رحبت الحكومة اللبنانية بخطة الجيش بشأن حصر السلاح بيد الدولة بما فيها نزع سلاح حزب الله، وقررت أن تبقى مضمونها ومداولاتها سرية، وذلك خلال انعقاد مجلس الوزراء اليوم الجمعة في قصر بعبدا التي شهدت انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وقال وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، إن "مجلس الوزراء استمع إلى خطة حصر السلاح من قائد الجيش، ورحب بها وبمراحلها المتتالية، وقرر الإبقاء على مضمونها ومداولاتها سرية، على أن ترفع قيادة الجيش تقريرا شهريا لمجلس الوزراء".
وأوضح "لا فرق بين الإقرار والترحيب والجيش اللبناني سيباشر بتنفيذ خطة حصر السلاح لكن وفق الإمكانات المتاحة. والخطة في نهاية المطاف عسكرية وليست سياسية والحكومة سبق أن اتخذت قراراتها".
وأضاف مرقص، أن "لبنان اتخذ خطوات أساسية على صعيد الورقة الأميركية، لكن إسرائيل لم تقدم على أي خطوة في المقابل". وشدد على ضرورة تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته وإسرائيل تتحمل التزامات واضحة، مؤكدا أنه "لم ولن نقدم تنازلات لإسرائيل".
وتابع "تلتزم الحكومة إعداد إستراتيجية أمن وطني لتحقيق مبدأ بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها وحصرية السلاح"، لافتا إلى أن "أي تقدم في تنفيذ فحوى الورقة الأميركية مرهون بالأطراف الأخرى وفي مقدمتها إسرائيل".
وتطرق إلى انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل، بالقول إن "الوزراء الخمسة لم يقاطعوا الحكومة، وسنلتقي معهم في الأيام المقبلة".
وانسحب وزراء حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة اللبنانية، بالتزامن مع انضمام قائد الجيش رودولف هيكل إلى مجلس الوزراء وعرضه خطة حصر السلاح بيد الدولة.
وأكّدت الوكالة اللبنانية "انسحاب الوزراء: محمد حيدر وركان ناصر الدين وياسين جابر وتمارا الزين وفادي مكي، من جلسة مجلس الوزراء"، مشيرة إلى أنهم "توجهوا إلى قاعة أخرى".
ولفتت صحيفة "العربي الجديد"، عبر قناتها في "تلغرام"، إلى "خروج بعض وزراء حزب الله وأمل من جلسة مجلس الوزراء عند دخول قائد الجيش، من دون الإعلان بعد عن انسحاب رسمي".
وقال وزير العمل اللبناني، محمد حيدر: "انسحابنا من جلسة الحكومة يأتي انسجاما مع موقفنا الرافض للورقة الأميركية".
وكلّفت الحكومة في مطلع آب/ أغسطس، في قرار غير مسبوق، الجيش بإعداد خطة لتجريد الحزب من سلاحه بحلول نهاية العام الجاري، على وقع ضغوط أميركية، وتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة بعد أشهر على انتهاء مواجهة دامية بينها وبين حزب الله استمرت قرابة السنة.
وجدّد حزب الله، أول من أمس الأربعاء، رفضه قرار الحكومة. ودعت كتلته البرلمانية في بيان السلطات إلى أن "تتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد".
وتضع الحكومة قرارها الذي وصفه خصوم الحزب والموفد الأميركي توم باراك بأنه "تاريخي"، في إطار تطبيق التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية وأنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. ونصّ على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
وكثّفت إسرائيل خلال اليومين الماضيين غاراتها على جنوب لبنان، رغم وقف إطلاق النار، ما تسبّب بمقتل خمسة أشخاص. ولم توقف إسرائيل عملياتها شبه اليومية التي تقول إنها تستهدف مخازن أسلحة وقياديين لحزب الله.
وتضمّ الحكومة خمسة وزراء شيعة، اثنان منهم محسوبان على حزب الله واثنان على حليفته حركة أمل، إضافة إلى الوزير فادي مكّي الذي اختاره الرئيس جوزيف عون.
وفي آب/ أغسطس الماضي، انسحب الوزراء الشيعة من الجلسة الحكومية التي خُصّصت لمناقشة نزع سلاح حزب الله.
وتشكّل مسألة نزع سلاحه قضية شائكة في لبنان منذ عقود. وتسبّبت بأزمات سياسية متتالية وعمّقت الانقسامات الطائفية والسياسية.
وأكّد رئيس الوزراء اللبناني في أواخر آب/ أغسطس خلال لقائه وفدا من الكونغرس الأميركي على أن "مسار حصرية السلاح وبسط سلطة الدولة واحتكارها قرارَي الحرب والسلم هو مسار انطلق ولا عودة إلى الوراء فيه".
وكان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، اتهم الحكومة بعد قرار نزع سلاحه بـ"تسليم" لبنان إلى إسرائيل.
وكان حزب الله صاحب النفوذ الأوسع على الساحة السياسية اللبنانية قبل الحرب، وقادرا على فرض القرارات الحكومية الكبرى أو تعطيل العمل الحكومي. ويتهمه خصومه بـ"استخدام سلاحه في الداخل لفرض إرادته وترهيب خصومه".
إلا أن الحزب المدعوم من طهران خرج منهكا من المواجهة التي خاضها العام الماضي مع إسرائيل، وقُتل خلالها عدد كبير من قادته، ودُمّر جزء كبير من ترسانته. وانعكس ذلك أيضا تراجعا لنفوذه في لبنان.
التعليقات