INSS: سيادة إسرائيلية على الضفة وفق إستراتيجية

خلص تقرير المعهد إلى أن قرار ضم إسرائيلي لأراض محتلة عام 1967 يجب أن يصدر في أعقاب دراسة إستراتيجية موسعة لرؤية إسرائيلية شاملة، وليس بناء على تداعيات سياسية داخلية.

INSS: سيادة إسرائيلية على الضفة وفق إستراتيجية

البؤرة الاستيطانية "رمات شلومو" (أ ف ب)

أصدر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، أمس الأحد، تقدير موقف حول ارتفاع الأصوات الداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق الضفة الغربية المحتلة عام 1967، وذلك في ظل مصادقة مركز حزب الليكود الحاكم على مشروع قرار يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على كافة المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة.

وخلص تقرير المعهد إلى أن قرار ضم إسرائيلي لأراض محتلة عام 1967 سيؤدي إلى فتح العديد من الجبهات على الصعيد السياسي والدبلوماسي والأمني، لذلك، اعتبر المعهد أن اتخاذ خطوة مماثلة يجب أن يصدر في أعقاب دراسة إستراتيجية موسعة لرؤية إسرائيلية شاملة، وليس بناء عبى تداعيات سياسية داخلية".

ورصد تقرير المعهد ارتفاع الأصوات الإسرائيلية الداعية، في الآونة الأخيرة، إلى "فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)". حيث طالب بعض السياسيين الإسرائيليين فرض السيادة الإسرائيلية على كامل مساحة الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الأغوار، فيما يشير البعض إلى المنطقة (ج)، أي المنطقة الواقعة خارج تجمعات المدن والقرى الفلسطينية الخاضعة لسيطرة السلطة (المنطقتان (أ) و(ب))، في حين يرى البعض إلى أن السيادة الإسرائيلية يجب أن تطبق على كل المستوطنات الواقعة في الضفة الغربية أو جزء منها.

وأكد المعهد في تقريره أن "تطبيق التشريع الإسرائيلي (القانون الإسرائيلي) على هذه المناطق هو في الواقع فرض للسيادة، وفرض السيادة هو في الواقع ‘ضم‘. الفرق الاصطلاحي لا يتعدى كونه تماشيًا مع الحساسية السياسية والدبلوماسية، قانونيًا لا يوجد هناك فرق جوهري".

واعتبر المركز، الذي يترأسه رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يدلين، أن "المقترحات المقدمة بهذا الشأن (فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة) عادة ما تستند إلى دوافع أيديولوجية تتعلق بحق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل الكبرى، في حين يركز البعض على حقوق المستوطنين الذين يعيشون في هذه المناطق، والذين يجدون أنفسهم ‘مواطنين من الدرجة الثانية‘ كون القانون الإسرائيلي غير مطابق تماما على مكان إقامتهم".

وبحسب تقرير المعهد فإن "إسرائيل لم تفرض سيادتها على كامل الأراضي التي احتلتها عام 1967 واكتفت بفرض سيادتها على القدس المحتلة".

وأشار المعهد إلى أن "المجتمع الدولي يعتبر كامل الأراضي الواقعة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أرض محتلة، وليس لإسرائيل أي حق في ضمها، وبناء على ذلك، لم يتم الاعتراف بضم القدس المحتلة. والمجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا تعتبر الأراضي المحتلة في القدس جزء من دولة إسرائيل".

وتابع التقرير أنه "في بقية مناطق الضفة، طبقت إسرائيل قوانين العسكرية القتالية، وهي قوانين احتلال بموجب القانون الدولي، مدفوعًا بالحاجة الإسرائيلية إلى إطار قانون ينظم عمل الاحتلال في المناطق التي استولت عليها خلال حرب (1967)".

وبالتالي، بحسب التقرير، "فإن القانون الإسرائيلي لا ينطبق على مناطق الضفة الغربية، ولا تزال إسرائيل تعتمد على القوانين التي كانت قائمة قبل احتلال عام 1967 والتشريعات العسكرية الصادرة بموجب أوامر قائد القوات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة"، وعلى الرغم من ذلك، أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي العديد من الأحكام بموجب قوانين إسرائيلية مدنية على البؤر الاستيطانية بالضفة المحتلة، في كل ما يتعلق في مجال التعليم، الرعاية، الرفاه وقوانين السلطات المحلية، وخلق حالة من الموازاة بين النظم التشريعية العسكرية والمدنية لصالح المستوطنين، وقد نشر مؤخرا أنه بناء على طلب وزير القضاة الإسرائيلية، أييلت شاكيد، صدرت توجيهات لتحسين وتسريع عملية تكييف القوانين المنطبقة على المستوطنات مع تغييرات بموجب القانون الإسرائيلي.

