02/01/2019 - 09:35

تنفّس الأمهات للهواء الملوث يعرض أبناءهن للإصابة بالتوحّد

توصّلت دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة سايمون فريزر الكندية، إلى الربط بين تلوّث الهواء والإصابة بمرض التّوحّد، إذ بيّنت أنّ الأطفال الذين تعيش أمهاتهم في المدن الأكثر تلوثًا في أثناء الحمل، قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بمرض التوحد.

تنفّس الأمهات للهواء الملوث يعرض أبناءهن للإصابة بالتوحّد

توضيحية (Pixabay)

توصّلت دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة سايمون فريزر الكندية، إلى الربط بين تلوّث الهواء والإصابة بمرض التّوحّد، إذ بيّنت أنّ الأطفال الذين تعيش أمهاتهم في المدن الأكثر تلوثًا في أثناء الحمل، قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بمرض التوحد.

والتّوحّد هو نوع من الاضطرابات العصبية يؤدي إلى ضعف في التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال وفي قدرتهم على التواصل مع محيطهم، كما يؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في المخ. وتتطلب معايير تشخيصه ضرورة أن تصبح الأعراض واضحةً قبل أن يبلغ الطفل من العمر 3 سنوات، ولا تزال مسبِّباته غيرَ واضحة، لذلك يحاول العلماء حاليًّا استكشاف العوامل البيئية التي قد تؤدي دورًا في خطر الإصابة بالمرض، وأبرزها تلوُّث الهواء.

إذ يعدّ تلوّث الهواء أحد أهمّ المشكلات البيئيّة التي تعرّض صحّة الإنسان للخطر، فوفقًا للبنك الدّولّي، يمثل تلوث الهواء حاليًّا عامل الخطر الرابع الرئيسي للوفاة المبكرة؛ إذ يتسبب في وفاة واحدة من بين كل 10 وفيات على مستوى العالم، وتنجم عنه خسائر ضخمة في الرفاه والدخل.

واعتمدت الدراسة على مراجعة فريق الباحثين لمعدّلات التّوحدّ بين أطفال ولدوا في الأعوام 2004 وحتّى 2009، في منطقة فانكوفر الحضرية بكندا، بالتوازي مع قياس نسب تلوُّث الهواء في البيئة التي كانت تعيش فيها الأمهات أثناء الحمل.

وقام الفريق بقياس 3 ملوِّثات رئيسية، هي: الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًّا التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، وهي تنبعث في الغالب من مصادر صناعية، وثاني أكسيد النيتروجين، وأكسيد النيتريك.

وعند وصول الأطفال إلى سن الخامسة، تم تشخيص إصابة 1٪ من المشاركين بأنهم يعانون من اضطراب طيف التوحد، كما رصد الباحثون ارتفاعًا بنسبة 7% في خطر الإصابة بالتوحد لكل 11 جزيئًا من المليار من أكسيد النيتريك في البيئة المحيطة.

ويُعَد أكسيد النيتريك بين ملوِّثات الهواء المنبعثة من عوادم المركبات، وهو يؤدي دورًا مهمًّا في التأثير على الوظائف العصبية، ويؤثر على ضغط الدم، ونظام المناعة، وكذلك الاضطرابات الأيضية، وأمراض الرئة.

وكانت دراسة سابقة قد كشفت أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تتعرض بكثرة للجسيمات الدقيقة المحمولة جوًّا تزيد فرص إصابتهم بالإعاقة الذهنية بنسبة 33%، كما أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي ترتفع فيها مستويات نسبة ثاني أوكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون، يزيد فيها خطر إصابة الأطفال بإعاقة ذهنية إلى 30%، أما في المناطق التي ترتفع فيها نسب ثاني أكسيد الكبريت فتبلغ النسبة 17%.

وتعدّ هذه الدراسة واحدة من أكبر الدراسات التي أجريت حول العوامل البيئية التي تؤدي دورًا في الإصابة بالتوحد حتى الآن، رغم أنها أُجريت في مدينة ذات مستويات تلوث منخفضة نسبيًّا في كندا، وهذا يشير إلى ضرورة الحذر من عدم وجود مستويات آمنة للتعرض لتلوث الهواء.

وعن آلية تأثير الغازات المسببة للتلوث على خلايا المخ، أوضح الباحثون أنها عادةً تتحد مع الهيموغلوبين، وهو المادة التي تنقل الأكسجين داخل الدم وتوفره للجسم والمخ، فتعرقل وصول الأكسجين بشكلٍ كافٍ إلى الدماغ، ما ينجم عنه ضررٌ في خلايا الدماغ غير قابل للاستعادة، وبالتالي التأثير على القدرات العقلية وذكاء الأطفال.

وبيّنت الدراسة أنّ الضرر الذي يصيب خلايا المخ عادةً يكون كبيرًا؛ لأنه من المعروف أن الخلايا العصبية غير قابلة للتجدد كما يحدث لخلايا الجلد على سبيل المثال، ولكن أكبر الضرر الناجم عن التلوث يحدث في أثناء فترة تكوين الجنين، الذي تصل له الملوِّثات التي تستنشقها الأم عن طريق المشيمة، وفي أثناء العامين الأوَّلَين من الولادة، وهي الفترة التي يستكمل فيها الدماغ البشري تطوُّرَه ونموَّه.

التعليقات