لماذا لم ترتفع أسعار النفط رغم الضربات الأميركية لإيران؟

رغم الضربات الأميركية لإيران، لم ترتفع أسعار النفط بشكل كبير، وسط تقديرات تستبعد إغلاق مضيق هرمز. الأسواق تراهن على استمرار تدفق الإمدادات، وتعتبر التصعيد "محسوبًا" ضمن نطاق السيطرة؛ "الأسواق تبدو أقل تفاعلًا مع المستجدات".

لماذا لم ترتفع أسعار النفط رغم الضربات الأميركية لإيران؟

دورية للحرس الثوري الإيراني قبالة ميناء بندر عباس، توضيحية (Getty Images)

رغم التطورات المتسارعة في إيران، بما في ذلك الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية، فجر الأحد، لم تشهد أسعار النفط العالمية ارتفاعًا كبيرًا، وسط تقديرات في الأسواق المالية تستبعد لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي يمرّ عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وسجّلت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا، صباح الإثنين، مع بدء التداول، قبل أن تعود إلى الاستقرار عند نحو 77 دولارًا لبرميل برنت بحر الشمال، المؤشّر العالمي في سوق النفط، بل وانخفضت في بعض الأوقات خلال اليوم.

وفي ظل ذلك، واصلت ناقلات النفط عبورها المعتاد في مضيق هرمز، قبالة السواحل الإيرانية. ووفق المحلّلة في "سويسكوت بنك"، إيبيك أوزكارديسكايا، فإن "صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن ناقلات النفط ما زالت تبحر" في الممر.

ويُعد مضيق هرمز شريانًا حيويًا للطاقة، حيث يعبر منه أكثر من 20 مليون برميل نفط خام يوميًا، ما يشكّل خمس التدفقات النفطية العالمية، وثلث حركة الملاحة المرتبطة بالنفط. وتُوجَّه هذه الصادرات في معظمها نحو الأسواق الآسيوية.

وبسبب ضيق مساحته – بعرض 50 كيلومترًا وعمق لا يتعدى 60 مترًا – يُعد المضيق عرضة للمخاطر، ويُعتبر إغلاقه، بحسب المحلّل في "غلوبال ريسك مانجمنت"، أرني لوهمان راسموسن، بمثابة "كابوس" قد يرفع الأسعار بشكل كبير.

ويقدّر المحلّل أولي فالبي من "إس آي بي" أن سعر برميل برنت قد يتجاوز 100 دولار في حال أقدمت إيران على إغلاق المضيق، لكنه يستبعد سيناريو كهذا، مشيرًا إلى أن "المضيق يخضع لمراقبة دقيقة من قِبل البحرية الأميركية"، ولا يتوقّع "إغلاقًا فعليًا لأسابيع متواصلة".

ورغم عدم استبعاد فالبي لاحتمال تنفيذ هجمات على شركات شحن بحرية غربية باستخدام "زوارق صغيرة أو صواريخ"، إلا أن هذه الاحتمالات لم تؤثر بشكل حاد على الأسواق بعد.

وكان مسؤولون إيرانيون قد لوّحوا في الأيام الماضية بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، غير أن هذا التهديد لم يُترجم فعليًا. وفي المقابل، حذّر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من أن خطوة كهذه ستكون "خطأ فادحًا آخر" و"انتحارًا اقتصاديًا" بالنسبة لطهران، التي تعتمد بشكل أساسي على صادراتها النفطية.

وترجّح بعض الأوساط المالية أن تحجم إيران عن تنفيذ ردّ شامل قد يؤدي إلى فوضى إقليمية، في محاولة لحماية منشآتها النفطية من الاستهداف، بحسب ما قالت أوزكارديسكايا.

كذلك، فإن تصعيدًا من هذا النوع قد يؤثّر سلبًا على الصين، الشريك النفطي الأول لإيران، والتي تحتل المرتبة التاسعة عالميًا في إنتاج النفط بإجمالي 3.3 ملايين برميل يوميًا.

وأضافت أوزكارديسكايا أن "الأسواق تبدو أقل تفاعلًا مع المستجدات"، ووصفت هذا التراجع في الحساسية بـ"المذهل".

غير أن أسعار النفط كانت قد استجابت في وقت سابق لمخاطر الحرب المتصاعدة، إذ ارتفع سعر البرنت بنسبة 15% منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على إيران في 13 حزيران/ يونيو الجاري، مع توقّعات حينها بوقوع ضربات أميركية، تحقّقت لاحقًا.

وأوضح المحلّل في "يو بي إس"، جوفاني شتاونوفو،، أن "أسعار النفط تعكس حاليًا معدلًا تقديريًا للخطر يبلغ 10 دولارات للبرميل الواحد".

وفي حال وقوع تصعيد جديد، قد تُخفَّف وطأة الارتفاع المحتمل في الأسعار من خلال "السحب من الاحتياطي الإستراتيجي، خصوصًا في الولايات المتحدة والصين"، بحسب أولي هانسن من "ساكسو بنك".

وأضاف هانسن أن هناك إمكانية "لإعادة توجيه صادرات النفط من السعودية والإمارات عبر أنابيب تتجه إلى منشآت خارج المضيق".

لكن المحلّل فالبي أشار إلى أنه "لا يوجد بديل فوري فعّال لمضيق هرمز"، باستثناء "خط أنابيب محدود من قطر نحو الغرب"، لا يفي بالحاجة.

وفي السياق نفسه، لفت المحلّل في "إس بي آي إيه إم"، ستيفن إينيس، إلى أن "أوبك+" تملك طاقة إنتاج فائضة تبلغ نحو 5.2 ملايين برميل يوميًا، تتركز بالأساس في السعودية.

التعليقات