موسيقى فلسطين 2019... انحياز للراب والهيب هوب

فرقة "ضربة شمس"

 

في محاولتي لرصد المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ عام 2019، سأتطرّق إلى جوانب عديدة تؤثّر في الإنتاجات، منها الجغرافيا، وانعكاس الواقع السياسيّ والاجتماعيّ في الأغاني، وأهمّيّة هذه الإنتاجات في السياق التاريخيّ الحاليّ. مع ضرورة الإشارة إلى أنّ الحديث يدور أساسًا عن إنتاجات فنّيّة ثقافيّة، ويجب في الأساس تقييم هذه الأعمال من ناحية خاصّيّتها الفنّيّة والجماليّة.

سأركّز في هذا الرصد التلخيصيّ على ما يُسمّى "الموسيقى التحتيّة" (Underground) الفلسطينيّة، الّتي تسكن عالمًا موازيًا أصبح المدخل إليه أسهل في السنوات الأخيرة، بسبب العالم الرقميّ الّذي أتاح وجود فضاءات يمكن من خلالها نشر الموسيقى الإبداعيّة، غير التجاريّة.

تتيح هذه الفضاءات، مثل يوتيوب وساوندكلاود، الإمكانيّة لتحميل المقطوعات الموسيقيّة والفيديوهات من دون الحاجة إلى شركات إنتاج؛ فبإمكان أيّ شخص تحميل تسجيل لأغنية أو مقطوعة على حسابه الخاصّ، وبذلك يكوّن له مساحة شخصيّة لنشر أغانيه وموسيقاه في نفس الوقت، كما يُمنَح المستمعون أيضًا الفرصة للتعرّف والبحث عن الموسيقى والأغاني الجديدة وغير المألوفة. كثير من الفنّانين المعروفين اليوم في الساحة الموسيقيّة بدؤوا مسيرتهم عبر هذه المواقع والفضاءات؛ وهذا ما يجعل فرصة النجاح وإمكانيّته مرتبطة مباشرة بالجمهور لا بشركات الإنتاج والمنتجين الفرديّين. إضافة إلى ذلك، أتاح العالم الرقميّ للعديد من الفنّانين، التعاون الموسيقيّ وكسر حواجز الاحتلال وحدوده.

تنقسم الإنتاجات الموسيقيّة إلى إصدارات أغانٍ منفردة (Singles) وألبومات كاملة. سوف أبدأ الحديث بالتطرّق إلى الأغاني المنفردة، ومن ثَمّ إلى الألبومات بصفتها عملًا فنّيًّا كبيرًا مكوّنًا من أغانٍ عدّة.

 

أغانٍ مستقلّة

"زنّوبيا"

أطلقت فرقة "زنّوبيا"، المكوّنة من الثنائيّ عصام إلياس وناصر حلاحلة، والّتي نشأت في مدينة حيفا قبل بضع سنوات، أغنية جديدة، أو مقطوعة موسيقيّة لنكون أكثر دقّة، تُدعى "كسّر كسّر كسّر". تتّبع المقطوعة أسلوب "زنّوبيا" الّذي واظبت الفرقة على التركيز عليه دائمًا، وهو دمج أنغام تراثيّة وشعبيّة بموسيقى إلكترونيّة حديثة. يتحقّق دمج القديم والجديد في الأنغام، وفي الآلات أيضًا؛ فيستعمل ناصر حلاحلة الحاسوب، بينما عصام إلياس يستعمل "الكيبورد"، يدمجان آلات مختلفة ليصنعوا نوع موسيقى جديدًا. جاء اسم المقطوعة "كسّر كسّر كسّر" نسبةً إلى أغاني الفنّان الراحل شفيق كبها، الّتي يقول فيها ذات العبارة، أو يعيد لفظ "كسّر كسّر كسّر".

