34 عاما على التحرير: استعراض شامل لتاريخ سيناء

تحتفل مصر، اليوم الإثنين، بالذكرى الـ34 لعيد تحرير سيناء، الذي يوافق 25 أبريل/نيسان من كل عام، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد

34 عاما على التحرير: استعراض شامل لتاريخ سيناء

تحتفل مصر، اليوم الإثنين، بالذكرى الـ34 لعيد تحرير سيناء، الذي يوافق 25 أبريل/نيسان من كل عام، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد.

نستعرض مراحل تحرير سيناء ووضعها الحالي وخريطة انتشار الجماعات المسلحة فيها، وتأثيرها على الاستقرار السياسي والأمني في مصر:

مراحل تحرير سيناء:

مرت عملية تحرير شبه جزيرة سيناء بالكامل بمراحل عدة، بعضها عسكري والبعض الآخر سياسي ودبلوماسي، استغرقت 15 عاما منذ الاحتلال إسرائيل لها عام 1967، حتى التحرير الكامل عام 1982.

-الكفاح المسلح

بدأت القوات المسلحة المصرية مواجهات حرب التحرير، في أعقاب هزيمة الجيوش العربية، من ضمنها المصري في نكسة عام 1967، والتي أدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي؛ وذلك من خلال تحركات ميدانية وتنسيقا عربيا.

خاض الجيش المصري ست سنوات، ما بين 1967 – 1973، من الكفاح المسلح ضد الكيان الإسرائيلي، حتى السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973، موعد بدء حرب العبور، والتي خاضتها مصر في مواجهة إسرائيل واقتحمت قناة السويس وخط 'بارليف'، أسفر عن استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في حزيران/ يونيو 1975.

-المفاوضات السياسية

بدأت المرحلة الثانية للتحرير بعد اليوم السادس عشر من بدء حرب تشرين الأول/ أكتوبر، وهي مرحلة المفاوضات السياسية، حيث صدر القرار رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وذلك بعد تدخل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، غير أن القوات الإسرائيلية خرقت القرار، فأصدر مجلس الأمن قرارا يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.

ودخلت إسرائيل في مباحثات عسكرية، الأمر الذي أدى إلى توقف المعارك في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.

وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1973، تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس 'شرقي البلاد'، وتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق وبدء تبادل الأسرى والجرحى، وهو الاتفاق الذي مهد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة.

-اتفاقيتا فض الاشتباك

في كانون الثاني/ يناير 1974، تم توقيع أول اتفاق لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، وهو الاتفاق الذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترا شرق القناة، كما حدد خطوط منطقة الفصل التي ستتواجد فيها قوات الطوارئ الدولية.

وفي أيلول/ سبتمبر 1975، وقع الطرفان اتفاقا ثانيا، تقدمت مصر بموجبه إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء.

-مبادرة السادات

نفذ الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مبادرته التي طرحها أمام البرلمان المصري باستعداده الذهاب لإسرائيل من أجل السلام، وهو ما حدث في تشرين الثاني/ نوفمبر 1977، حيث ألقى كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي طارحا مبادرته التي أكد خلالها أن تحقيق أي سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية لن يحقق السلام الدائم العادل.

-مؤتمر كامب ديفيد

استجابت مصر لمقترح أميركي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأميركية، وفي 18 أيلول/ سبتمبر 1978، تم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض، وهو ما مهد الطريق لتوقيع مصر وإسرائيل في 26 آذار/ مارس 1979 معاهدة السلام، والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

-الانسحاب التدريجي

وتضمنت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل جدولا زمنيا للانسحاب المرحلي من سيناء، ففي 26 أيار/ مايو 1979 رُفع العلم المصري على مدينة العريش، وانسحبت إسرائيل من خط 'العريش/رأس محمد' حيث بدء تنفيذ الاتفاقية.

وفي 26 يوليو/ تموز 1979، جاءت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء 'مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع'، من أبوزنيبة حتى أبو خربة.

وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979، تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية.

وفي 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979 انسحبت إسرائيل من منطقة سانت كاترين ووادي الطور.

وفي يوم 25 نيسان/ أبريل 1982 تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاما وإعلان هذا اليوم عيدا قوميا لمصر، وهو ذكرى تحرير كامل سيناء.

