بين حيفا وموديعين
السفر من المدينة الساحليّة حيفا، الّتي أسكنها، إلى مدينة المنخفض موديعين[1]، الواقعة في مركز البلاد، جنوبيّ مدينتَي اللدّ والرملة، يحمل بين دفّتيه تاريخًا واسعًا. الانتقال من فضاء المدينة الساحليّة العتيقة نسبيًّا، إلى فضاء المدينة الجنوبيّة الحديثة النشأة، ذات السبعة والعشرين عامًا، القائمة على أنقاض أربع قرًى فلسطينيّة مهجَّرة ومدمّرة كلّيًّا منذ عام 1948. لهذه الأراضي وفضائها الجغرافيّ تاريخ من آلاف السنين، والانتقال النوعيّ هذا يحمل معه معاني تاريخيّة وأثريّة.
بالرغم من أنّ جمال مدينة حيفا، ومسكني على قمم جبالها، وفي حارة دينيا الهادئة نسبيًّا تطلّ على البحر وسلسلة جبال الكرمل وغاباته؛ إلّا أنّ ضواحي فضاء مدينة موديعين وتلالها لها عندي جمال خاصّ، يُنعش الروح ويثير الوجدان والحنين في كلّ مرّة أزورها مع نهاية كلّ أسبوع. يعود هذا إلى طبيعة المكان وفضائه وجغرافيّته، الّذي أتحسّس خلاله فلسطين التاريخيّة.
أشاهد ذلك من خلال التلال، الّتي تحيط المدينة، منها تلال بعض القرى المهجَّرة الّتي أصبحت مساحاتها في حيّز أراضي موديعين، وقرية برفيليا، والبرج، وبير معين، وعنّابة. منظر التلال في فصلَي الشتاء والربيع جميل جدًّا. على مدّ النظر، نراها مفروشة بالبساط الأخضر الطبيعيّ. أمّا في فصلَي الصيف والخريف، فتكتسي تلالها باللون الأصفر. أمّا ما أشاهده أمام ناظري من غابات الكرمل، فخضراء تظلّ في الفصول الأربعة. ومن طبيعة التلال أيضًا، أنّها تحمل الأحجار الجيريّة الكلسيّة الصغيرة، ويزداد جمالها بانتشار الصخور الطبيعيّة وأشجار الخرّوب والسريس. فضلًا على النباتات الموسميّة من الخبّيزة، والزعتر، والزعرور، والشومر، واللوف، وعصا الراعي، و(البرقوق)، وشقائق النعمان، بلونيها الأحمر والبنفسجيّ. كلّ هذا الجمال لمّا يُصنَّع ولمّا تطله اليد البشريّة بعد، بقي على طبيعته كما خُلِق منذ القِدَم، ليست مثل جبال الكرمل، الّتي حُرِّشت بأشجار غريبة الموطن، في وطن غريب عنها.
مع وجود التلال الطبيعيّة، هناك أيضًا التلال المحرَّشة الّتي تختبئ بينها، أو للدقّة، خبأها «الصندوق القوميّ الإسرائيليّ» بقصد زراعة أشجار الصنوبر والسرو[2]. نجد أحجار البيوت الفلسطينيّة المهدَّمة منذ عام 1948، وبيوتًا أخرى منذ عام 1967. نشاهد شواهد القبور الّتي تحمل أسماء ساكنيها العرب، على سبيل المثال، قرية عمواس المهجَّرة. على تلال أخرى نجد القلاع التاريخيّة من الفترتين الرومانيّة والبيزنطيّة، وخلف تلك التلال، مرتفعات جبال يهودا (جبال القدس والخليل)، منها المحرَّشة ومنها غير المحرَّشة، وهي ضمن حيّز الضفّة الغربيّة، والجبال المحرَّشة ضمن حيّز الدولة الاستعماريّة الإسرائيليّة. عندما نشاهد الجبال من بُعد، نستطيع معرفة موقع الجبال من ألوانها؛ فالجبال البيضاء خالية من الأحراش الخضراء، ضمن جبال الضفّة الغربيّة. أمّا الجبال الخضراء المليئة بالأشجار الحرشيّة ضمن حيّز الدولة، على سبيل المثال: جبال القدس، فالموروث المادّيّ الفلسطينيّ له امتداد آخر في هذا الحيّز.