رغم الفترة الزمنيّة القصيرة منذ نشوئها، إلّا أنّ فرقة "زنّوبيا" حقّقت نجاحًا لافتًا، ليس فقط في أنحاء فلسطين والعالم العربيّ، إنّما أيضًا على الصعيد العالميّ. شاركت الفرقة في عروض عديدة في العالم، ووصلت حتّى الشرق الأقصى. يكمن سبب نجاح الفرقة في الأنغام الشعبيّة الصاخبة، الّتي لا تجذب الأشخاص المطّلعين على موسيقاها، والّذين اعتادوا عليها بسبب ثقافتهم العربيّة فقط، إنّما تجذب أيضًا مستمعين من شعوب وثقافات مختلفة، وخاصّة الجيل الشابّ الّذي يبحث عن الموسيقى الصاخبة الراقصة.

 

 

ليلى رينا 

ليلى مغنّية فلسطينيّة شابّة، بدأت مسيرتها الفنّيّة عام 2018، عندما أطلقت أوّل أغنية منفردة لها بعنوان "روق". بعدها أطلقت ليلى في شهر أيّار (مايو) من عام 2019، أغنية جديدة تُدعى "أنساك"، من كلماتها، ولحّنتها إلى جانب محمّد أبو أحمد. تتمتّع ليلى بصوت جميل ومميّز، وتكتب أغاني مختلفة عن الموسيقى الموجودة اليوم في المشهد الثقافيّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1948. أغنية "أنساك" جميلة، وجزء كبير من جمالها كامن في الألحان، والموسيقى العذبة الّتي تعتمد على تجديد مثير في طبقات الأصوات المختلفة والآلات. ثمّة أيضًا استعمال لآليّات حديثة إلكترونيّة، تضيف شيئًا مختلفًا ومميّزًا إلى الأغنية.

 

"ضربة شمس"

نشأت فرقة "ضربة شمس" قبل عامين تقريبًا في حيفا، وهي فرقة مكوّنة من خمسة أشخاص: حنان واكيم (غناء)، وسامر عساقلة (عود، ويكتب الكلمات والألحان للأغاني)، وورد بكري (بزق)، وأيال سمارة (إيقاع)، ووائل أبو جبل (جيتار باص).

لمّا تطلق الفرقة ألبومًا غنائيًّا بعد، بل أصدرت أغاني منفردة على قناتها في يوتيوب. تتمحور أغاني فرقة "ضربة شمس" حول المواضيع الاجتماعيّة والسياسيّة، في أراضي 48 بخاصّة، والعالم العربيّ بعامّة. على سبيل المثال، أغنية "دبّ الصوت" تتمحور حول الانتخابات البرلمانيّة الإسرائيليّة، منتقدة القائمة المشتركة، وفعل الانتخاب نفسه الّذي يبدّل بالحاكم العنصريّ آخر مشابهًا، مقدّمين بديلهم في "مشروع وطنيّ مش ذليل، مش مربوط بمقاعد". تعتمد الفرقة من ناحية موسيقيّة أساسًا على ألحان وأنغام تراثيّة وشعبيّة.

 

 

ألبومات

عند الحديث عن ألبوم موسيقيّ وتقييمه، ثمّة عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، عدا أنّ الأغاني المنفردة في الألبوم جميلة أو مميّزة. الألبوم الغنائيّ أو الموسيقيّ عمل فنّيّ كامل، يجب - حسب رأيي - أن يتبع فكرة محدّدة، إن كانت من ناحية ثيمات الأغاني، أو تيّارًا موسيقيًّا معيّنًا، أو أسلوبًا جماليًّا واضحًا.

 

جوان صفدي - "ابعد عن الشرق وغنّيله"

بعد الغياب فترة لا بأس فيها، يعود جوان صفدي ليصدر ألبومًا جديدًا بعنوان "ابعد عن الشرق وغنّيله". ثمّة خطّ واضح تكوّن في مسيرة جوان الفنّيّة، وهذا شيء جميل وقيّم، أن يحافظ موسيقيّ معيّن على أسلوب خاصّ به، مع الحاجة إلى التجديد والتطوّر. رغم تناول الألبوم مواضيع مهمّة وإبداعيّته في عرضها، إلّا أنّه كان ينقصه تجديد من نوع ما لم يتحقّق. يتمحور هذا الألبوم، كما أغاني جوان السابقة، حول مواضيع سياسيّة واجتماعيّة، إلى جانب مواضيع أخرى عن الفرد وهمومه في عالمنا الحديث. من حيث الموسيقى، تتميّز الأنغام والألحان بما يُسمّى أسلوب "الروك البديل"، الّذي اتّخذه صفدي أسلوبًا منذ أن بدأ مسيرته الفنّيّة.