وأضاف التقرير أن ذلك "يعني أن العديد من الثغرات القانونية المتعلقة بالمستوطنين يمكن حلها دون الحاجة إلى تطبيق تام للقانون الإسرائيلي على مناطق الضفة الغربية المحتلة (فرض السيادة)، وبحسب المعهد، فإن الفرج الجوهري الوحيد الذي سيطرأ جراء فرض السيادة الإسرائيلية، هو في مجال القوانين المتعلقة بـ"الأراضي" في المنطقة (قوانين التنظيم والبناء وكل ما إلى ذلك).

ويرى المعهد أن "المشكلة الرئيسية الكامنة في فكرة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أو أجزاء منها هو تجاهل آثار هذه التدابير على الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنطقة وعلى مستقبل السلطة الفلسطينية، والآثار المترتبة على إسرائيل داخليا ودوليا".

وأوضح المعهد أنه "سيترتب على فرض السيادة الإسرائيلية على المنطقة (ج) منح الإقامة الدائمة لـ 200 إلى 300 ألف فلسطيني، مع جميع الحقوق المترتبة عليها، بما في ذلك حرية التنقل والحق في التأمين الوطني. كما سيكون لهم الحق في التقدم بطلب للحصول على الجنسية الإسرائيلية، رغم الترجيحات أن يحصلوا على وضع مماثل لسكان القدس الشرقية الذين لم يحصلوا على حقوق المواطنة"، ما اعتبره "وضعًا إشكاليًا بحد ذاته".

وبحسب التقرير المعهد، "فإن فرض السيادة الإسرائيلية على المنطقة (ج) سيؤثر أيضا على الفلسطينيين الذين يعيشون في سائر الضفة الغربية المحتلة، حيث تضم المناطق (ج) أراضي وممتلكات وبنية تحتية التي تعود إلى المقيمين في المناطق (أ) و(ب)".

وعلاوة على ذلك، من أجل التنقل في المناطق (أ) و(ب) يتحتم العبور من المنطقة (ج) التي تشكل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية، ذلك بالإضافة إلى الصلات العائلية، ما يثير التخوفات الإسرائيلية من أن "يؤدي انتهاك الحقوق الأساسية للفلسطينيين والقيود المفروضة على حركتهم، إلى مساءلات دولية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية".

وأشار التقرير إلى أنه "سيكون من الصعب تسوية الحقوق الأساسية المنصوص عليها في القانون الإسرائيلي. منح حقوق مختلفة لشرائح سكانية مختلفة في المنطقة ذاتها سيثير مسألة توصيف إسرائيل كونه نظام فصل عنصري (أبارتهايد )".

وأضاف التقرير أن "هذه الخطوة ستخلق أزمة خطيرة في العلاقات مع السلطة الفلسطينية، خصوصًا فيما يتعلق بتعاونها في مجال التنسيق الأمني، وحتى في مجالات مدنية أخرى". وأوضح التقرير أن "هذه الخطوة تتعارض تعارضا مباشرا مع الاتفاقات المبرمة بين الطرفين (معاهدة أوسلو) وتدل على عدم وجود نية للتوصل إلى حل للنزاع في إطار الاتفاق"، وتابع "أن هذه الخطوة سوف تخلق شعور باليأس بين الفلسطينيين بشأن آفاق تحقيق تطلعاتهم الوطنية، مما يزيد من دوافع العنف".

وتابع أن "قطع العلاقات بشكل كامل مع السلطة الفلسطينية سيدفع الجيش الإسرائيلي إلى توسيع مجال عملياته في عمق الضفة الغربية المحتلة، وسيشكل ضربة قاضية لفكرة حل الدولتين، وقد يؤدي ذلك إلى انهيار السلطة الفلسطينية، إما نتيجة للضغوطات التي قد تتعرض لها أو بقرار القيادة الفلسطينية بحلها". وفي مثل هذا السيناريو، يقول التقرير إن "إسرائيل قد تجد نفسها مسؤولة عن جميع السكان الفلسطينيين في جميع مجالات الحياة. والآثار المترتبة على ذلك كثيرة، سواء من حيث التهديدات الأمنية المتزايدة، ومن حيث الأعباء الاقتصادية الكبيرة المتمثلة في توفير احتياجات نحو 2.5 مليون فلسطيني، في ظل توقف الدعم الخارجي للفلسطينيين".