عنّابة... قرية الشيد المنسيّة
قبل فترة كنت أتجوّل بين وديان وتلال بلدة موديعين. عندما كنت أعتلي إحدى التلال، شاهدت عن بُعد مبنًى كوخيًّا يشبه المغارة، فبدأت بالتوجّه إلى المكان. عندما اقتربت، بدأت بالسير في الوادي، وكان على يميني وعلى شمالي أبنية منتشرة على طول الوادي. بعد الفحص، تبيّن أنّ هذه الأبنية ونصفها المهدوم نتيجة تغيّرات المناخ، تعود إلى أفران الشيد العربيّة، الّتي كانت تتبع لقرية عنّابة الفلسطينيّة، المهجَّرة والمدمَّرة كلّيًّا، منذ تمّوز (يوليو) عام 1948، وقد بقيت هذه الأبنية قائمة إلى يومنا.
يُلْفَظ اسم ’عنّابة‘ بفتح العين، وعند فئة أخرى من سكّانها بكسر العين. اسم ’عنّابة‘ مشتقّ من اسم شجر العنّاب. ربّما سُمِّيت بهذا الاسم لكثرة شجر العنّاب الّذي كان ينمو بكثرة في أراضيها. ويُرَجَّح أنّ اسمها جاء من الفترة الرومانيّة، حيث عُرِفت القرية آنذاك باسم بيتو أنّابا[3]. ويظهر هذا الاسم في خريطة مأدبا الفسيفسائيّة في الأردنّ.
في إحصاء حكومة الاستعمار البريطانيّ الأوّل، الّذي أجرته في عام 1922، جاء أنّ عدد سكّان قرية عنّابة 863 نسمة. أمّا بموجب إحصاء ذات الحكومة، في عام 1931، فازداد عددهم إلى 1135، وإلى 1420 نسمة في عام 1945.
كانت قرية عنّابة تُعتبَر مركزًا للقرى المجاورة لها؛ لوجود الخدمات فيها؛ من مدرسة، وطاحونة الحبوب الّتي لم يكن مثلها في القرى الأخرى[4]. تأسّست في عام 1920 المدرسة الأولى في القرية، بعد تحويل مزار الشيخ عيسى إلى مدرسة. وفي البداية، لم يكن ثمّة غير معلّم واحد في المدرسة، قبل اتّساعها لتضمّ 167 طالبًا في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، ووصول عدد المعلّمين إلى أربعة. وضمّت المدرسة مكتبة فيها 383 كتابًا. وفي القرية كان 220 رجلًا يعرفون القراءة والكتابة[5]. بعد المرحلة الابتدائيّة، كان الطلّاب يكملون الدراسة في مدارس الرملة أو مدارس القدس. وكان في عنّابة اثنا عشر دكّانًا ومقهيان[6]. ومن العائلات الّتي سكنت قرية عنّابة، وأشير إليها في كتاب «كناعة وإشتيّة»[7]، بالحمائل هي: آل عيدة، محمود، طُمالية، حسن، الكسجي، عائلة جابر، أبو عبده، سمارة، الخطيب، البغدادي، عبد الحقّ، قطاوي، الباز، أبو ملش.
أفران الشيد الباقية
أقامت الاستعمار الإسرائيليّ عام 1950 مستوطنة كفار شموئيل على جزء من أراضيها، ومساحات واسعة من أراضي القرية ما زالت فارغة. أُنْشِئ في وسط مدينة موديعين متنزّه أُطْلِق عليه «بارك عَنَڨاه»، وأقيم أيضًا مركز تجاريّ كبير تابع لمدينة موديعين، أُطْلِق عليه اسم «مركز عِناڨ». ومن الجدير ذكره أنّ الاسم قد عُبْرِن مع الوقت، وذلك ملاحظ من خلال اللافتات المشيرة إلى المكان، حيث حوّلت حرف الباء إلى حرف ڨاء.
أحد الأفران، الّذي اقتربت منه، كان منصوبًا على واجهته الرخاميّة، وكُتِب عليها بالعربيّة: "بسم الله الرحمن الرحيم، رأس الحكمة مخافة الله"، وسنة إنشائه 1925. بعد دراستي عن المكان، تبيّن أنّها الرخاميّة الوحيدة الباقية على واجهة هذا الفرن المرقَّم برقم 24، وأشير إليه بدراسة بحثيّة، سنصل إليها في ما يلي.
فضلًا على الأفران، نجد أيضًا بعض الآثار في أراضي القرية من أضرحة، وشواهد القبور، علاوة على انتشار أشجار التين والتوت في أراضيها. وآبار المياه المنتشرة فيها أيضًا، ونبات الصبّار الّذي كان يحيط بحواكير بيوت القرية. كلّ هذه البقايا التاريخيّة، شاهدة على أنّ قرية عنّابة عاشت هنا ذات يوم حياة مليئة.