 

فرج سليمان - "البيت الثاني"

أصدر فرج سليمان هذا العام، ولأوّل مرّة، ألبومًا غنائيًّا كاملًا، بعد النجاح الّذي حقّقته أغنية "إسّا جاي" المكوّنة من بيت واحد فقط؛ ومن هنا جاء اسم ألبومه الجديد "البيت الثاني"، تكملةً للبيت الغائب من الأغنية.

كتب أشخاص مختلفون كلمات الأغاني، جميعهم من الفلسطينيّين عدا الشاعر السوريّ عدنان العودة. يتضمّن الألبوم أغاني جميلة ومميّزة، تعتمد في الأساس على فكرة التجديد في التعامل مع مواضيع مألوفة، كالزواج أو شعور الندم، بينما أغانٍ أخرى تتمسّك بأساليب أكثر تقليديّة ومباشرة؛ وهو ربّما ما أدّى إلى أن يكون العمل غير ثابت وغير كامل فنّيًّا، إذ يفتقد الألبوم للوضوح في طابعه، من جهة الأسلوب والثيمات. رغم ذلك، فإنّ الألحان في معظم الأغاني جميلة جدًّا، وتشير إلى موهبة سليمان الكبيرة في التلحين، ويبقى الألبوم نهايةً محطّة مهمّة ومميّزة في الموسيقى الفلسطينيّة.

 

فرقة "الدام" - "بين حانة ومانة"

الشيء الّذي يميّز فرقة "الدام" بشكل خاصّ، محاولتهم الدائمة للتجديد الموسيقيّ والتطوّر الفنّيّ، وتركيزهم على المواضيع الملحّة الحسّاسة والصعبة في مجتمعنا. ألبوم الفرقة الجديد متنوّع ومميّز من حيث الأغاني وطريقة طرح المواضيع المختلفة؛ يطرحون في الألبوم مواضيع اجتماعيّة وسياسيّة ودينيّة ونسويّة، بشكل جدّ ناجح. لكنّ الأغنية - حسب رأيي - الأكثر نجاحًا وتميّزًا هي "جسدكهم". إن أردنا أن نكون أكثر دقّة في وصف هذه الأغنية، فهي إلقاء جميل لمونولوج شخصيّ لامرأة تحارب من أجل حرّيّتها وحرّيّة جسدها. وقد جاءت متوائمة مع سياقها، إذ ثمّة محاولات ثوريّة وجريئة لمناهضة العنف ضدّ المرأة، برزت على الساحة بشكل قويّ في الآونة الأخيرة، أبرزها حراك "طالعات"، وحملة "السوار" تحت عنوان "16 يوم شهادة".

 

شبّ جديد والناظر – "سندباد"

إن كان عليّ اختيار ألبوم العام أو فنّان العام، فشبّ جديد وألبومه "سندباد" - حسب رأيي - حقّقا هذا العام التجديد الأكبر والتميّز الأعلى. يعود النجاح الكبير في فترة قصيرة نسبيًّا إلى أسلوب جديد، لم نجده من قبل في المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ؛ مشهد الراب والهيب هوب تحديدًا. الناظر هو المنتج للأغاني، الّذي يكتب أيضًا الموسيقى، بينما شبّ جديد يكتب كلمات الأغاني.

