شهدت صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة (Bitcoin ETFs) موجة تدفقات مالية غير مسبوقة خلال الساعات الماضية، بلغت قيمتها الإجمالية 375.1 مليون دولار في يوم واحد فقط، ما يمثل أعلى صافي تدفق يومي منذ أسابيع، ويشير إلى انتعاش قوي في ثقة المستثمرين المؤسسيين بالعملة الرقمية الأشهر في العالم.
وتأتي هذه التحركات في وقت استعادت فيه بيتكوين زخمها، إذ ارتفع سعرها بنسبة 2.1% خلال 24 ساعة فقط، ليصل إلى 71,200 دولار في الرابع من يونيو، وسط مؤشرات على عودة شهية المستثمرين بعد فترة من التذبذب وعدم اليقين.
وارتفعت كذلك أحجام التداول، إذ سجل زوج BTC/USDT (بيتكوين مقابل التيثر) زيادة بنسبة 15%، وهي واحدة من أكبر القفزات في حجم التداول اليومي منذ بداية مايو. هذا الارتفاع يعكس نشاطًا واضحًا في السوق، يُعزى جزئيًا إلى دخول مستثمرين جدد واستراتيجية إعادة التوازن لدى بعض المؤسسات التي أعادت توزيع استثماراتها بين الأصول الرقمية والتقليدية.
ويفسّر محللون هذا الاندفاع الجديد على أنه إشارة واضحة إلى التبني المتزايد للأصول الرقمية كجزء من المحافظ المؤسسية، خاصة في ظل تراجع عوائد السندات الحكومية وتقلبات أسواق الأسهم. فالعديد من الصناديق الاستثمارية الكبرى، التي كانت تتجنب الأصول الرقمية في السابق، باتت ترى في العملات المشفّرة مثل بيتكوين وسيلة للتحوط وتنويع المخاطر، لا سيّما مع تطوّر الأطر التنظيمية حول العملات الرقمية في الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أن موافقة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) في وقت سابق هذا العام على إطلاق عدد من صناديق البيتكوين المتداولة بالبورصة قد غيّرت قواعد اللعبة، إذ أتاحت للمؤسسات الاستثمار في بيتكوين دون الحاجة إلى شراء العملة مباشرة أو التعامل مع محافظ إلكترونية.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن صناديق البيتكوين باتت تمثل مؤشرًا حساسًا على "نبض السوق"، وأن تدفقات بهذا الحجم تعكس توقعات بارتفاع قادم في سعر العملة، أو على الأقل قناعة بأن بيتكوين تجاوزت مرحلة الشك والتقلب الشديد وأصبحت أصلًا مشروعًا ضمن أدوات الاستثمار.
ومع اقتراب "النصف" المقبل (Bitcoin Halving) الذي من المتوقع أن يقلّص مكافآت التعدين إلى النصف، مما يقلّل المعروض من العملة، فإن كثيرًا من المستثمرين يراهنون على ارتفاع إضافي في السعر، ما يفسر الاندفاع الحالي نحو اقتناء البيتكوين عبر صناديق ETF.
لكن مع كل هذه الإشارات الإيجابية، يحذّر بعض المحللين من الإفراط في التفاؤل، مشيرين إلى أن السوق لا يزال عرضة للتقلبات الحادة والتأثيرات الجيوسياسية والرقابية، خصوصًا مع استمرار النقاشات التنظيمية في الولايات المتحدة بشأن تصنيف الأصول الرقمية وتداولها.
ورغم هذه التحذيرات، فإن الأرقام لا تكذب: صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة جذبت خلال أسبوع واحد أكثر من 1.2 مليار دولار، وهو رقم يعبّر عن لحظة مفصلية في العلاقة بين العملات الرقمية ورأس المال المؤسسي.
التعليقات