حين يعطش الغرباء: التخطيط والإدارة الصهيونيّة للمياه، وتخريب طبيعة فلسطين

عمّال إسرائيليّون خلال إقامة مشروع المياه القطريّ، 1960 | متحف الشعب اليهوديّ

لم تبنِ الحركة الصهيونيّة مستوطنات فقط، بل خطّطت دولة بكامل مركّباتها على أرض فلسطين. مهندسوها القادمون من الغرب، والّذين لم يعيشوا المكان، حملوا الخرائط والأقلام، ورسموا خطوطًا على الورق. وفي خلال بضع سنوات، ستتحوّل هذه الخطوط إلى مشاريع مياه وشوارع وأراضٍ زراعيّة ومناطق صناعيّة، تشقّ وجه الأرض من شمالها إلى جنوبها؛ لتؤمّن الهيمنة العسكريّة والسياسيّة للمشروع الصهيونيّ.

من بين المحاور التخطيطيّة العديدة، شكّل تخطيط المياه أداة مركزيّة، وُظّفت سياسيًّا منذ بدايات الاستيطان الصهيونيّ في فلسطين. واجه تخطيط المياه الإسرائيليّ الطبيعة أوّلًا، طوّعها وغيّر نظامها؛ فأصاب عمق ارتباط الإنسان الفلسطينيّ ببيئته الطبيعيّة.

 

"الكتاب الأبيض" وخطاب وفرة المياه

بدأ التنظير للمخطّطات والمشاريع الصهيونيّة للمياه في فلسطين، في فترة الانتداب البريطانيّ، بدايةً من خلال مشاريع محلّيّة؛ لريّ المستوطنات اليهوديّة الّتي بدأ المهاجرون بإقامتها، ثمّ في صياغة مخطّطات أوسع؛ لتبرير الهجرة اليهوديّة بمئات الآلاف إلى فلسطين.

 

"الكتاب الأبيض" الصادر عن الانتداب البريطانيّ عام 1939

 

عام 1939، اقترنت قضيّة الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين لأوّل مرّة، بسؤال توفّر الموارد الطبيعيّة، والمياه من بينها؛ إذ أصدرت الحكومة البريطانيّة حينذاك "الكتاب الأبيض"، الّذي قضى بتحديد عدد المهاجرين اليهود بـ 75 ألفًا في السنوات الخمس التالية؛ نظرًا إلى محدوديّة قدرة المنطقة على الاستيعاب. رغم غضبها على إصدار "الكتاب الأبيض"، إلّا أنّ الحركة الصهيونيّة وجدت فرصة في تحويل قضيّة الهجرة، إلى نقاش علميّ واقتصاديّ حول الموارد الطبيعيّة، فقوبل الادّعاء البريطانيّ بأبحاث علميّة، ومشاريع هندسيّة وتكنولوجيّة من مهندسي الحركة الصهيونيّة ومخطّطيها ومؤيّديها، تدعم خطاب وفرة المياه في "أرض الميعاد" وتثبّته. إنّ أهمّ الأفكار والمخطّطات الّتي طُرحت حينذاك، كانت تحويل مياه نهر الأردنّ إلى النقب الصحراويّ، عبر مشروع قطريّ، يستغلّ وفرة المياه في الشمال؛ لريّ الجنوب وتمكين الهجرة اليهوديّة.

 

فرض واقع على الأرض

إنّ الادّعاء بوفرة المياه في فلسطين، المرفق بمخطّطات هندسيّة، لم يبرّر الهجرة اليهوديّة بمئات الآلاف فحسب، بل أعطى الضوء الأخضر للتوسّع الإسرائيليّ على أرض فلسطين دون حساب، إلّا للحاجات الأمنيّة والإستراتيجيّة للدولة الناشئة على أنقاض النكبة. بدأت المشاريع التخطيطيّة الإسرائيليّة ببناء الدولة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، الّتي لم تعد تعرف مساحات لم يطلها التخطيط الإسرائيليّ، فضمن حدود عام 1967، تملك الدولة الإسرائيليّة - بعد المصادرات المجحفة للأراضي الفلسطينيّة - ما مساحته 93% من مجمل الأراضي؛ الأمر الّذي سهّل عمليّة التخطيط والتقسيم والبناء.