يضمّ الألبوم مواضيع عديدة، منها سياسيّة واجتماعيّة، ومنها أيضًا ما هو ذاتيّ، لكنّ الشيء الّذي يميّز الكلمات والمواضيع ليس مضمونها فحسب، بل في الأساس طريقة طرحها، والإبداعيّة في التعامل معها وعرضها، والتلاعب في أصوات الحروف. يستخدم شبّ جديد أساليب لغويّة عديدة في كلماته، رغم ادّعائه أنّه ما له "في النحو والصرف". واحد من الأساليب المميّزة هذه الجناس أو التجنيس اللفظيّ (Alliteration)، ومعناه تشابه لفظيّ مع الاختلاف في المعنى، فيَبرز عدد معيّن من الأحرف في الجملة؛ وهو ما يخلق نغمات تضيف من الحلى اللفظيّة إلى الجملة، مثال من أغنية "سندباد": "تتحسّر حظّك حظّ كلاب /حزّر فزّر سدّ الباب/ سندباد هاد سندباد /سند راح هاد سند جاء". هناك إعادة على أحرف معيّنة، إضافة إلى القافية، ما ينتج تجربة سماعيّة ممتعة ومميّزة، تخلق من اللغة نفسها موسيقى وأنغام، وإضافة إلى ذلك فالموسيقى والإيقاع يجذبان المستمع، وتصبح التجربة السماعيّة ممتعة ومميّزة، ويكمن هذا النجاح أيضًا بالتناغم بين الكلمات واللحن والموسيقى والأداء.

عدا الخاصّيّة الفنّيّة والموسيقيّة في ألبوم شبّ جديد والناظر، فإنّهما يعرضان ويمثّلان جيلًا من الشباب الّذي لم يكن له حضور قويّ من قبل. يتعاملان في أغانيهما مع مواضيع تخصّ هذا الجيل، وخاصّة شريحة معيّنة من هذا الجيل؛ هي ما يُسمّى بـ "الدوديم"، أولئك الشباب الّذين يقضون معظم وقتهم في الشوارع، يقودون السيّارات إلى ساعات متأخّرة من الليل، في طريق خالٍ من أيّ هدف أو مصير واضح. غالبًا ما نتعامل مع هذه الشريحة باستعلاء، ونصدر أحكامًا قاسية بحقّها، وهذه فرصة لنا بصفتنا مجموعة لنتعرّف حياة هؤلاء الشباب وهمومهم، وطرح الأسئلة عن أحكامنا السابقة، وعن هذه الحياة القريبة جدًّا منّا، لكنّنا لا نريد تعرّفها وفهمها. ثمّة طرح جميل جدًّا لهذه الحياة والتجربة، أو الصعوبات والمشاعر الّتي ترافقها في أغنية "مدرسة" من ألبوهم الجديد، لكن شبّ جديد لا "يتمسكن" كما يقول في حوار معه على موقع "معازف"، إنّما يحتفل أيضًا بهذه الحياة، أو لا يتعامل معها فقط بشكل سلبيّ، إنّما يعرضها كما هي؛ في جمالها وبشاعتها. يتكلّم شبّ جديد في النهاية من هذه الشريحة، وعن هذه الشريحة، ويكوّن له لغة خاصّة به، تميّزه عن بقيّة مغنّي الراب والهيب هوب.

 

بدر عازم – "12 AM"

بدر عازم مغنّي راب وهيب هوب من مدينة الطيّبة في فلسطين، عمل مع فنّانين عديدين أغاني منفردة، مثل "السينابتك" و"Bigsam". أصدر هذا العام، ولأوّل مرّة، ألبومًا خاصًّا به يضمّ عشر أغانٍ، بعضها بالاشتراك مع فنّانين آخرين، مثل محمود جريري وياسمينا أبو نصّار وغيرهما.

الألبوم مثير بشكل خاصّ في الألحان والموسيقى والدمج الجديد بين أساليب مختلفة، كالهيب هوب، والــR&B ، والـ Soul، والروك، ويبشّر بموهبة جديدة خاصّة. أمّا أكثر الأغاني تميّزًا في الألبوم فهي أغنية "حرّ"، الّتي نجد فيها سولو (Solo) جميلًا جدًّا لجيتار وكلمات تصف حالة شخصيّة من الرغبة في الحرّيّة، عبر الاستسلام للبحر وأمواجه.

 

سلّام ناصر وشائك – "جبر الكسر"

أصدر هذا العام الرابر سلّام ناصر ألبومًا جديدًا يُدعى "جبر الكسر"، وقد عمل عليه مع ماهر الحايك "شائك". سلّام رابر فلسطينيّ - سوريّ، عائلته في الأصل من مدينة حيفا، لكنّه وُلد وعاش في مخيّم اليرموك في سوريا، ولجأ إلى النرويج مع بداية اندلاع الثورة في سوريا.

