حذّرت دراسة جديدة من أن تقليص التمويل الدولي المخصص لمكافحة الملاريا قد يؤدي إلى ما وصفته بـ"أخطر موجة عودة للمرض في التاريخ"، مهددًا حياة ملايين الأشخاص وإلحاق خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات بحلول نهاية هذا العقد، خصوصًا في القارة الأفريقية.
ويأتي التحذير في وقت يواجه فيه العالم تحديات جديدة في التصدي للمرض، أبرزها الظروف الجوية المتطرفة، والأزمات الإنسانية التي تزيد من تعرض السكان للعدوى، بالإضافة إلى تصاعد مقاومة البعوض للأدوية والمبيدات الحشرية.
تقرير مشترك صادر عن "تحالف قادة أفريقيا لمكافحة الملاريا" ومنظمة "مالاريا نو مور" البريطانية، قدّر أن خفض التمويل بنسبة 20٪ فقط مقارنة بالجولة السابقة سيؤدي إلى تسجيل 33 مليون إصابة إضافية ووفاة 82 ألف شخص، إلى جانب خسائر اقتصادية تفوق 5 مليارات دولار بحلول عام 2030.
وفي حال انهيار منظومة الوقاية كليًا، قد يقفز عدد الإصابات إلى أكثر من 500 مليون حالة جديدة، مع وفاة 990 ألف شخص، بينهم 750 ألف طفل دون سن الخامسة، وهو ما وصفه التقرير بـ"خسارة جيل بأكمله للملاريا".
التحذير يأتي بينما تسعى "الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا" إلى تأمين تمويل يغطي الفترة من 2027 إلى 2029، إذ يمثل هذا الصندوق مصدرًا لما يقرب من 60٪ من التمويل الدولي الخاص بمكافحة الملاريا، من خلال توفير الناموسيات والأدوية الوقائية.
إلا أن المؤشرات الحالية لا تبعث على التفاؤل؛ فقد أعلنت ألمانيا تعهدًا قدره مليار دولار، أي أقل بنسبة 23٪ عن التزاماتها السابقة، بينما تدرس بريطانيا خفض مساهمتها بنسبة 20٪، من دون اتخاذ قرار نهائي بعد.
في المقابل، أبدت دول أفريقية جهودًا ملموسة في رفع موازناتها المحلية المخصصة لمكافحة الملاريا، لكنها طالبت بدعم دولي لاستكمال المسيرة. وقالت جوي فومابهي، الوزيرة السابقة للصحة في بوتسوانا، إن القارة تعاني من عبء مزدوج يتمثل في الأمراض المعدية التقليدية، إلى جانب تصاعد أمراض غير معدية مثل السكري والسرطان، ما يستدعي تضامنًا عالميًا واسع النطاق.
من جانبه، دعا رجل الأعمال النيجيري أليكو دانغوتي القطاع الخاص والمستثمرين الأثرياء إلى سد الفجوة التمويلية، مؤكدًا أن الملاريا ليست مجرد أزمة صحية، بل عائق اقتصادي بقيمة 83 مليار دولار يكبح نمو أفريقيا وقدرتها على جذب الاستثمارات.
وبحسب الدراسة، فإن الاستثمارات في مكافحة الملاريا تعود بفوائد اقتصادية ضخمة، حيث يمكن أن يؤدي تأمين التمويل الكامل للصندوق العالمي إلى تجنب 1.86 مليون وفاة و865 مليون إصابة، فضلًا عن تعزيز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ230 مليار دولار.
وسط هذا المشهد، يشير الباحثون إلى أن تكلفة التقاعس عن الاستثمار في مكافحة الملاريا ستكون أفدح بكثير من تكلفة التدخل العاجل، سواء من حيث الأرواح أو الاقتصاد العالمي.
التعليقات