هانيبال: عسكري فذ أم متهور أهوج؟

ولد هانيبال بن هاميلكار باركا، في شمال أفريقيا، بمدينة قرطاج عام 247 قبل الميلاد، وزعم بعض المؤرخين الرومانيين أن أباه القائد القرطاجي العظيم هاميلكار باركا، اصطحبه إلى إسبانيا وهو في التاسعة من عمره، حيث بدأ بالتخطيط لغزو روما.

هانيبال: عسكري فذ أم متهور أهوج؟

ولد هانيبال بن هاميلكار باركا، في شمال أفريقيا، بمدينة قرطاج عام 247 قبل الميلاد، وزعم بعض المؤرخين الرومانيين أن أباه القائد القرطاجي العظيم هاميلكار باركا، اصطحبه إلى إسبانيا وهو في التاسعة من عمره، حيث بدأ بالتخطيط لغزو روما.

وتولى القائد العسكري الفينيقي هانيبال أو حنبعل عام 221 قبل الميلاد، قيادة الإمبراطورية القرطاجية في إسبانيا، وهو شاب يافع لم يتعدى عمره الـ26 عاما، ووحد المنطقة سريعا تحت قيادته، متخذا من الميناء البحري لقرطاج مركزا له، وتزوج من أميرة إسبانية، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على جزء من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية، بما في ذلك ساجونتو “كتالونيا حاليا”، والتي كانت إحدى المعسكرات الرومانية، ما اعتبرته روما خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها هانيبال، ورفض هذا الطلب كان سببا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية، 218 ق م – 201 ق م.

وفي العام 219 قبل الميلاد، قاد هانيبال هجوما قرطاجيا على ساجونتو، حيث بدأ في التخطيط لغزو روما، وجمع جيشا ضخما يضم 90 ألف جندي من المشاة، و12 ألف فارس، وما يقارب 40 فيلا، والتي انطلقت لتغطي ما يقارب من 16000 كيلومترا خلال سلسلة جبال البرانس، مخترقة نهر الرون، ومارة بالقمم الجليدية لجبال الألب، وأخيرا إلى قلب إيطاليا، حيث تقابل هانيبال وجيشه، الذي استنزفته المسيرة القاسية خلال الألب، مع الجيش الروماني القوي بقيادة القائد بابليوس كورنيليوس سكيبيو، ودارت المعركة في السهول الغربية لنهر تيسان، حيث ساد فرسان هانيبال المعركة وأصيب القائد سكيبيو إصابات بالغة.

وبعد معركة “تراسمانيا” هزم القرطاجيون الرومان مرة أخرى في أواخر عام 218 قبل الميلاد، على الضفة الغربية لنهر تريبا، وضمن هذا النصر لهانيبال دعم حلفاء عدة كقبائل الغال والليجوريون، وواصل هانيبال تقدمه حتى وصل نهر أرنو، والذي وبرغم انتصاره عند بحيرة تراسمانيا، فقد تراجع عن قيادة قواته المنهكة لحرب ضد روما نفسها.

وفي صيف عام 216 قبل الميلاد، تقابل 16 فيلقا رومانيا تشكلت من 80000 جندي، مع هانيبال عند مدينة “كاناي”، حيث حشد القائد الروماني “فارو” المشاة في المنتصف، مع توزيع الفرسان على الجانبين، في توزيع تقليدي للجيش، إلا أن هانيبال ترك القلب ضعيفا نسبيا ووزع الفرسان على الجانبين، ومع تقدم الجيش الروماني استطاع القلب أن يصمد أمامهم بينما تفوق الجانبين، وطوق الجيش الروماني مع قطع الطريق على أي محاولة للتراجع بإرسال فرسان للمؤخرة، وبسبب تلك الهزيمة الفادحة انشق العديد من حلفاء روما، وانضموا إلى التحالف مع الجانب القرطاجي.

وبدأ الرومان في التجمع مرة أخرى في جنوب إيطاليا، تحت قيادة بابليوس كورنيليوس سكيبيو، والجنرال فابيوس ماكسيموس، والذي استخدم تكتيكات حذرة ليصد قوات هانيبال، مما مكنه من استرداد قدر من الأراضي بحلول عام 219 قبل الميلاد، وفي شمال إيطاليا هزمت القوات الرومانية جيش الإمداد بقيادة “صدربال” شقيق هانيبال، والذي عبر جبال الألب لمساعدة هانيبال.

وفي هذه الأثناء، استدعى سكيبيو، الإمدادات البشرية من روما ليشن هجوما على قرطاجة الجديدة، ويخرج القرطاجيين من إسبانيا، متجها إلى غزو شمال أفريقيا، مما أجبر هانيبال على سحب قواته من جنوب إيطاليا، للدفاع عن وطنه الأم في قرطاجة، حيث التقى هانيبال مع قوات سكيبيو قرب مدينة زاما، والتي تبعد 120 كيلومترا فقط عن قرطاجة.

وهذه المرة كانت القوات الرومانية بمساعدة حلفائهم من القبائل هم من يحاصرون القرطاجيين، وقتلوا منهم ما يقارب 20 ألف جندي مقابل خسارة 1500 جندي فقط.

وقع القرطاجيون بعد هزيمتهم مع روما اتفاقية السلام التي أنهت الحرب البونيقية الثانية، حيث سُمح لقرطاجة أن تحتفظ بحدودها في شمال أفريقيا فقط، لكنها خسرت كل مناطق نفوذها الخارجية للأبد، كما أُجبرت على تسليم أسطولها، ودفع تعويض ضخم من الفضة، بالإضافة للموافقة على عدم إعادة التسليح أو إعلان الحرب مرة أخرى بدون موافقة روما.

اقرأ/أيضًا | 'الصادقية' التونسية: أيقونة العلم والنضال ورجالات الدولة

وعلى الرغم من انتهاء حرب قرطاجة وروما، إلا أن هانيبال احتفظ برغبته في الانتقام من روما، ووفقا لما ذكره المؤرخون الرومان، قد لجأ هانيبال إلى سورية، وحرض حاكم سورية، أنطيوخوس الثالث، على حمل السلاح ضد روما، ثم بعدما هزم الرومانيون أنطيوخوس الثالث، كان أحد شروط معاهدة السلام هو استسلام هانيبال، ولتجنب هذا المصير فقد فر إلى جزيرة كريب، ثم شارك مع القوات المتمردة ضد روما في أرمينيا، وعندما وجد هانيبال نفسه غير قادر على الهرب، انتحر بجرعة سم، تناولها في قرية بيثاينيان، في ليبيسا عام 183 قبل الميلاد.

التعليقات