بعدها خاضت الدبلوماسية المصرية سبع سنوات لتحرير منطقة طابا، التي رفضت إسرائيل الانسحاب منها في أعقاب تنفيذ بنود معاهدة السلام عام 1982.

وبعد الرضوخ للتحكيم الدولي أعلنت هيئة التحكيم الدولية في 30 أيلول/ سبتمبر 1988، خلال الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف بالإجماع أن طابا أرض مصرية.

وضع سيناء الحالي:

- القوات الدولية

إلى جانب الوجود العسكري المصري في سيناء، توجد قوات أجنبية متعددة الجنسيات 'MFO'، وهي قوات غير خاضعة للأمم المتحدة، 40% منها قوات أميركية والباقي أغلبه من دول حلف شمال الأطلسي 'الناتو'، والقيادة دائما أميركية.

وتضم قاعدة القوات متعددة الجنسيات نحو 1500 ضابط وجندي، وتقع على بعد نحو عشرة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية جنوب مدينة الشيخ زويد شمال سيناء، وتضطلع تلك القوات التي أُنشئت عام 1982، بموجب اتفاقية 'كامب ديفيد'، بمهام حفظ السلام بين مصر وإسرائيل.

صورة من إحدى عمليات الجماعات الإرهابية بسيناء

-خريطة انتشار الإرهاب

وبعد 34 عاما على تحرير سيناء من السرطان الإسرائيلي، دب مرض آخر في شبه الجزيرة ممثلا في الجماعات الإرهابية جعلها في صدارة المشهد السياسي الإقليمي والدولي، لاسيما مع تزايد عدد الهجمات التي يشنها متشددون ضد قوات الأمن هناك.

واستهدفت جماعات مسلحة متشددة منذ سنوات مدن سياحية جنوب سيناء، كشرم الشيخ، وطابا، ودهب، قبل أن يتزايد نشاط تلك الجماعات في السنوات القليلة الماضية، لتبلغ ذروته عقب الإطاحة بأول رئيس مدني منتحب في مصر، محمد مرسي، في الثالث من تموز/ يوليو 2013.

ولعوامل أبرزها غياب التنمية الاقتصادية، وضعف الاهتمام بالبنية التحتية في سيناء، تصاعد نمو الإحساس بالسخط لدى فئة كبيرة من الشباب السيناوي، ما جعلهم 'هدفا سهل الاستقطاب من قبل الجماعات المسلحة'.

وينشط في سيناء خلال الفترة الماضية عدد من التنظيمات الإرهابية، أبرزها 'أنصار بيت المقدس' والذي أعلن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 مبايعة أمير تنظيم 'داعش' في العراق وسوريا، أبو بكر البغدادي، وغير اسمه لاحقا إلى 'ولاية سيناء'.

وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 6% من مساحة مصر(1.001.450 كم²)، وتنقسم إداريا إلى محافظتين: شمال سيناء وعاصمتها العريش، وتقع على ساحل البحر المتوسط، وتنقسم إلى ستة مراكز إدارية تضم ست مدن هي 'العريش - بئر العبد - الشيخ زويد - رفح - الحسنة – نخل'.

أما محافظة جنوب سيناء وعاصمتها الطور، فتتكون من 8 أقسام إدارية هي 'أبورديس - أبوزنيمة - نويبع - دهب - رأس سدر - شرم الشيخ - سانت كاترين - طور سيناء – طابا'، وهي عبارة عن 8 مدن تضم 13 وحدة محلية قروية، و81 تجمعا بدويا.

وتمثل محافظة شمال سيناء بؤر تمركز وانتشار الجماعات المسلحة ومسرح عمليات قوات الجيش المصري، بينما تظل محافظة جنوب سيناء في منأى عن تلك المواجهات سوى عملية إسقاط طائرة الركاب الروسية نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي تحدثت تقارير روسية أن أحدا ما زرع عبوة ناسفة بجسم الطائرة قبل إقلاعها من منتجع شرم الشيخ الساحلي.

وبدأ الجيش المصري منذ شهر آب/ أغسطس 2013 حملة عسكرية واسعة النطاق سماه 'حق الشهيد'، بعد مقتل 16 جنديا برصاص مجهولين، حيث استمرت الحملة مع تزايد الهجمات التي استهدفت إلى جانب مقرات قوات الجيش والشرطة، تفجير خط الغاز الطبيعي المتجه إلى إسرائيل والأردن.

