31/05/2014 - 13:28

في أعقاب انتشار الحمى المالطية في وادي عارة: أسبابها وعلاجها وطرق الوقاية

الغالبية المطلقة من حالات الإصابة بمرض الحمى المالطية منتشرة عند السكان العرب، وذلك يعود لتربية المواشي والأبقار قريبا من المناطق المأهولة

 في أعقاب انتشار الحمى المالطية في وادي عارة: أسبابها وعلاجها وطرق الوقاية

قال الدكتور حسام محاجنة، إن الغالبية المطلقة من حالات الإصابة بمرض الحمى المالطية منتشرة عند السكان العرب، وذلك يعود لتربية المواشي والأبقار قريبا من المناطق المأهولة.

جاء ذلك خلال لقاء أجراه معه مراسل عــ48ـرب، حيث قدم الدكتور حسام محاجنة نبذة مفصلة عن المرض وأسبابه، وتفاصيل يود العديد منا معرفتها خاصة في ظل انتشار الحمى المالطية في وادي عارة.

وقال د. محاجنة: "مرض الحمّى المالطية او بأسمائه المختلفة كمرض الحمّى المتموّجة أو حمّى حوض البحر الأبيض المتوسط غير الوراثية، هو مرض تلوثي ينتقل عبر المواشي والأبقار، وينتشر بشكل أساسي في دول محيط البحر المتوسط والشرق الأوسط. في البلاد، الغالبية المطلقة من حالات الإصابة بالمرض يتم تشخيصها عند السكان العرب بسبب تربية المواشي والأبقار قريبا من المناطق المأهولة أو بداخلها، وكذلك بسبب استهلاك الحليب غير المبستر ومشتقاته. ويؤدي هذا المرض إلى أعراض ومضاعفات كثيرة قد تؤثر على أجهزة مختلفة في جسم الإنسان".

تعريف المرض:

الحمّى المالطية هو مرض يتسبب نتيجة العدوى ببكتيريا الـ"بروسيلا"، والتي اكتسبت اسمها من اسم مكتشفها وهو العالم السكوتلاندي ديفيد بروس عام 1887. كذلك تجدر الاشارة إلى أن تسميتها بالحمّى المالطية هو نسبة لموطن الطبيب والعالم الذي اكتشف أن الحليب هو مصدر العدوى، وهو العالم تيمي زاميط عام 1905. كذلك يجدر في هذا السياق ذكر عالم الاحياء الفرنسي لويس باستر، والذي اكتشف طريقة البسترة، وهي غلي السوائل بدرجة حرارة عالية لمدة زمنية معينة تهدف الى قتل وإفقاد الميكروبات المختلفة قدرتها على إحداث الأمراض، وهي ما زالت تسمّى نسبة إليه حتى يومنا هذا.

الحمى المالطية هي مرض عادة ما يصيب الحيوانات الحقلية البالغة على اختلافها، ومعظم الحيوانات المصابة بالمرض لا تعاني من أية أعراض، وهنا يكمن الخطر الرئيسي للعدوى، وأحيانا يؤدي هذا المرض عند الحيوانات إلى الاجهاض. قد يصاب الإنسان أيضا بالحمّى المالطية منتقلة اليه من تلك الحيوانات المصابة بطرق متعددة، ولا تتم العدوى بين المباشرة بين البشر.

هنالك 6 أنواع مختلفة لجرثومة الـ بروسيلا، 4 منها بامكانها أن تصيب الانسان، إلا أن جميع الحالات المرضية الموثقة في البلاد تكاد تكون نتيجة الإصابة بـ بروسيلا ميلتنتيس"، وتسمى أحيانا بروسيلا الغنم. تتأثر جرثومة البروسيلا بعوامل متعددة منها أشعة الشمس المباشرة، والحرارة والغليان والمطهرات شائعة الاستعمال، إلا أن لهذه الجرثومة القدرة على الاستمرار في الحياة لمدة طويلة في بيئات معينة، فعلى سبيل المثال بإمكان الجرثومة أن تبقى حيّة في البول لمدة شهر كامل وفي الجنين المجهض لمدة 75 يوما.

