المفاوضات اليمنية لم تردم الهوة بين الطرفين

ثمانية أسابيع مرّت على انطلاق المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله - الحوثيين برعاية الأمم المتّحدة في الكويت، دون أن ينجح المبعوث الدّوليّ في ردم هوّة غياب الثّقة بين الطّرفين وتحقيق اختراق يضع النّزاع على سكّة الحلّ.

 المفاوضات اليمنية لم تردم الهوة بين الطرفين

صنعاء، اليمن

ثمانية أسابيع مرّت على انطلاق المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله - الحوثيين برعاية الأمم المتّحدة في الكويت، دون أن ينجح المبعوث الدّوليّ في ردم هوّة غياب الثّقة بين الطّرفين وتحقيق اختراق يضع النّزاع على سكّة الحلّ.

ومنذ انطلاق المشاورات في 21 نيسان/أبريل، حاول المبعوث الخاصّ للأمين العامّ للأمم المتّحدة، إسماعيل ولد الشّيخ أحمد، إضفاء تفاؤل على مسار التّفاوض، وكرّر أنّ 'التّنازلات' مطلوبة من الجانبين، وأنّ 'الفشل خارج المعادلة' في ظلّ نزاع حصد أكثر من 6400 قتيل وزهاء 30 ألف جريح، خلال نحو 15 شهرًا، وسبّب ظروفًا إنسانيّة واقتصاديّة صعبة.

إلّا أنّ هذه الدّعوات لم تلق إلى حدّ كبير، آذانًا صاغية لدى وفد حكومة الرّئيس عبد ربّه منصور هادي، والحوثيّين وحلفائهم الموالين للرئيس السّابق علي عبد الله صالح. حتّى أنّ خطوات إيجابيّة محدودة، كالإفراج عن نصف المعتقلين بحلول شهر رمضان، لم تجد طريقها إلى التّنفيذ بالكامل.

ويقول مصدر دبلوماسيّ غربيّ إنّ 'الهوّة ما زالت كبيرة بين الطّرفين'، وإنّهما متباعدان في ظلّ 'عدم ثقة متبادلة'.

وبدت دول الخليج، المشاركة بمعظمها في التّحالف الذي بدأ عمليّاته نهاية آذار/مارس 2015، ساعية للدفع باتّجاه حلّ سياسيّ للنزاع. وعلى هامش التّفاوض خلال الأسابيع الماضية، سجّلت لقاءات بين المفاوضين اليمنيّين وقادة خليجيّين، أبرزهم أميرا الكويت وقطر، والأمين العامّ لمجلس التّعاون الخليجيّ عبد اللطيف الزياني.

وبحسب مصادر حكوميّة ودبلوماسيّة، تقدّم ولد الشّيخ أحمد مطلع حزيران/يونيو بعد سلسلة لقاءات مع المفاوضين ودبلوماسيّين من الدّول المعنيّة بالمشاورات، بخريطة طريق لحلّ سلميّ من ثلاث نقاط رفع إلى الوفدين.

ينصّ الاقتراح بحسب المصادر، على 'إلغاء الإعلان الدّستوريّ وحلّ الّلجنة الثّوريّة وما ترتّب عليهما'، في إشارة إلى ما تلا سقوط صنعاء بيد الحوثيّين في أيلول/سبتمبر 2014.

كما يدعو الاقتراح إلى تشكيل لجنة عسكريّة للإشراف على تسليم الحوثيّين لأسلحتهم الثّقيلة والمتوسّطة، والانسحاب من المدن التي سيطروا عليها بالقوّة، ومنها صنعاء والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى محافظات أخرى في الوسط والجنوب. كما ستعمل هذه اللجنة على 'إعادة ترتيب أوضاع الجيش والأمن'، و'تأمين المناطق التي يتمّ منها الانسحاب'.

وبحسب الاقتراح، يلي هذه الخطوات عودة الحكومة إلى صنعاء من مقرّها المؤقّت في عدن (جنوب)، خلال مدّة أقصاها شهران، وإصدار هادي عفوًا عامًّا. ويتبع ذلك إعلان 'حكومة شراكة وطنيّة' تمهّد الطّريق لاستئناف مسار سياسيّ لمرحلة انتقاليّة مدّتها عامان.