 

 دافيد بن غوريون في جولة بالنقب عام 1952 | مجموعة الصور الوطنيّة الإسرائيليّة

 

ضمن الرؤيا الشاملة للخريطة الجديدة، اعتُبر جنوب فلسطين الّذي هُجّرت غالبيّة سكّانه المطلقة، ذراعًا أمنيًّا واقتصاديًّا للدولة الإسرائيليّة حسب دافيد بن غوريون، ولم تمنع البيئة الصحراويّة للنقب من نشر الأراضي الزراعيّة، والبلدات الجديدة، والغابات، والمناطق الصناعيّة على امتداد الصحراء. في النقب وغيره من المناطق، غطّت الأراضي الزراعيّة - المستهلك الأكبر للمياه - مناطق حدوديّة عديدة؛ مشكّلةً أحزمة أمنيّة ومصدر معيشة للمهاجرين الجدد. وقد أقيمت في بداية الخمسينات من القرن الماضي "بلدات التطوير" الإسرائيليّة، الّتي هدفت إلى تسكين الموجات التالية من المهاجرين، في مناطق إستراتيجيّة في الجليل والنقب؛ لترسيم حدود الدولة ونشر السكّان على أطرافها وفي عمقها. وزُرعت الغابات على الحدود، وفوق القرى المهجّرة، وبين القرى الباقية، تحت ذريعة القيمة البيئيّة، كاسيةً مساحات واسعة. كانت السيطرة على الأرض هاجسًا تخطيطيًّا إسرائيليًّا، وصل حدّ توزيع عشرات الدونمات، على كلّ عائلة وافقت على العيش في مزرعة فرديّة نائية، وقد سُمّي هذا النمط السكنيّ الزراعيّ "مزرعة فرديّة"؛ فانتشر حوالي مئة مزرعة في الجليل والنقب، ولوّنت مساحة إضافيّة على الخريطة.

 

من الوفرة إلى الشحّ

احتاج التطرّف التخطيطيّ الإسرائيليّ، والّذي رافقته هجرة ملايين اليهود إلى فلسطين، إلى تنظيم وإدارة ناجعة للمياه؛ كي يضمن وصولها إلى كلّ أطراف مشروعه، وتوزيعها حسب أولويّاته وإستراتيجيّته. وعلاوة على الحاجة التنظيميّة إلى المياه، عملت دولة إسرائيل في بداياتها على تأسيس مرافق الدولة الرسميّة، وبناء الهويّة الإسرائيليّة والدولة القوميّة؛ فكانت السيطرة على المياه تحت سلطة حكوميّة واحدة مشروعًا مركزيًّا آنذاك. احتاج هذا المشروع إلى تراجع عن التمسّك بالادّعاء، القائل إنّ المياه في فلسطين وافرة، وسُنّ عام 1959 قانون إسرائيليّ جديد، حوّل المياه إلى ملك عامّ للدولة، تدير شؤونه سلطة المياه الحكوميّة، ويمنع استعمال أيّ مصدر مياه بلا موافقة السلطة. 

 

"عَراد": من المدن المصنّفة إسرائيليًّا ضمن "بلدات التطوير"

 

بدأت السلطات الإسرائيليّة، في هذه المرحلة، بناء مشروع المياه القطريّ، الّذي يضمّ جميع محطّات المياه وقنواتها، في شبكة واحدة تنظّم توزيع المياه، من مصادر المياه في الشمال الغنيّ إلى الجنوب الصحراويّ. عام 1964، احتفلت الدولة الإسرائيليّة ببدء ضخّ المياه عبر محطّات تكنولوجيّة، من بحيرة طبريّة وصولًا إلى النقب؛ ليصبح – بذلك - نهر الأردنّ المصدر المركزيّ للمياه. وقد رافقت بناء مشروع المياه القطريّ تشديدات أمنيّة إسرائيليّة، وكان سببًا في اندلاع مواجهات عديدة مع الدولة السوريّة؛ لأنّه يحرف مجرى مياه نهر الأردنّ، الّذي تملك سوريا والأردنّ حقًّا فيه وفي ينابيعه الّتي ستتأثّر من المشروع.