كانت هذه المرّة الأولى الّتي أنكشف فيها على تاريخ أفران الشيد، وهذا أثار فضول المعرفة لديّ أن أعرف تاريخها. لذلك توجّهت إلى البروفيسور بنيامين قيدار، الّذي يسكن في موديعين، وهو مؤرّخ من «الجامعة العبريّة»، ورئيس مجلس «سلطة الآثار» سابقًا. إذ كشف لي عن وجود الأفران في المنطقة، وعرّفني إيّاها بجولة قمنا بها معًا، وأتممت معرفتي عنها، من الأدبيّات التاريخيّة.
ورد في كتاب «كناعنة وإشتيّة» أنّ عدد أفران الشيد حول قرية عنّابة أحد عشر فرنًا[8]. وفي دراسة بحثيّة مهنيّة معمَّقة عن أفران الشيد في قرية عنّابة[9]، أجراها المعماريّ رافي ريش والباحث آڤي ساسون، أُحْصِيت الأفران، وعددها أربعة وعشرون فرنًا، موثَّقة بالصور والأدلّة الأرخيلوجيّة والتاريخيّة، ومشار إلى مواقعها بدقّة عالية. من الجدير ذكره، أنّ أكثر من مئة فرن، منتشر في المنطقة، وأنّ هذه الصناعة كانت معروفة ومنتشرة جدًّا في رحاب فلسطين وبلاد الشام، وقد بقيت هذه الأفران تعمل حتّى نهاية سنوات الستّينات من القرن الماضي. على سبيل المثال، في قرية الرينة الواقعة في ضواحي مدينة الناصرة.
صناعة الشيد تاريخيًّا
منطقة موديعين والمنخفضات من المناطق الوحيدة في البلاد، الّتي نستطيع من خلالها تتبُّع التطوّرات التكنولوجيّة لإنتاج الشيد منذ آخر ثلاثة آلاف سنة. كانت صناعة الشيد تُعَدّ من الصناعات اليدويّة التقليديّة في القرى قديمًا في بلاد الشام، وكان الشيد يُعْتبَر مادّة أساسيّة تُسْتخدَم في البناء، وهي مأخوذة من الحجارة الجيريّة الكلسيّة، بحيث تُوضَع في حفرة كبيرة بمساحة خمسة أمتار في أربعة، بشكل مرتّب داخل الحفرة، وعلى شكل دائريّ، ويبقى للفرن فتحة في أعلاه من أجل تصاعد الدخان، ومن الأمام فتحة لرمي الحطب أو النبات المشتعل من أجل إشعال النيران لتحويل الحجارة إلى شيد. وبعد ذلك تُسْقَف الحفرة كاملة بالحجارة والطين باستثناء فتحة تُتْرَك كمدخنة. عندما تصبح الحجارة محروقة وهشّة، ويميل لونها إلى البرتقاليّ، يسحقها الصنّاع إلى دقيق ناعم، تُعْرَف ببودرة الشيد أو مسحوق الشيد.
استُعْمِل الشيد في البداية أحد مركّبات البناء لتعمير البيوت قبل أن يُكْتشَف الباطون، واستُخْدِم لطلاء البيوت، ولتثبيت الحجارة عند البناء وسدّ الفتحات بينها، وفي مستحضرات التجميل أيضًا.
عملت هذه الأفران في الفترة العثمانيّة، حتّى سنوات العشرين من بداية الاستعمار البريطانيّ بطرق بدائيّة. استخدموا نبات البلّان لإشعال الأفران، وينمو هذا النبات في منطقة يهودا في المساحات المفتوحة تحت أشعّة الشمس. يميّز هذا النبات أنّه يشتعل ويصل درجة حرارة عالية جدًّا بفترة قصيرة. هذه النبتة ساعدت الصناعيّين الّذين أرادوا الحصول على الطاقة الحراريّة لوقود أفران الشيد، فالبلّان كان يتوفّر بوفرة كبيرة في هذه المنطقة، لكن مع الوقت بدأ يتلاشى نتيجة قطعه واستعماله الكبير لإشعال الأفران، ونتيجة الحيوانات الّتي ترعى في المكان. البلّان كان معروفًا بهذا الاسم في شمال البلاد، وفي منطقة يهودا عُرِف باسم النتش.
صناعة الشيد في منطقة عنّابة يعود تاريخها إلى فترة الاستعمار البريطانيّ، وقسم كبير من مواقد الشيد استُخْدِم للبناء في السهل الساحليّ؛ ففي فترة الاستعمار البريطانيّ تطوّرت هذه الأفران، وبدأت تعمل على الفحم المستورد من أوروبّا، أو وقود من النفط أو السولار، وما إلى ذلك. ومن الجدير ذكره أنّ الأفران كانت تُبْنَى بعيدة عن البيوت، في مساحات القرية الخارجيّة.