وعلى الصعيد الداخلي الإسرائيلي، يرى تقرير المعهد، أن "سياسة التمييز طويلة الأجل إزاء السكان الفلسطينيين، سيشكل عبئا ثقيلا على الديمقراطية الإسرائيلية والحفاظ على قيم الدولة. وأن أول ضحايا قرار الـ‘ضم‘، ستكون المحكمة الإسرائيلية العليا، حيث سيكون عليها أن تختار بين الاستمرار بحماية حقوق الإنسان، أو المواجهة المباشرة مع القيادة السياسية".

واعتبر المعهد أن "اقتصار تطبيق التشريع الإسرائيلي داخل المستوطنات الإسرائيلية فقط سيقلل إلى حد ما من آثار هذا التحرك على الفلسطينيين، غير أن هذه الخطوة ستعزز اعتبار إسرائيل دولة أبارتهايد بسبب وجود نظم قانونية تميز بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين. كما سيضر ذلك بشكل كبير بالتعاون مع السلطة، ولا سيما في مجال التنسيق الأمني".

وعلى الصعيد الدولي، أشار المعهد إلى أن "أي خطوة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، حتى لو اقتصر ذلك على المستوطنات، ستعتبر خطوة أخرى لإحباط حل الدولتين، وستعرض إسرائيل لخطر إطالة أمد الصراع. وستعتبر هذه الخطوة أيضا انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولقرارات دولية بشأن هذا الموضوع".

ولفت المعهد إلى وجهة النظر القضائية التي صدرت عن محكمة الدولية في لاهاي في عام 2004 بشأن جدار الفصل العنصري، والذي قال صراحة إن ضم أجزاء من المناطق المحتلة يشكل انتهاكا للقانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وإلى قرار مجلس الأمن 2334 الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2016، والذي وينص صراحة على أن مجلس الأمن لن يعترف بأي خطوة تتجاوز حدود 1967 دون موافقة الأطراف.

وأضاف أن "خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تقوض علاقات السلام مع مصر والأردن، وستصعب أي محاولة للتقارب مع بلدان أخرى في المنطقة".

ورغم الثقة الإسرائيلية أن "الفيتو" الأميركي قد يعرقل أي محاولة لإصدار قرار ضدها في مجلس الأمن الدولي، حيث من المتوقع أن يتم التحرك ضدها في جميع المحافل الدولية، بما فيها الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي، والتي قد تتضمن فرض عقوبات على إسرائيل. وعبّر التقرير عن القلق من أن "تتخذ الحكومات الأميركية في المستقبل قرارات عملية ضد إسرائيل، ولا سيما الإدارات الديمقراطية، التي لن تشعر بأنها ملزمة بمواصلة نهج إدارة ترامب تجاه إسرائيل وسياسة الاستيطان".

وحذر المعهد من أن "أي خطوة تقوم إسرائيل خلالها بضم مناطق من الضفة الغربية، ستضر بالتعاون الدولي مع إسرائيل، ولن تلق اعترافات دولية، وستشكل تهديدا لعضوية إسرائيل في العديد من المنظمات الدولية على غرار الفيفا".

وقدّر المعهد أن "قرار الضم سيؤثر أيضًا على القدرة الإسرائيلية المتعلقة بالإجراءات الجنائية الدولية". ولفت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تجري حاليا دراسة أولية تتعلق بتجريم الاستيطان، المعرفة أصلا بأنها جريمة حرب في دستور المحكمة. وقال "قرار الضم من شأنه أن يؤثر على قرار بفتح تحقيق ضد إسرائيل وتقديم لوائح اتهام، والتي من شأنها أن تشمل قادة إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الحكومة، إذ لا تعترف المحكمة الجنائية بحصانة رؤساء الدول".

وختم المعهد تقريره بأن اعتبر أن الالتفاف على كل ذلك وارد، وذلك عن طريق "اتخاذ مثل هذا القرار بعد مناقشة إستراتيجية جدية تتناول جميع الآثار والتداعيات المتوقعة، وكجزء من رؤية شاملة تهدف إلى تثبيت الوضع بما يكفل المصالح الإسرائيلية، وليس كخطوة منقوصة ناجمة عن سياسات داخلية".

ووفق اتفاقية أوسلو الثانية، الموقعة بين السلطة الفلسطينية والسلطات الإسرائيلية العام 1995، تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق "أ" و"ب" و"ج".

وتمثل المناطق "أ" 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريًا، أما المناطق "ب" فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

أما المناطق "ج"، والتي تمثل 61% من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة السلطات الإسرائيلية على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

التعليقات