تحليلات إسرائيلية: توقيت كشف مهاجمة منشآت كيميائية سورية رسالة لإيران

"دافع إسرائيل لمهاجمة السلاح الكيميائي السوري لم ينبع من القلق من استخدام غاز الأعصاب ضد المعارضة في سورية، وإنما من سعي إسرائيل إلى الحفاظ على توازن قوى لصالحها، ومن أجل الحفاظ على الستاتيكو القديم"

تحليلات إسرائيلية: توقيت كشف مهاجمة منشآت كيميائية سورية رسالة لإيران

أضرار لحقت بميناء اللاذقية بعد غارة إسرائيلية، في 7 كانون الأول/ديسمبر الجاري (أ.ب.)

اعتبر محللون عسكريون إسرائيليون اليوم، الثلاثاء، أن استهداف إسرائيل لثلاث منشآت سورية لصنع أسلحة كيميائية، في حزيران/يونيو الماضي بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، أمس، انطوى على رسالة مفادها أنها لن تسمح لأي دولة في المنطقة بتطوير أسلحة دمار شامل، وهي رسالة موجهة إلى إيران خصوصا.

وبحسب المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، فإنه كانت لهذا الهجوم "غاية مؤلفة من ثلاثة عناصر: الأول، منع حيازة سورية على قدرات غير تقليدية، حتى لو كانت في مراحلها الأولى. والثاني، التوضيح للأسد أن إسرائيل لن تسمح لسورية بالعودة إلى تهديدها بسلاح دمار شامل. والثالث، إرسال رسالة إلى دول أخرى، وفي مقدمتها إيران، بأن إسرائيل ستعمل بالطريقة نفسها ضد أي جهة تطور سلاحا يهدد وجودها".

وأضاف ليمور أن "الأسد، رغم تعهده، استمر في استخدام أنواع أخرى من السلاح الكيميائي ضد معارضيع، وبالكلور بالأساس. وفي إسرائيل حذروا من حقيقة أن العالم يسمح له بالقيام بذلك سيؤدي، عاجلا أم آجلا، إلى عودة سورية إلى إنتاج سلاح كيميائي أكثر تطورا، مثلما حدث فعلا".

وتابع أنه "خلافا للماضي، قررت إسرائيل عدم الانتظار إلى حين تتسلح سورية بكمية كبيرة من السلاح الكيميائي، وإنما تدميره في مراحل تطويره الأولى. لكن حقيقة أن سورية واصلت جهود التطوير، رغم أنها هوجمت في المرة الأولى، تدل على أنه إلى جانب الوجه الناعم الذي يحاول الأسد إظهاره للعالم، فإنه يواصل اليوم ايضا محاولة التسلح بقدرات دمار شامل".

وأشار ليمور إلى أن موقف الولايات المتحدة من الهجمات الإسرائيلية لم يتضح في تقرير "واشنطن بوست"، وخاصة "لماذا لم تشن الولايات المتحدة الهجوم بنفسها، بعد أن تعهدت بشكل واضح في الماضي بأنها لن تسمح لسورية بالعودة إلى حيازة سلاح كيميائي من اي نوع"، في أعقاب التسوية التي توصلت إليها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، عام 2013، بعد التوصل إلى صفقة بإخلاء 95% من مخزون السلاح الكيميائي من سورية مقابل عدم توجيه ضربة أميركية شديدة، وذلك بعد استخدام نظام الأسد هذا السلاح ضد المعارضة في الغوطة قرب دمشق.


الأسد ووزير خارجية الإمارات في دمشق (تصوير: رئاسة النظام السوري)

وتابع ليمور أنه "بامتناعهم عن شن هجوم، أهدر الأميركيون مرة أخرى فرصة لنقل رسالة إلى الشرق الأوسط والعالم كله. وإسرائيل، في المقابل، أصرّت على مبادئها وحتى أنها وسّعت "عقيدة بيغن’، التي بموجبها لن تسمح لأي دولة في المنطقة بحيازة قدرات نووية ولا كيميائية أيضا. ويبدو أن هذا كان الدافع لتوقيت النشر، أمس". يشار إلى أن "عقيدة بيغن" تنسب لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، مناحيم بيغن، في أعقاب تدمير إسرائيل للمفاعل النووي العراقي، في تموز/يوليو العام 1981.

وأضاف أنه "بالرغم من أن المعلومات المذكورة في التقرير ليست منسوبة لمسؤولين إسرائيليين بشكل مباشر، لكن شكله وتوقيته يدلان على أن ثمة من لديه مصلحة في الكشف عن هذه الهجمات الآن بالذات، فيما المحادثات النووية مع إيران في ذروتها، كي يتجاوز دويّها سورية، وخاصة نحو العواصم الغربية وطهران".

الحفاظ على توازن قوى لصالح إسرائيل

بحسب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، فإن "هذا الهجوم ليس عاديا وليس مشابها للهجمات الأخرى التي تشنها إسرائيل في إطار ’المعركة بين حربين’ في سورية. فقد كان هذا الهجوم (ضد المنشآت الكيميائية) بعيدا، عميقا، والغاية هذه المرة لم تكن إيران أو حزب الله، وإنما نظام الأسد".

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن إسرائيل شنت هجوما مشابها العام الماضي. وكتب يهوشواع أنه "بالإمكان التقدير أن الطائرات (الإسرائيلية) استخدمت مسارا هجوميا آخر ومفاجئا، وعلى الأرجح أن الطائرات الحربية استخدمت قنابل خاصة تخترق غلى عمق كبير من أجل إتمام المهمة".

وأضاف أن ثمة "عنصرين مثيرين في هذا الهجوم: الأول هو توقيت التسريب للصحيفة الأميركية، بعد انتهاء زيارة وزير الأمن، بيني غانتس، للولايات المتحدة مباشرة؛ وكذلك التلميح لجميع الجهات، إيران والولايات المتحدة، بأن نوايا إسرائيل جدية بالعمل ضد تطوير أسلحة غير تقليدية بحوزة أعدائها".

وتابع يهوشواع أن "الهجوم في سورية ليس مشابها لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية... لكن الذي سرّب للصحيفة حاول إظهار مقارنة معينة. والأمر الثاني المثير هو وصف التنسيق الأمني الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة".

من جانبه، رجح المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن دافع إسرائيل لمهاجمة السلاح الكيميائي السوري "لم ينبع من القلق من استخدام غاز الأعصاب ضد المعارضة في سورية، وإنما من سعي إسرائيل إلى الحفاظ على توازن قوى لصالحها، ومن أجل الحفاظ على الستاتيكو القديم".

وأشار هرئيل إلى أنه "يوجد استنتاجان من عودة النظام إلى إنتاج غاز أعصاب: الأول، أنه عندما تسنح له الفرصة، يعود الأسد أفعاله السيئة، وجميع تحذيرات المجتمع الدولي لن تفيد. والثاني هو أن النظام موجود في ذروة خطوة واسعة لترسيخ سيطرته في أنحاء الدولة".

وأضاف هرئيل أن "وفق تقديرات أجهزة الاستخبارات في غسرائيل، فإن هذه تبقى ’سورية الصغرى’، أي أن الأسد يركز على السيطرة على المدن الكبرى والربط بينها وبين تجمعات الطائفة العلوية في شمال غرب الدولة. وسيطرة النظام في باقي المناطق تكاد تكون غير ملحوظة وتسيطر فيها منظمات متمردين محلية، في الشرق، والأكراد في الشمال الشرقي، وتركيا في المنطقة التي ضمتها فعليا في شمال سورية".

التعليقات