يُعتبر مشروع المياه القطريّ الإسرائيليّ، واحدًا من أهمّ المشاريع القوميّة الّتي تتغنّى بها إسرائيل تكنولوجيًّا وإداريًّا، ولكن في الوقت ذاته، استنزف المشروع مصادر المياه الطبيعيّة المتاحة في المنطقة: نهر الأردنّ، وبحيرة طبريّة، والمياه الجوفيّة في حوضَي الساحل والجبال الرئيسيّين؛ انتقل بهذا خطاب الشحّ، من خطاب سياسيّ تنظيميّ إلى واقع، فيه يمكن رؤية الجفاف بالعين المجرّدة. وصل مستوى المياه في بحيرة طبريّة، المستمرّ في الهبوط، إلى حضيض تاريخيّ، بعد حوالي أربعين عامًا من بدء الضخّ من البحيرة، وقد تقلّصت مساحة البحر الميّت، بما يزيد على 35%، في غضون أربعة عقود فقط من انطلاق المشروع الإسرائيليّ، وفقد البحر اليوم جزأه الجنوبيّ بالكامل، الّذي تحوّل إلى بحيرة صناعيّة. أمّا الاستهلاك المبالغ فيه للمياه الجوفيّة، فقد أدّى إلى خفض مستواها إلى درجة تمليحها؛ وتأثّرت بهذا ينابيع عديدة، وجفّت أنهار كثيرة على طول البلاد.

 

ظهور جزيرة في قلب بحيرة طبريّة بسبب التناقص المستمرّ في مستوى مياهها | EBA

 

في غضون بضعة عقود فقط، وصل جفاف المياه في المنطقة إلى ذروة شكّلت تهديدًا على البقاء، ومهّدت لانطلاق مرحلة جديدة في تخطيط المياه في إسرائيل، تعتمد بالأساس على تحلية مياه البحر والمياه العادمة. تشكّل اليوم المياه المحلّاة مصدر المياه الأساسيّ؛ ومن ثَمّ توقّف الضخّ من بحيرة طبريّة إلّا لحاجات محلّيّة، وتحوّل اتّجاه مشروع المياه القطريّ ليبدأ من الساحل، من منشآت التحلية الخمس إلى باقي البلاد.

 

تغيير نظام الطبيعة؛ الضرر البيئيّ

"إنّ ريّ الصحراء من مياه البحر المحلّاة يبدو حلمًا للكثيرين، لكنّ دولة إسرائيل بالذات عليها ألّا تخاف الحلم القادر على تحويل نظام الطبيعة؛ فإنّ كلّ ما تحقّق في هذه الدولة هو نتيجة أحلام تحقّقت بالرؤيا، والعلم، والقدرات الطلائعيّة"، بهذه الكلمات الّتي تتعالى على طبيعة المكان؛ تخيّل بن غوريون إمكانيّة تحلية المياه؛ وحقًّا طوّعت إسرائيل الطبيعة، وحوّلت نظامها في كلّ مراحل التخطيط الإسرائيليّة، وليس فقط في التحلية.

 

جفاف البحر الميّت: اختفاء الجزء الجنوبيّ | Nasa

 

أدّى الضخّ والاستهلاك المبالغ فيه للمياه إلى جفاف البحر الميّت، وخفض مستوى المياه في بحيرة طبريّة، ثمّ أدّى هذا الأمر إلى تغيير مجرى العديد من الأنهر والروافد، المنتهية في البحر الميّت. إضافة إلى ذلك، أدّى استعمال مياه بحيرة طبريّة المالحة نسبيًّا، إلى ارتفاع ملوحة التربة الزراعيّة المرويّة منها؛ الأمر الّذي أهلك إمكانيّة نموّ مزروعات عديدة ميّزت منطقتنا كالبساتين وغيرها. استمرّت هذه الأزمة، حتّى بعد أن تحوّلت الزراعة إلى الاعتماد على المياه العادمة المحلّاة، والّتي تُنظَّف من الملوّثات، ولكنّها تبقى بدرجة ملوحة عالية، تفوق ما تتحمّله التربة الزراعيّة.