وفي سعي لوضع أسس للتقارب بين الطّرفين تقوم على خطوات حسن نيّة، حاول المبعوث الدّوليّ دفع الطّرفين للإفراج عن نصف المحتجزين لديهما قبل بداية شهر رمضان. ورغم التّوصّل إلى اتّفاق مبدئيّ على ذلك، إلّا أنّه لم يطبّق.

إلّا أنّ بعض المحتجزين تمّ إطلاقهم خلال الفترة الماضية، بينهم 187 أفرج عنهم الحوثيّون، بينما قام التّحالف بتسليم 52 طفلًا قال إنّه احتجزهم في مناطق المعارك، بعدما تم تجنيدهم من الحوثيّين.

'حلقة مفرغة'

واستؤنفت، الإثنين الماضي، المفاوضات المباشرة بعد تعليقها لزهاء أسبوعين. وقال ولد الشّيخ أحمد، فجر أمس الأربعاء 'استمرّ النّقاش حول القضايا العسكريّة والأمنيّة وتفاصيل تشكيل اللجان العسكريّة والأمنيّة'. ولا يزال وفد الحوثيّين يصرّ على مطلبه بتشكيل 'سلطة توافقيّة'.

وقال رئيس الوفد، محمّد عبد السّلام، في تصريحات صحافيّة، الثّلاثاء الماضي، إنّ 'أيّ ورقة لا تلبّي مطالب الشّعب بسلطة توافقيّة، سترفض'، موضحًا أنّ التّوافق يجب أن يشمل مؤسّسة الرّئاسة وتشكيل حكومة وحدة وطنيّة، إضافة إلى التّوافق على لجنة أمنيّة وعسكريّة.

في المقابل، لوّح الوفد الرّسميّ بالانسحاب في حال عدم تغيير الحوثيّين من موقفهم. وقال رئيس الوفد، وزير الخارجيّة اليمنيّ، عبد الملك المخلافي، في تصريحات لقناة 'سكاي نيوز عربيّة' ليل الثلاثاء 'ربّما نحتاج إلى أسبوع آخر، اعتقد أنّنا سنصل إلى النّهاية'، ردًّا على سؤال عن المدى الزّمنيّ لبقاء الوفد الحكوميّ في المشاورات.

وأضاف أنه 'ليس فقط وفد الحكومة بل أيضًا سفراء الدّول (المعنيّة بالمشاورات اليمنيّة) والمبعوث الخاصّ للأمم المتّحدة سيلملمون أوراقهم ويغادرون'، مؤكّدًا أنّ المفاوضات 'تدور في حلقة مفرغة' منذ بدايتها.

وتزامنًا مع محاولات تحقيق اختراق سياسيّ، بقي الوضع ميدانيًّا على حاله إلى حدّ كبير، مع تواصل تسجيل خروقات لوقف إطلاق النّار الذي بدأ تنفيذه منتصف ليل 10-11 نيسان/أبريل. والأربعاء، أفادت مصادر عسكريّة عن مقتل تسعة حوثيّين في غارة جويّة للتحالف العربيّ، ليل الثّلاثاء، على محافظة الجوف (شمال)، في حين قتل ثمانية حوثيّين وستّة من عناصر القوّات الحكوميّة خلال 24 ساعة من الاشتباكات في محافظة الضّالع (جنوب) التي تسيطر عليها القوّات الموالية للرئيس هادي.

رغم ذلك، أكّد مصدر دبلوماسيّ ثان رغبة الجانبين في مواصلة المشاورات. وقال إنّ '10 من 18 دولة راعية تعهّدت بالإشراف المباشر على تنفيذ الاتّفاق من خلال مراقبين دوليّين، مع الاحتفاظ بحقّ التّدخّل ضدّ أيّ طرف' يعرقل تنفيذه.

اقرأ/ي أيضًا| واردات السعودية من الأسلحة تحقق رقمًا قياسيًا

التعليقات