سجّلت العملات الرقمية المستقرة (Stablecoins) قفزة تاريخية في قيمتها السوقية، بلغت 251.7 مليار دولار، وذلك عقب إقرار الكونغرس الأميركي قانونًا جديدًا ينظّم إصدارها وتشغيلها، في ما اعتُبر نقطة تحوّل مفصلية في مسار تقنين العملات الرقمية وربطها بالنظام المالي التقليدي.
ويأتي هذا الإنجاز بعد أن صوّت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 68 صوتًا مقابل 30 لصالح تمرير قانون GENIUS، الذي يفرض على الشركات المصدّرة للعملات المستقرة أن تحتفظ باحتياطي نقدي يعادل 100% من العملات التي تصدرها، وأن تُجري تدقيقًا ماليًا سنويًا، مع التزام بالشفافية والامتثال للمعايير المحاسبية الفيدرالية.
وبحسب منصة "كوين ديسك" ومصادر اقتصادية متقاطعة، فإن هذه القفزة السوقية تُعد الأعلى في تاريخ العملات المستقرة منذ إطلاق أول نسخة منها قبل نحو عقد، ويعكس هذا الارتفاع تحوّلًا واضحًا في ثقة المستثمرين تجاه هذا النوع من الأصول الرقمية، خاصة بعد أن أصبح لها غطاء قانوني رسمي في واحدة من أكبر الأسواق المالية في العالم.
وسارع المستثمرون إلى تعديل استراتيجياتهم، ما دفع بأسهم شركات التشفير نحو الارتفاع. فقد صعد سهم شركة "كوين ديسك" بنحو 16%، بينما قفز سهم Circle، المُصدرة لعملة USDC، بأكثر من 34%، وسط تفاؤل بأن الإطار التنظيمي سيُسهم في تسريع تبني العملات المستقرة في المدفوعات الرقمية، سواء من قبل المستخدمين الأفراد أو المؤسسات الكبرى مثل "فيزا" و"ماستركارد".
ويرى خبراء أن القانون الجديد سيُحدث تغييرات جوهرية في البنية التحتية للأسواق المالية الرقمية، وسيمنح العملات المستقرة دورًا أكثر مركزية في النظام المالي، خصوصًا في ما يتعلق باستخدامها كوسيلة للدفع السريع والآمن، وربما حتى كأداة لتقليص الاعتماد على البنوك التقليدية في بعض الخدمات.
لكن، وفي خضم موجة التفاؤل، حذّر اقتصاديون من أن الطلب المتزايد على السندات الأميركية قصيرة الأجل، والتي تُستخدم عادة كغطاء لهذه العملات، قد يُحدث ضغطًا على سوق أذونات الخزانة، ويؤثر على منحنيات العائد والتمويل الحكومي في المدى المتوسط، إذا لم يُدار بحذر.
ويُعد هذا التطور أبرز لحظة تشريعية للعملات المستقرة حتى اليوم، وسط دعوات لاستكمال البنية القانونية الكاملة للعملات الرقمية في الولايات المتحدة، خصوصًا في ظل السباق العالمي لتنظيم هذا القطاع وتوفير بيئة موثوقة وآمنة لتبنيه.
التعليقات