كان النساء والرجال يشاركون في صناعة الشيد، وكان الناس يتعاونون مع بعضهم بعضًا؛ فهذه الصناعة كانت فقط في فصل الصيف، إذ الحاجة إلى أن تكون الأحجار والنباتات جافّة من الرطوبة أو المياه لتكون صالحة للاشتعال. كانوا يقطعون الحجارة من الصخور، وفي يومنا هذا، نستطيع مشاهدة الكسّارة الّتي استعملوها وحفروها يدويًّا، وهي عبارة عن شكل دائريّ. كلّ فرن كان له كسّارة قريبة منه. فضلًا على أنّ عمليّة قلع نبات البلّان الشوكيّ، في حدّ ذاتها، كانت عمليّة شاقّة جدًّا، لأنّها شوكيّة، وفي حاجة أيضًا إلى جلب كمّيّة كبيرة لأنّها تشتعل سريعًا. من خلال الصورتين، نستطيع أن نتعلّم عن عمل الفلّاحين والفلّاحات. في صورة رقم 4، نشاهد امرأة تحمل على رأسها مجموعة كبيرة من نبات البلّان/ النتش، بعد أن حصدته من الأراضي المفتوحة مع نساء أخريات؛ فوظيفة النساء كانت إحضار النبات ليُحْرَق، ونرى رجلًا يقف عند فتحة الفرن لإشعاله[10]. وعندما كانت الكمّيّة كبيرة، كانت تُنْقَل بواسطة الحيوانات، وفي صورة رقم 5 نشاهد رجالًا يحصدون نبات البلّان الشوكيّ[11].
كانت أفران الشيد تتراوح ملكيّتها بين الملكيّة الفرديّة والشراكة. وكان لهذه الأفران مستثمرون من الرملة، حيث قُدِّمت لهم الأرض مقابل إسهامهم في رؤوس أموال لبعض الأفران؛ فقد كانت تُنتج يوميًّا ما مقداره 500 طنّ من الشيد، الّذي كان يُسَوَّق في أسواق تل أبيب وريشون لتسون[12]. وقد جاء في دراسة ريش وساسون شهادة شفويّة، للباحث والمطّلع على منطقة موديعين، زوهر برعم الّذي يعيش في قرية شيلات[13]: "في محادثتي مع سكّان عرب يسكنون بالقرى المجاورة في المنطقة، أنّ الأفران بُنِيت في سنوات العشرينات من القرن الماضي، من أجل توفير موادّ بناء لبناء بيوت مدينة تل أبيب"[14]. وورد أيضًا عند المؤرّخ الإسرائيليّ زئيف فيلنائي أنّ السكّان العرب في قرية عنّابة عملوا في إنتاج الشيد بأفران مبنيّة بقيت واقفة حتّى يومنا[16]، وقد أصبح مكان الأفران اليوم جزءًا من مساحات مدينة موديعين.
أفران مهدّدة بالزوال
في مقابلة هاتفيّة أجريتها مع الحاجّ كاظم يوسف محمّد جابر (أبو يوسف)[16]، أحد مهجَّري قرية عنّابة، ومن مواليدها في عام 1939، ويعيش اليوم في صور باهر في مدينة القدس، أخبرني أنّ والده يوسف جابر، في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، كان يملك أحد هذه الأفران في القرية. الحاجّ كاظم استعمل كلمة ’اللتون‘ بدل ’الفرن‘، وكلمة لتون هي المستخدمة عند السكّان ’أتون‘، تعني ’الموقد الكبير‘، وهي نوع من أنواع الأفران الّتي تُسْتخدَم لإحراق بعض الموادّ كالسيراميك أو الطين أو الحبوب. وكان والده قبل ذلك يبيع حجرًا للبناء كانوا يقصّونه من الصخر الّذي نسمّيه بالحجر اليابس أو المدقوق، لهدف بناء البيوت؛ فوالده كرّس عمله في صناعة إنتاج الشيد حتّى عام 1948، حين كان تجّار يهود يأتون لشراء الشيد من والده. ويذكر أنّ سكّان القرية كانوا يطلون حيطان بيوتهم بالشيد.