كيف تحصل العدوى؟

تطرح الحيوانات المريضة جرثومة البروسيلا مع السائل المحيط بأجنتها عند الإجهاض ومع البول والبراز والحليب، هذا بالإضافة إلى وجود هذه الجرثومة في دم ولحوم الحيوانات. تنتقل العدوى في أغلب الأحيان لدى التعامل مع الحيوانات، عند ملامسة إفرازات الحيوانات المريضة أو ملامسة المواد الملوثة بهذه الإفرازات، أو لدى تناول المواد الغذائية لهذه الحيوانات المصابة، كتناول حليبها أو الجبن المصنع من حليبها غير المغلي، كذلك تناول لحوم الحيوانات المريضة. أما الطريقة الثالثة لانتقال العدوى والتي نادراً ما يقع بسببها التلوث فهي الانتقال عبر الغبار. تجدر الاشارة الى ان طريقة العدوى الأكثر انتشارا هي استهلاك الحليب غير المغلي ومنتجاته.

ما هي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض؟

• مستهلكو الحليب غير المبستر ومشتقاته كالأجبان والألبان؛
• العاملون مع المواشي من مزارعين وعمال المسالخ والأطباء البيطريين وغيرهم؛
• فنيو المختبرات الطبية.

ما هي أعراض المرض؟

تظهر أعراض المرض خلال أيام وقد تصل إلى بضعه أشهر من الإصابة بالعدوى، وتشبه أعراض الانفلونزا وتشمل:
• ارتفاع درجة حرارة الجسم التي قد تصل الى 40 درجة مئوية، وتتميز بتموج في درجات الحرارة وهي احدى علامات المرض؛
• الإحساس بالبرد؛
• التعرق الزائد؛
• الضعف والارهاق والوهن العام؛
• آلام المفاصل و العضلات و الظهر؛
• الصداع.

يمكن لأعراض المرض الاختفاء لأسابيع أو أشهر ثم معاودة الظهور من جديد. قد يتحول المرض إلى مرض مزمن عند البعض، وحينها تستمر الأعراض لسنوات حتى بعد تلقي العلاج، و تشمل الأعراض والعلامات طويلة المدى الإرهاق والحمى والتهاب المفاصل والتهاب الفقرات والمفاصل المختلفة.

ما هي مضاعفات المرض؟

يمكن لداء البروسيلا أن يصيب أي عضو في الجسم، ومن ضمن ذلك القلب والكبد والجهاز العصبي المركزي والجهاز التناسلي. ويمكن للبروسيلا المزمنة أن تتسبب في ظهور مضاعفات في عضو واحد أو في كامل الجسم، ومن المضاعفات الممكن حدوثها:
• التهاب الغشاء الداخلي للقلب: و هو أكثر مضاعفات داء البروسيلا خطورة وجدية، ويمكن أن يضر أو يدمر صمامات القلب إذا لم يعالج وهو المسبب الرئيسي للوفيات المتعلقة بالبروسيلا؛
• التهاب المفاصل :يتميز التهاب المفاصل والعظام بألم في المفاصل، بالإضافة إلى تيبسها وانتفاخها، وخصوصا مفصل الركبة والورك والكعب ومفاصل العامود الفقري، ويمكن لالتهاب أن يكون صعب العلاج وأن يتسبب بأضرار مستديمة؛
• التهاب الخصية: بكتيريا البروسيلا قد تصيب البربخ – وهو الأنبوب الملتوي الذي يصل القناة الناقلة للمني بالخصية- ومن هناك قد تنتقل العدوى الى الخصية نفسها، مما يتسبب بانتفاخ و ألم قد يكون شديداً، وقد تؤدي هذه الالتهابات إلى العقم عند الرجال. والبروسيلا يمكن لها أيضا أن تصيب غدة البروستات والكلى؛
• فقر الدم: وهو نقص في كريات الدم الحمراء السليمة، ويتصف ذلك بشحوب الجلد والإرهاق وقصر النفس؛
• التهابات الجهاز العصبي المركزي: وتشمل هذه الأمراض الخطرة مثل التهاب السحايا- وهو التهاب يصيب الأغشية المحيطة للدماغ والحبل الشوكي- و التهاب الدماغ – وهو التهاب الدماغ نفسه.

