حلب: الانحدار نحو الجحيم

حذرت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، من وضع "مخيف" في أحياء حلب الشرقيّة، بعدما دفع التقدم السريع لقوات النظام على حساب الفصائل المعارضة أكثر من 20 ألف مدني إلى الفرار من شرق المدينة.

حلب: الانحدار نحو الجحيم

(أ ف ب)

حذرت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، من وضع "مخيف" في أحياء حلب الشرقيّة، بعدما دفع التقدم السريع لقوات النظام على حساب الفصائل المعارضة أكثر من 20 ألف مدني إلى الفرار من شرق المدينة.

دبلوماسيًا، طالب وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت، الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع فوري لبحث تطورات الوضع في حلب، وسبل تقديم المساعدات للسكان المحاصرين.

وقالت مصادر دبلوماسية إن الاجتماع سيعقد الثلاثاء أو الأربعاء.

وأعرب رئيس العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، الثلاثاء، عن "غاية القلق على مصير المدنيين بسبب الوضع المقلق والمخيف في مدينة حلب".

وفي خسارة هي الأكبر منذ سيطرتها على شرق المدينة في العام 2012، فقدت الفصائل المعارضة، أمس الإثنين، كامل القطاع الشمالي من الأحياء الشرقية إثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها في إطار هجوم بدأته منتصف الشهر الحالي، لاستعادة السيطرة على كامل مدينة حلب.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن نحو 20 ألف شخص فرّوا من مناطق شرق حلب، خلال الساعات الـ48 الأخيرة.

وذكرت متحدثة أن العدد هو تقديري وأن الوضع لا يزال عائمًا، مؤكدة أن "الناس يفرون في مختلف الاتجاهات".

وقال أوبراين إن "التقارير الأولى تشير إلى أن حوالي 16 ألف شخص نزحوا والكثير منهم يواجهون أوضاعًا صعبة. من المرجح أن آلافا آخرين ليس لديهم من خيار سوى الفرار في حال استمرت المعارك وازدادت حدة في الأيام المقبلة".

وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لفرانس برس، الثلاثاء، أن آلافًا نزحوا منذ ليل الإثنين-الثلاثاء إلى مناطق سيطرت عليها قوات النظام في اليومين الأخيرين، وتحديدًا من حيي الشعار وطريق الباب، اللذين يشكلان حاليًا خطوط المواجهات بين طرفي النزاع وفيهما كثافة سكانية مرتفعة.

(أ ف ب)

- "انحدار نحو الجحيم"-

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، بتينا لوشر، الثلاثاء، في جنيف إن المدنيين في شرق حلب يواجهون ظروفًا "رهيبة"، واصفة الوضع بأنه "انحدار بطيء نحو الجحيم".

وفي انتظار الحصول على موافقة من دمشق لإدخال المساعدات إلى شرق حلب، يستعد البرنامج لتلبية احتياجات العائلات التي وصلت إلى غرب المدينة.

وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس في شرق حلب، أمس، عشرات العائلات معظم أفرادها من النساء والأطفال، تصل تباعًا سيرًا على الأقدام. ويعاني أفرادها من الإرهاق والبرد الشديد والجوع، حتى أن بعضهم ليس بحوزته المال لشراء الطعام.

وأظهرت مقاطع فيديو لفرانس برس دمارًا هائلًا في شرق حلب، في وقت أعلن جهاز الدفاع المدني، الإثنين، نفاذ كامل مخزونه من الوقود، ودعا جميع "المنظمات الإنسانية والإغاثيّة والطبيّة التدخل السريع لوقف الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون".

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في حي الأنصاري، إبراهيم أبو الليث، لفرانس برس، بصوت متقطع "النزوح جماعي والمعنويات منهارة، تنام الناس على الأرض. لا مأكل ولا مشرب ولا مأوى أو ملجأ".

وطالبت منظمة العفو الدولية الحكومة السورية بحماية المدنيين في الأحياء الشرقية التي سيطرت عليها، مؤخرًا.

- اجتماع "فوري" -

وغداة توجيه الأمم المتحدة نداء عاجلا إلى الأطراف المتحاربة لوقف قصف المدنيين في شرق حلب، طالب وزير الخارجية الفرنسي، الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع "فورًا"، من أجل "النظر في الوضع في هذه المدينة الشهيدة وبحث سبل تقديم الإغاثة لسكانها".

وقال آيرولت في بيان "ثمة حاجة ملحة أكثر من أي وقت لتطبيق وقف للأعمال الحربية والسماح بوصول المساعدة الإنسانية بدون قيود".

في مجال آخر، أعلنت منظمات حقوقية إجلاء ما لا يقل عن 1200 مسلح وعائلاتهم من بلدة خان الشيح، أحد آخر معاقل المسلحين غرب دمشق.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "ما لا يقل 1200 من المقاتلين وعائلاتهم استقلوا مساء الإثنين حافلات من بلدة خان الشيح، تقع على بعد 25 كلم جنوب غرب دمشق، وصلوا الثلاثاء إلى محافظة إدلب" في شمال غرب البلاد.

ميدانيًا، تركزت الاشتباكات الثلاثاء في حيي طريق الباب والشعار الملاصقين لحيي جبل بدرو والصاخور اللذين خسرتهما الفصائل، أمس.

وأفاد المرصد بمقتل عشرة مدنيين على الأقل جراء غارات شنتها طائرات سورية على حي باب النيرب تحت سيطرة الفصائل.

ويعد تقدم النظام في شرق حلب أكبر انتصاراته، بعدما استعاد المبادرة ميدانيًا منذ بدء روسيا حملة جوية مساندة له قبل أكثر من عام، وفي ظل عجز دولي كامل إزاء إيجاد حلول لتسوية النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.

وتعد روسيا حليفة رئيسية لدمشق، لكنها لا تشارك حتى اللحظة في شن غارات على الأحياء الشرقية، بحسب المرصد.

وانتقد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف، الثلاثا،ء "تعامي" الغربيين حين "يتعلق الأمر بتقييم الوضع الحقيقي في حلب"، لافتا إلى أن "عمليات الجيش السوري الدقيقة غيّرت الوضع بشكل جذري في الساعات الـ24 الأخيرة".

وفي سياق متصل، أوعز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء، إلى الوزارات المعنية "بإرسال مشاف ميدانية متنقلة إلى محيط مدينة حلب، لتقديم المساعدة الطبية للسكان" وفق ما نقلت وكالات أنباء روسية عن الكرملين.

وقالت إنه سيتم إرسال مشفى، الأربعاء، يتسع لـ250 مريضًا يوميًا.

التعليقات