وفي رد فعل على الهجمات المتصاعدة، أعلنت الحكومة المصرية في كانون الثاني/ يناير الماضي، إنشاء منطقة عازلة في مدينة رفح، على الحدود مع قطاع غزة، بطول 1000 متر يمتد مع الشريط الحدودي، ودمرت أنفاق المقاومة في القطاع.

ويستخدم الجيش المصري مروحيات 'الأباتشي' ومقاتلات 'إف 16'، والمدرعات في عملياته التي تستهدف مقرات تمركز ونشاط المسلحين المناوئين له.

اللواء نبيل ثروت، وكيل جهاز المخابرات الأسبق والخبير العسكري، اعتبر أن تلك العمليات التي يقودها الجيش لا يمكن لها أن تقضي على الإرهاب بنسبة 100%

وأشار ثروت إلى أن تلك الجماعات المسلحة تمتلك أسلحة حديثة وتكنولوجيا كما يستخدم الجيش أسلحة حديثة، لكنه شدد على أن حجم الإرهاب في شبه جزيرة سيناء في تراجع مستمر، قائلا 'لا يمكن لمنظمات إرهابية أن تهزم جيشا نظاميا'.

وأضاف أن 'خطورة تلك الجماعات تكمن في أنها تستتر خلف الأهالي وعائلات، فضلا عن أن هؤلاء يهددون العائلات حال التبليغ عنهم، يتم قتلهم'.

وحول إمكانية تسببهم في أزمة لمصر خاصة كون سيناء متاخمة لإسرائيل، قال ثروت إن 'الإرهاب لا وطن ولا دين له وبالتأكيد يمثلون مصدر إزعاج، خاصة أنهم يقومون بغسل دماغ لبعض الشباب لتجنيدهم لتنفيذ عمليات انتحارية'.

جزيرة تيران التي 'تنازل' السيسي عنها وصنافير للسعودية

-الأهمية الاستراتيجية والتنمية الغائبة

من الناحية الاستراتيجية، تعتبر شبه جزيرة سيناء من أكثر الأقاليم المصرية أهمية، حيث تعتبر البوابة الشرقية لمصر، ومدخلاً أساسيا لأغلب الهجمات التي تعرضت لها البلاد عبر التاريخ، واكتسبت أهمية متزايدة في الفترة الأخيرة بعد قيام إسرائيل عام 1948، واحتدام الصراع العربي–الإسرائيلي على حدودها الشرقية، والتي كانت سيناء واحدة من ساحاته الرئيسية.

ورغم إنشاء الحكومة المصرية جهازا لتنمية سيناء منذ سنوات، فإنه لم ينجح في إنجاز أي من المشروعات المستهدفة حتى الآن.

وتكتسب سيناء أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية، حيث تعتبر المورد الأول للثروة المعدنية في مصر، ففي جزئها الغربي يقع عدد من آبار البترول الهامة الموجودة داخل وحول خليج السويس.

كما تتمتع منطقة شرق سيناء بوفرة الكثير من المعادن مثل النحاس، والفوسفات، والحديد، والفحم، والمنغنيز، بالإضافة لكميات من اليورانيوم، كما تحتوي على أجود أنواع الفيروز الموجود بالعالم ولهذا أطلق عليها 'أرض الفيروز'.

وتمثل السياحة أحد أهم الجوانب الاقتصادية في المنطقة حيث يوجد عدد من المنتجعات السياحية الشهيرة بمحافظة جنوب سيناء، في مقدمتها طابا، ودهب، وشرم الشيخ، ونويبع.

من جانبها، قالت رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة عين شمس، يمن الحماقي، إن السبب الرئيس في تدهور الأوضاع في شبه جزيرة سيناء منذ تحريرها حتى الآن يرجع إلى إهمال الجانب التنموي لشبه الجزيرة.

اقرأ/ي أيضًا | الثورة قادمة: يلا يا سيسي لم هدومك

وتابعت 'كانت سيناء مهملة ووصلنا إلى مرحلة اليأس من كثرة المطالبات بضرورة تعميرها، لكن شيئا لم يحدث'.

 

التعليقات