه إلى دورة المياه واحدا تلو الآخر، ثم يختارون واحدا منا من ذوي البنية الجسمانية الصغيرة، أو من هم أحدث سنا، أو من لديهم بشرة فاتحة، ويطلبون منه أن يقف ووجهه نحو الباب، وأن يغمض عينيه، ومن ثم يأمروا أحد السجناء الأكبر سنا باغتصابه.

أمي الغالية، خضعت قبل أيام لمحاكمة أمام مجموعة من الضباط في محكمة الميدان العسكرية، استغرقت محاكمتي دقيقة ونصف، تضمنت سؤالي عن اسمي والجرم الذي اعترفت بارتكابه تحت التعذيب، ليطلب مني الكاتب بعدها التوقيع على إفادتي. دقيقة ونصف يا أمي كانت كافية ليصدر الحكم عليّ بالسجن المؤبد. هو حكم مخفف، فالقاضي لا يعرف إلا حكمان، إما المؤبد وإما الإعدام. حال القاضي كحال أطباء مستشفى تشرين الذي تُنقل إليه جثث من يتم إعدامهم، فتشخيص الأطباء لأسباب الوفاة لا يخرج عن اثنين: إما توقف عمل القلب وإما توقف الجهاز التنفسي. الأطباء هناك لا ينتبهون لألوان قوس قزح على أجسادنا ولا لآثار الصعق الكهربائي ولا للعظام الناتئة من جلودنا جراء منع الطعام والشراب.

أخبرك عن حالي لكن حال آخرين كثر ليس أفضل حالا. فكل مساء إثنين وأربعاء يدخل الحراس إلى الزنزانة ويختارون من بيننا بناء على ورقة مكتوبة يحملونها، يجمعون قرابة 50 سجينا في باحة السجن، يمشون في طابور مطأطئ الرؤوس، يمسك كل واحد منهم بقميص الشخص الذي أمامه. بعضهم يكون مبتسما وبعضهم الآخر يضحك بطريقة هستيرية، فقد أخبرهم السجانون أنه سيتم نقلهم إلى سجن مدني ظروفه أفضل بكثير من سجن صيدنايا، لكننا علمنا لاحقا أن من يتم نقله ينتقل إلى دار البقاء بعد شنقه في المبنى المجاور'.

وقال عمر السجين السابق في صيدنايا، عمر الشغري، في تقرير لـ'الجديد': 'نقلونا إلى طابق آخر. خرجنا عراة كل منا يمسك في خصر من يسير امامه، في 'قطار الموت' تحت الضرب والتعذيب حتى وصلنا الى الطابق الثالث. كان همنا في تلك اللحظة ان لا يفلت احد خصر من امامه تجنبا للموت.
وضعونا 36 سجيناً في زنزانة واحدة. هنا، نحن فئران تجارب، لا قيمة لنا. مجرد أرقام. 
اسباب العقوبات في السجن كثيرة، تحرم من الطعام لايام لانك لم تحلق لحيتك، ولأن شفرات الحلاقة غير متوفرة، كنا ننتف شعر لحانا بأيدينا، لتفادي العقوبات! 
حتى الطعام القليل الذي كنا نتلقاه كان لعنة علينا… كانوا يطعموننا ليجوعوننا لا ليشبعوننا ومع كل شوقك للطعام الا ان كرها في قلبك ينمو نحو هذا الشيء الذي يكلفك عمرك لتحصل عليه وستموت بسبب غيابه… حتى نعمة الحياة تصبح نقمة. يدخل السجان يمدنا بالطعام ويخرج من دون ان يتلفظ بكلمة السر 'باشر طعام' ويدخل في اليوم التالي يمدنا بكمية من الطعام ايضا ويغادر صامتا… لا يجرؤ احد على النظر حتى الى الطعام من دون تلقّي الأمر بالمباشرة بتناوله… الرعب كان يذبحنا'.

وفي شهادة نشرت في التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، قال أحد السجناء السابقين إنه 'ﻛﺎﻥ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﺴﻦ ﻻ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻨﻖ ﻟﺨﻔﺔ ﻭﺯﻧﻬﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﺴﺎﻋﺪﻭ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﻳﺸﺪﻭﻧﻬﻢ إﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻭﻳﺤﻄﻤﻮﻥ أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ .

ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﺻﻴﺪﻧﺎﻳﺎ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻼﻏﺘﺼﺎﺏ أﻭ ﻳﺘﻢ ﺇﺟﺒﺎﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ .

ﻳﺘﻢ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﺛﻢ ﺷﻨﻘﻬﻢ بمنتصف ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎ .

ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻃﻌﺎﻡ ﺗﺘﻢ ﻋﺒﺮ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ أﺭﺽ ﺍﻟﺰﻧﺰﺍﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻐﻄﺎﺓ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ.

ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﺱ ﻳﺴﺎﻝ ﻛﻞ ﻋﻨﺒﺮ ﻛﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ‏(ﺟﺜﺚ)، ﻛﺎﻧﺖ أيام ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ ﺗﺼﻞ إلى 13.

ﻳﻮﻣﻴﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻄﻘﻄﻘﺔ ﻭﺃﺻﻮﺍﺕ ﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻳﻤﻮﺗﻮﻥ ﺍﺧﺘﻨﺎﻗﺎ .

ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺴﺠﻦ، ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻤﻨﻮﻉ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻭﺿﻌﻴﺎﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ إﻟﻰ ﺍﻟﺰﻧﺰﺍﻧﺔ'.

وكتب السجين السابق في صيدنايا، دياب سرية، عندما كنت أستمع إلى شهادة أحد الشباب المفرج عنهم من صيدنايا مع فريق منظمة العفو الدولية (أثناء الإدلاء بشهادتي)، تحدث الشاب عن الحرمان من الماء الذي تمارسه إدارة السجن على المعتقلين (طبعا حصة السجين من الماء في أحسن الأحوال هي بمقدار علبة كولا 330 ملم، هذه الحصة هي لكي يشرب ويستخدمها في قضاء حاجته، تحدث الرجل عن قطع للماء استمر لمدة أربع أيام ووصف بكلمات تقشعر لها الأبدان حالة الهلوسة وتخيل الماء التي أصابت المعتقلين وقال كيف كان السجانون يتلاعبون بأعصابهم بضخ كمية قليلة من الماء في البواردي كي تحدث صوت قرقعة تجعل السجناء يتهافتون على الماء مثل الكلاب، بحسب وصف السجان الذي كان يخرجهم إلى التعذيب عقوبة للتجمع عند صنبور الماء... الشاب أخبرنا أنه فكر مع سجناء منفردته بشكل جدي أن يشربوا ماء جورة التواليت المليئة بالفضلات لشدة عطشهم ولموت أحد السجناء من العطش والتعذيب... توقف عن الكلام والتفت إلي، كانت الدموع تملأ عيناي، احتضنا بعضنا واحتضنا فريق منظمة العفو الذي كانت عيونه تذرف الدموع أيضا'.

التعليقات