23/12/2015 - 11:49

"سينما الإيمان": هوليوود تقلّب في أوراق القدر!

بين مشاهد هوليوودية ترسخ الرومانسية والرعب، والمغامرة والأكشن والخيال العلمي، يظهر اتجاه سينمائي أقرب إلى منظومة الأفلام الدينية، يركز عما يمكن تعريفه بسينما الإيمان، وفق ناقد سينمائي مصري.

بين مشاهد هوليوودية ترسخ الرومانسية والرعب، والمغامرة والأكشن والخيال العلمي، يظهر اتجاه سينمائي أقرب إلى منظومة الأفلام الدينية، يركز عما يمكن تعريفه بـ"سينما الإيمان"، وفق ناقد سينمائي مصري.

سينما الإيمان، كتاب حديث يرصد فيه الناقد السينمائي المصري، أسامة صفار، تجربة هوليوودية فنية انطلقت من المركز التاريخي للسينما الأمريكية، بشكل لافت بعد تفجيرات، 11 سبتمبر/آيلول2001، وحتى الآن، اعتبرها "تصلح كدعوات كبرى للإيمان".

الكتاب الذي يرصد التجربة الفنية الأميركيّة، في تسعة فصول من القطع المتوسط، يقدم عرضًا وتحليلًا لعدد من الأفلام السينمائية العالمية، التي تعرض "تجليات إيمانية" عبر الأفلام الهوليووديّة دون التخلي عن الإثارة والتشويق والحركة، في رسالة مفادها "لا بد أن تكون هناك قوى أعلى تسيطر على هذا الكون".

وقال صفار "أرصد مجموعة من الأفلام في هوليوود كنماذج، فقط، لأن الاتجاه لسينما الايمان استقر بالفعل، وهو تيار هوليوودي بشكل خاص وتظهر بعض النماذج في السينما العالمية وإن كانت نادرة".

ومن بين تلك الأفلام التي ترسخ سينما الإيمان، بحسب صفار "كتاب إيلاي"، للنجم الأميركي، دنزل واشنطن، وفيلم أفاتار للمخرج الشهير، جيمس كاميرون، وأيضا 2012 أو يوم القيامة، وفيلم المعرفة للنجم الشهير نيكولاس كيدج وغيرها الكثير.

وقال صفار "يحكي كتاب ايلاي، The Book of Eli وهو فيلم خيال أميركي حول نهاية العالم وما بعدها أنتج سنة 2010، عن شخص بقي على قيد الحياة من ضمن قلة ضئيلة بعد دمار الحضارة على الأرض بسبب الحرب، ويخوض هذا الشخص رحلة إلى الغرب، حاملًا في صدره الإنجيل ويخوض الأهوال، حتى يصل إلى متحف الحضارة الإنسانية، حيث يضع الإنجيل بين التوراة والقرآن الكريم، في مشهد لم يتكرر في السينما العالمية".

وبحسب صفار، يدور فيلم أفاتار، Avatar فيلم خيال علمي أنتج في 2009، حول "رغبة القوات الأمريكية في السيطرة على أرض تحوي معدنا نادرًا، لكن هذه الأرض مملوكة لشعب مختلف تماما يرتبط بالأرض والشجر والحيوانات، وتدور المعارك بين القوات الأميركيّة والشعب المسالم، ثم يحسمها انضمام بعض الأميركيّين لهذا الشعب في حربه العادلة، بعد إيمانهم بالقوة الروحية لهم".

 ووفق الناقد السينمائي المصري، تدور أحداث فيلم يوم القيامة حول أسطورة شعب المايا، التي احتوت على نبوءة بنهاية العالم عام 2012 (الفيلم أنتج عام 2009) وبسبب تحولات مناخية وفيزيائية، تبدأ المدن الأميركيّة بالانهيار، ويموت الملايين من البشر، فيما يصارع أب وزوجته للبحث عن ابنهم، ولا تظهر إلا جثث الأشرار كما طرحهم الفيلم أمام الأخيار فتختفي جثثهم إلى أن ينتهي الفيلم في معبد بجنوب القارة الأميركيّة حيث امرأة تلد بينما يحرسها اثنا عشر شخصًا".

وفي فيلم "أغرب من الخيال" نلاحظ وفق صفار "شخصًا منضبطا تمامًا في مواعيده وفي سلوكياته وملتزم بروتين يومي تفصيلي، يفاجأ بصوت يحكي عنه ويصدر من رأسه وعلى الطرف الآخر ثمة كاتبة روائية تكتب، ويلجأ لأكثر من طبيب، في النهاية تقرر الكاتبة موته، وينزعج الرجل المنضبط تمامًا وتبدأ حياته في التحول إلى فوضى، بينما يحاول البحث عنها لمنعها من قتله روائيًا وهو ما يعني موته في الحقيقة، حاول الرجل أن يغير قدره".

ويفسر صفار هذا الاتجاه الإيماني لسينما هوليود بقوله "كان الأميركيّون بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول2001 يبحثون عن كائن متجاوز للبشرية، وقادر على حمايتهم بعد ما فقدوا الإيمان بقوتهم وألوهية امبراطوريتهم، والتي جاء الإيمان بها عبر تحولات شتى، لعل أهمها ذلك الفعل الرهيب والفريد من نوعه تاريخيًا، وهو إطلاق قنبلتي هيروشيما وناغازاكي على اليابان عام 1945 وقتل نحو ربع مليون إنسان في دقائق معدودة، ومن ثم استسلام اليابان وتربع الامبراطورية الأميركية على عرش العالم".

وحول دور الدين في السينما والاتجاه إلى المعتقدات الدينية في الأفلام بعد 11 سبتمبر، وما يمكن تسميته اختلاط السينما بالدين، أضاف "ما تم هو رصد الإيمان بالله أو بوجود خالق للكون، وبالتالي فالمحاذير الخاصة بالدين والأوامر والنواهي ليست جزءًا من الأمر فالمقولة الفلسفية للفيلم تلتقي فقط بالإيمان بالله من دون تحديد دين وأن تناول المخرجون ذلك الأمر من منظور مسيحي باعتبارهم مسيحيين"

وقال صفار إن "تفجيرات 11 سبتمبر أدت إلى إنتاج ما يقرب من ثلاثين فيلمًا، أطلق عليها أفلام دينية قدمتها هوليوود، بعضها عولج برؤية تدعو للإيمان وتعتقد أن مصير الإنسانية يرتبط ارتباطا كليا باعتقادهم بوجود الله، والبعض الآخر يصل بالعقل وبالمشاعر إلى الله، فينتصر على أزمة حياتية تجلت في تفصيلة من تفاصيل حياته وأفسدتها حتى أصلحها الإيمان".

وعن قدرة السينما على صناعة المقاربة الفنية الهوليوودية، أضاف صفار أن "السينما ليست وليدة عقل المبدع ووجدانه فقط، ولكنها وليدة قلب المجتمع وعقله، حيث تشكل هذا المبدع".

ويضيف إن لم تظهر ملامح المجتمع في إبداع هذا السينمائي أو ذاك، فثمة خطأ ما قد يقع في قلب تصورات المبدع السينمائي، عن مجتمعه وعن نفسه أيضًا، والأخذ بعين الاعتبار أن المجتمع الذي نتحدث عنه متنوع بالقدر الكافي لظهور علامات لظواهر نادرة في مجموعات نادرة الظهور.

التعليقات