دراسة ريش وساسون عبارة عن خطّة مدروسة لإنشاء متنزّه، يحمل اسم «متنزّه أفران الشيد»، وهذا المتنزّه سيشكّل متحفًا طبيعيًّا مفتوحًا في رحاب الطبيعة. الهدف من الدراسة والمخطّط الّذي قُدِّم إلى بلديّة موديعين في عام 2007، هو الحفاظ على الأفران وصيانتها وحمايتها من التغيّرات المناخيّة، وهدف آخر تعرُّف طريقة صناعة الشيد القديمة، والتعريف أيضًا بموقع هذه الأفران من الناحية النمطيّة والزمنيّة والجغرافيّة والأثريّة، ويهدف أيضًا إلى التوضيح التاريخيّ والتكنولوجيّ لإنتاج الشيد في جميع مراحله، مع فهْم الترتيب الطبيعيّ والثقافيّ الّذي جلب مثل هذه الكمّيّة الكبيرة من الأفران في مكان واحد، وتركيزها في وادي عنّابة. وهذا المخطّط والمقترح قُدِّم قبل ستّة عشر عامًا، لكن حتّى يومنا هذا لم تُقدم بلديّة موديعين على فعل شيء في الموضوع، بل تركت المكان حتّى دون أن تضع لافتات تشير إلى هذا الموقع، وهذا ليس غريبًا، ربّما لأنّ هذه الأفران تكشف عن تاريخ عربيّ في قرية فلسطينيّة كانت هنا.
إحالات
[1] أُنْشِئت مدينة موديعين في عام 1994، على أنقاض قرية البرج وقرية بير معين وقرية عنّابة وقرية برفيليا الّتي هُجِّرت ودُمِّرت في عام 1948. وفي عام 1996 بدأ إسكان المدينة. تقع المدينة في مركز البلاد بمحاذاة بلدة رعوت وبلدة مكابيم، تُشكّل البلدات الثلاث مجلسًا محلّيًّا واحدًا. يعود مصدر تسميتها إلى القرية القديمة موديعين أو موديعيم المذكورة في التلمود، كُتِبت أحيانًا بحرف الميم أو النون في نهايتها.
[2] تأسّس «الصندوق القوميّ الإسرائيليّ» (الكيرن كيميت) في عام 1901، وهو منظّمة صهيونيّة استعماريّة هدفها جمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي واستيطانها في فلسطين العثمانيّة وما تلاها. وبعد قيام الدولة كان لها هدف آخر هو تحريش البلاد، وطمس البلدات العربيّة الّتي دمّرتها العصابات الصهيونيّة في عام 1948، وإخفاؤها.
[3] مصطفى مراد الدبّاغ، بلادنا فلسطين الجزء الرابع - القسم الثاني (كفر قرع: دار الهدى للنشر والتوزيع، طبعة 2002)، صفحة 506.
[4] وليد الخالدي، كي لا ننسى: قرى فلسطين الّتي دمّرتها إسرائيل عام 1948 وأسماء شهدائها (بيروت: مؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة، 1997)، صفحة 240.
[5] الدبّاغ، صفحة 507.
[6] شريف كناعة ومحمّد إشتيّة، القرى الفلسطينيّة المدمَّرة رقم (5)، جامعة بير زيت مركز الوثائق والأبحاث، تشرين الأوّل 1987، صفحة 40-41.
[7] شريف كناعة ومحمّد إشتيّة، القرى الفلسطينيّة المدمَّرة رقم (5)، جامعة بير زيت مركز الوثائق والأبحاث، تشرين الأوّل 1987، صفحة 40-41.
[8] المرجع نفسه، صفحة 40.
[9] متنزّه الأفران: متحف مفتوح لصناعة الشيد في وادي عنّابة، موديعين، صندوق لبحث السهل الساحليّ، أشكلون 2007 (بالعبريّة).
[10] مكتبة الكونجريس الأمريكيّ مجموعة ماتسون، الصورة رقمها 02208.
[11] المرجع نفسه، رقم الصورة 07349.
[12] كناعنة وإشتيّة. صفحة 40.
[13] مستعمرة إسرائيليّة أُنْشِئت في عام 1977 على أراضي قرية شلتا الفلسطينيّة المهجَّرة في عام 1948.
[14] ريش وساسون، صفحة 27.
[15] زئيڤ ڤلنائي، "شعلڤيت وبيئتها"، إصدار خاصّ، 1967، صفحة 18 (بالعبريّة).
[16] مقابلة هاتفيّة، 16 كانون ثاني (يناير) 2023.
باحثة فلسطينيّة من حيفا، تعمل محاضِرة ومدرّبة في موضوعات التاريخ الشفويّ والتاريخ الاجتماعيّ الحيفاويّ ومذكّرات الناس.
التعليقات