17% من أبناء المهاجرين الروس يغادرون إسرائيل دون رجعة

"جيل 1.5" هم أبناء المهاجرين الروس من سنوات التسعين، الذين تعلموا في إسرائيل ثم هاجروا منها إلى دول غربية أو موطنهم الأصلي، لعدة أسباب بينها تشدد الحاخامية وعدم اعتبارهم يهود، والأزمة الاقتصادية للطبقة الوسطى

17% من أبناء المهاجرين الروس يغادرون إسرائيل دون رجعة

أظهرت معطيات جديدة لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن فتى واحد من بين كل ستة فتية، أي 17% ممن هاجروا من دول الاتحاد السوفييتي السابق إلى إسرائيل، في بداية ومنتصف تسعينيات القرن الماضي، غادر إسرائيل ولم يعد إليها، أي أنه هاجر مرة أخرى إلى دول غربية أو عاد إلى موطنه. ويتضح من المعطيات، التي نشرتها صحيفة 'هآرتس' اليوم الثلاثاء، أن شبانا ناطقون بالروسية، وهم في أوج فترة الإنتاج في حياتهم، يميلون الآن إلى الهجرة من إسرائيل أكثر من مجموعات مهاجرين أخرى لإسرائيل، وبأضعاف اليهود المولودين في إسرائيل الذي هاجروا منها.  

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من عدم توفر معطيات حديثة بشأن المستوى التعليمي للمهاجرين من إسرائيل، إلا أن بحثا أجري في الجامعة العبرية في القدس دل على أن ظاهرة 'هروب الأدمغة' بين المهاجرين الروس مرتفع جدا.

ووفقا للباحث في معهد 'بروكديل' الذي يبحث في ظاهرة الهجرة لإسرائيل في التسعينيات، فإنه 'للنازلين (أي المهاجرين من إسرائيل) توجد ملامح بارزة نسبيا، وهم في غالب الأحيان شبان ومتعلمون'، بينما اعتبرت البروفيسور لاريسا ريمنيك أن 'هذه مشكلة قومية كبيرة، وإسرائيل لا تبذل جهودا كافية من أجل إبقاء هؤلاء البالغين الشبان والموهوبين والمتعلمين، الذي استجلبوا إلى هنا من خلال استثمار موارد كثيرة'.

وأضافت ريمنيك، وهي محاضرة في قسم العلوم الاجتماعية في جامعة بار إيلان وتجري أبحاثا حول 'جيل 1.5' من المهاجرين الروس، وهو جيل أبناء المهاجرين في التسعينات والجيل الذي وُلد في إسرائيل، أن 'إسرائيل بذلت جهودا هائلة في تنظيم الصعود (أي الهجرة لإسرائيل)، من خلال البحث عن يهود، وأنصاف يهود وأرباع يهود في كافة زوايا روسيا الكبرى. لكن عندما يأتون، يتركونهم وحيدين يحاولون إبقاء رؤوسهم فوق الماء. ةهذا ينطبق خصوصا على الهجرة الكبرى في بداية سنوات التسعين'.  

وتشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية إلى أنه بين العامين 1990 و1996 هاجر إلى إسرائيل حوالي 650 ألف شخص من دول الاتحاد السوفييتي السابق، بينهم 185 ألفا في سن دون العشرين عاما، 'جيل 1.5'. وتظهر المعطيات الجديدة أن 32 ألفا منها (17%) لا يعيشون في إسرائيل. وللمقارنة، فإن نسبة المهاجرين من إسرائيل بين مجمل المهاجرين الروس إليها تتراوح ما بين 11% و13%، بينما تصل هذه النسبة بين مواليد إسرائيل خلال السنوات 1970 – 1995، تصل إلى 5%.

وتفيد المعطيات بأن قرابة 300 ألف شخص غادروا إسرائيل من دون العودة إليها بين العامين 1990 و2014، و38% منهم هم من الهاجرين الروس.   

وسعى الخبير الديموغرافي الإسرائيلي، سيرجيو ديلا فيرغولا، من الجامعة العبرية والذي يتابع هجرة اليهود، إلى التخفيف من خطورة هذه الظاهرة بالنسبة لإسرائيل. وقال إن 'التوقع أن يأتي الجميع إلى هنا ولا يغادر أحد غير واقعي... فالحديث عن بشر يسعون إلى العمل وكسب الرزق والتأقلم والعيش بسعادة'. ووفقا لديلا فيرغولا وريمينيك فإن هجرة 'جيل 1.5' هي أيضا نتيجة لمستوى تعليمي جيد في إسرائيل ولكن سوق العمل صغير نسبيا.

لكن ديلا فيرغولا أشار إلى أن نسبة المهاجرين الروس غير اليهود من إسرائيل مرتفعة بشكل ملحوظ، وألقى باللوم على تشدد الحاخامية في إسرائيل، التي لا تعترف بيهودية هؤلاء، لأنهم لم يولدوا من أم يهودية أو لأن والدهم فقط أو جدهم يهودي، ووصف سياسة الحاخامية بأنها 'سياسة تهويد انتقائية ومتقاعسة ولا تلائم العرض'. إلا أن عدد غير اليهود بموجب الشريعة اليهودية بين المهاجرين الروس إلى إسرائيل في التسعينيات بلغ 11.2%.

ووفقا للباحث في معهد 'بروكديل'، الدكتور ميخائيل بيليبوف، فإن ثمة سببين رئيسين لهجرة 'جيل 1.5'. السبب الأول مشترك لمجمل الشبان في إسرائيل، وهو أن 'الطبقة الوسطى الإسرائيلية تعاني من غلاء المعيشة. والوضع أصبح أكثر تعقيدا، عندما لا تتلقى عائلة شابة الدعم من الأهل، أو في حال أن الأهل يحتاجون إلى مساعدة أولادهم. وهذا هو واقع عائلات المهاجرين'.

الأمر الثاني هو أن عدم الفصل بين الدين والدولة هي مشكلة خطيرة جدا بالنسبة للمهاجرين الروس في إسرائيل، وأهم ما في ذلك عدم وجود زواج مدني في إسرائيل. إلى جانب ذلك، وفقا لبيليبوف، فإن 'المهاجر يشعر بتعاطف أقل تجاه الدولة التي يولد ويكبر فيها، والعلاقات العائلية التي تشجعه على البقاء تكون أقل، وأحيانا يحمل بجعبته تجارب مؤلمة من فترة تأقلمه في الدولة الجديدة، مثل صعوبة التأقلم مع الثقافة في مجتمعه الجديد والاشتياق إلى مناخ مختلف وما إلى ذلك'. 

التعليقات