في تطور علمي لافت، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Mental Health عن وجود علاقة وثيقة بين ترقق طبقات الشبكية في العين وزيادة الاستعداد الوراثي للإصابة بالفصام. وتمثل هذه النتائج خطوة مهمة نحو فهم أعمق للآليات البيولوجية المرتبطة بهذا الاضطراب العقلي المعقد، وتفتح آفاقًا جديدة لتطوير أدوات تشخيصية مبكرة.
ولطالما اعتبرت الشبكية امتدادًا مباشرًا للجهاز العصبي المركزي، مما يجعلها موقعًا مثاليًا لدراسة التغيرات العصبية المرتبطة بالاضطرابات النفسية.
واستنادًا إلى هذه الفرضية، استخدم الباحثون تقنية التصوير المقطعي البصري (OCT) لقياس سمك طبقات الشبكية بدقة عالية، ووجدوا أن الأفراد الذين يحملون استعدادًا وراثيًا أعلى للفصام يعانون من ترقق ملحوظ في الماكولا والطبقات الداخلية والخارجية للشبكية.
أشارت الدراسة إلى أن مسارات الالتهاب العصبي، التي تلعب دورًا معروفًا في تطور الفصام، قد تكون مسؤولة أيضًا عن التغيرات في سمك الشبكية. ويُعتقد أن الالتهاب المزمن يؤثر على الخلايا العصبية في الشبكية، مما يؤدي إلى ترققها، وهو ما يتماشى مع النتائج التي أظهرت ارتباطًا بين الاستعداد الوراثي للفصام وترقق الشبكية.
وتُبرز هذه النتائج إمكانات استخدام فحوصات الشبكية كأداة غير جراحية وفعالة للكشف المبكر عن الفصام، خاصة لدى الأفراد المعرضين للخطر بسبب العوامل الوراثية.
وقد يساعد هذا النهج في تحديد الأفراد الذين قد يستفيدون من التدخلات الوقائية أو العلاجية قبل ظهور الأعراض السريرية الكاملة.
وعلى الرغم من النتائج المشجعة، يواجه الباحثون تحديات في تحديد ما إذا كان ترقق الشبكية يحدث قبل ظهور أعراض الفصام أو نتيجة لتطور المرض.
كما أن تأثير العوامل البيئية، مثل استخدام الأدوية المضادة للذهان، على سمك الشبكية لا يزال قيد الدراسة. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو فهم أعمق للفصام وتطوير استراتيجيات تشخيصية وعلاجية جديدة .
التعليقات