كيف يتم تشخيص المرض؟

قد يصعب تشخيص المرض في بادئ الأمر بسبب تنوع الأعراض وتشابهها مع بعض الأمراض الأخرى كالرشح والأنفلونزا. يبدأ التشخيص بالاستجواب العام للمريض لحالته الصحية وأعراضه واستجوابه الخاص بخصوص استهلاك الحليب غير المبستر ومشتقاته والتعامل مع الحيوانات الداجنة. ثم تتم الاستعانة بالفحوصات المخبرية التي تظهر ارتفاعا في دلالات الالتهاب العامة، وكذلك تظهر ارتفاعا بمستوى المضادات الجسدية الخاصة بالمرض، والتي وفقا لنوعها يتم تحديد مستوى حداثة الإصابة بالمرض، وقد يتعين إعادة إجراء هذه الفحوصات المخبرية عدّة أسابيع بعد إجرائها لالمرة الأولى للتأكد من الإصابة بالمرض. كذلك يتم التشخيص بناء على ثبوت وجود بكتريا البروسيلا في الدم عبر ثبوت نمو تلك البكتريا في مزرعة الدم أو نخاع العظم أو السائل الزلالي للمفاصل.

كيف يتم علاج المرض؟

يهدف علاج البروسيلا إلى تخفيف الأعراض والوقاية من معاودة المرض وتجنب المضاعفات، ويكون العلاج عن طريق تناول المضادات الحيوية الخاصة، وعادة ما يستخدم لعلاج هذا المرض تركيبة من هذه المضادات تحوي اثنين أو ثلاثة مضادات، حسب الحالة المرضية الخاصة. وعادة ما يتوجب تناول العلاج لمدة ستة أسابيع على الأقل، وفي بعض الحالات لمدة أطول تصل الى عدة شهور. يجب التنويه الى ان الأعراض لن تختفي كليا إلا بعد بضعة أشهر من بدء العلاج.

هل يحصل الجسم على مناعة للمرض بعد الإصابة والشفاء ؟

لا تعطي الإصابة بالمرض مناعة ضد الإصابة في المستقبل، فقد يتعرض المريض إلى انتكاسة (أي رجوع نشاط البكتيريا بعد العلاج ) ويحدث هذا غالبآ في الشهور الثلاثة الأولى إلى سنتين بعد العلاج. ومن الأسباب المؤدية لحدوث الانتكاسة:
- عدم الالتزام بالمدة المحددة للعلاج؛
- أخذ نوع من العلاج غير الفعّال؛
- التعرض لإصابة أخرى من جديح.

ما هي طرق الوقاية من المرض؟

- تجنب استهلاك الحليب غير المبستر ومشتقاته، واذا أصررت على تناولها فعليك غلي الحليب أو بسترته قبل شربه او انتاج مشتقاته؛
- طهي اللحوم جيدا قبل تناولها وتجنب تناول اللحم أو الكبد النيئ؛
- التأكد من أخذ العلاج بالطريقة الصحيحة ولفترة كافية حسب ما يقرره الطبيب؛
- المتابعة المنتظمة في العيادة الطبية لمدة سنة بعد الشفاء للتأكد من عدم إنتكاس المرض؛
- أخذ الحيطة و الحذر عندما تكون احتمالية الإصابة في مكان العمل عالية: على العاملين على في المختبرات التعامل مع العينات تحت شروط السلامة الحيوية، ويجب معالجة العاملين الذين تعرضوا لها فورا، وعلى المسالخ التقيد بشروط السلامة أيضا مثل فصل أماكن الذبح عن غيرها واستخدام الملابس الواقية والقفازات.
 

التعليقات