يحتوي ألبومه الجديد على أغانٍ تحمل عنوان "معادلات"، وينقسم الألبوم إلى 13 معادلة. يقول ناصر في حوار مع موقع "معازف"، إنّ "الفكرة هي معادلات عم نواجهّا بحياتي أنا وشائك"، "من معادلة 1 إلى معادلة 13، معادلات لها حلّ ومعادلات ليس لها حلّ". إنّ مواضيع الأغاني والألبوم تتمحور حول تجارب الشابّين الشخصيّة، خاصّة في الاغتراب واللجوء والحنين إلى الوطن.

 

كميليا جبران وفرانز هاسر – "و"

أصدرت كميليا جبران، بالاشتراك مع الموسيقيّ والمنتج السويسريّ فرانز هاسر، ألبومًا جديدًا باسم "و"، وهو الألبوم الثالث المشترك بين جبران وهاسر. في حديث لها مع موقع "رصيف ٢٢"، قالت جبران إنّ اختيار"و" اسمًا للألبوم، جاء بسبب حضور هذا الحرف في ألبوماتها السابقة مع هاسر؛ فالألبوم الأوّل يُدعى "وميض" والثاني "ونبني".

يضمّ الألبوم لأوّل مرّة أغاني من كتابة جبران، عدا أغنية واحدة من كلمات الشاعر أبو عبدالله الحميدي. أمّا بالنسبة إلى الموسيقى، فبعد مشروعها مع فرقة "صبرين" وانتقالها للعيش في فرنسا، اتّخذت كميليا أسلوبًا أكثر تجريبيّة، حاولت من خلاله ابتكار نوع موسيقًى جديد، يكسر القوالب المألوفة والتقليديّة لبنية المقطوعة الموسيقيّة. في هذا الألبوم، يمكننا أيضًا رؤية تكملة هذا الخطّ التجريبيّ، الّذي ينتقل إلى مساحات موسيقيّة أكثر تجريديّة (Abstract).

 

خاتمة

ما يمكن استنتاجه من المشهد الموسيقيّ الفلسطينيّ هذا العام، أمران أساسيّان: الأوّل أنّ الموسيقى الفلسطينيّة تحاول العودة إلى ما هو تراثيّ وشعبيّ، وتفسيره وعرضه بطريقة جديدة، أحيانًا عبر دمجه بموسيقى إلكترونيّة، حديثة وغربيّة. والأمر الثاني يكمن في انتشار الراب والهيب هوب في السنوات الأخيرة، ما يُثير العديد من الأسئلة حول أسباب هذا الانتشار وتفاعل الجيل الشابّ مع هذا الجانر تحديدًا. ربّما يعود ذلك إلى بحث هذا الجيل عن موسيقى تشبهه وتعبّر عمّا يدور في عالمه الداخليّ والخارجيّ. ربّما الاستخدام الأكثر حرّيّة للكلمات في الراب، يمنح القوافي المتشابكة والأساليب البلاغيّة مكانة أكثر بروزًا من أساليب أخرى، وهذا يثري الأغاني، ويضيف إليها طابعًا خاصًّا وموسيقًى إيقاعيّة تنجح في الوصول إلى قلوب العديد، بسبب حرّيّة التعبير المباشرة. إضافة إلى ذلك، الراب عادةً يكتبه أشخاص قادمون من طبقات وشرائح مهمَّشة وضعيفة في المجتمع، وهو ما يدفع العديد من الناس، خاصّة البسيطين منهم، إمكانيّة التواصل مع هذا النوع من الموسيقى، الّذي غالبًا ما يتحدّث عنهم ومنهم.

 

 

* تُنشر هذه المادّة ضمن ملفّ خاصّ بعنوان "الإنتاج الثقافيّ الفلسطينيّ 2019"، بالتعاون مع جمعيّة الثقافة العربيّة، حيث شاركت كاتبة المقالة ضمن أمسية تلخيصيّة خاصّة تحمل العنوان نفسه.

 

شادن هيب

 

 

من مواليد الناصرة عام 1993. حاصلة على البكالوريوس في الأدب الإنچليزيّ وتاريخ الفنّ والسينما من "جامعة تل - أبيب"، تدرس الماجستير في الأدب الإنچليزيّ في الجامعة نفسها.