حاربت إسرائيل الطبيعة بتجفيف العديد من المستنقعات كالحولة وغيرها من مستنقعات الساحل؛ بهدف تأهيل الأرض للزراعة والبناء؛ وأدّى هذا إلى القضاء على التركيبة البيئيّة لهذه المناطق، وعلى إمكانيّة تسرّب المياه إلى الأحواض الجوفيّة. وقضت إسرائيل على مئات آلاف الدونمات من المحميّات الطبيعيّة؛ لتوسيع رقع الاستيطان.

 

بحيرة الحولة | ويكيميديا

 

أمّا الصحراء فتعاني حربًا علنيّة وواضحة على طبيعتها؛ تحارب إسرائيل الصحراء باللون الأخضر؛ بالزراعة والغابات، وتحاربها بالبناء والمصانع، ثمّ إنّ الزراعة غيّرت من لون الأرض، وأثّرت في المناخ الصحراويّ؛ في كمّيّة الأمطار والسيول والحرارة وغيرها، كما شقّت الآلات الثقيلة الأرض الصحراويّة لزراعة الغابات؛ فأضرّت بالتربة وبالنظام البيئيّ الّذي تعرفه الصحراء ويميّزها. وقد جرى مدّ الزراعة والبلدات والمصانع، والقواعد العسكريّة، والصناعة النوويّة، والمزارع الفرديّة، وغيرها من مشاريع انتشرت في النقب، بكلّ البنى التحتيّة اللازمة؛ فوصلت أنابيب المياه إلى كلّ النقب، واستُهلكت الموارد لتروي البناء السريع الّذي غيّر الصحراء.  

 

الإنسان الفلسطينيّ ضحيّة العطش والتغيير البيئيّ

بعد أن سيطرت الدولة الإسرائيليّة على جميع مصادر المياه، لم توزّعها بالعدل؛ فبالإضافة إلى الكمّيّات الشحيحة، الّتي تمنحها إسرائيل لمناطق الضفّة الغربيّة وغزّة، وتجفيف مصادرهما الجوفيّة؛ تعاني البلدات الفلسطينيّة في أراضي 48 سياسات تمييز كثيرة، وتقع ضحيّة لاستنزاف الموارد الحاصل.

 

واحدة من خمس في إسرائيل: منشأة تحلية المياه في أشكلون

 

صادرت مشاريع المياه أراضي فلسطينيّة في أراضي 48، ومرّت من خلالها دون أن ترويها، بل روت الأراضي الزراعيّة الواسعة في البلدات اليهوديّة؛ ما أدّى إلى عدم قدرة الفلسطينيّ على الاعتماد على زراعات الريّ كغيره، وعدم قدرته على منافسة رأسماليّة سوق الزراعة الإسرائيليّة، الّتي تملك المساحات والمياه. تمارس الدولة تمييزًا صارخًا؛ إذ تمنع مدّ أراضٍ يملكها فلسطينيّون بالماء، وبالمقابل تمدّ الأراضي الزراعيّة المجاورة تمامًا، والّتي تقع ضمن مسطّحات البلدات اليهوديّة. وقد أصبحت الأراضي الزراعيّة، والّتي اعتاد الفلسطينيّ على الاعتياش منها، غير مربحة، وبات بيعها - فرديًّا، أو تحت تأثير محاولات إسرائيليّة عديدة، بشراء أراضٍ زراعيّة غير مربحة من الفلسطينيّين - يهدّد ما تبقّى للفلسطينيّ من مساحات مفتوحة، بعد أن خنقه التخطيط الإسرائيليّ، في بلدات مكتظّة جدًّا، لا تتعدّى مساحتها الـ 3%.

إلى جانب فقدان الأرض، استغلّت إسرائيل سيطرتها على المياه، ومنعت البلدات البدويّة، في الجليل والنقب، من الاتّصال بشبكة المياه؛ فما زالت عشرات البلدات في النقب غير معترف بها، ولا تصلها المياه حتّى اليوم، وفي حين حُرم البدو من قنوات المياه؛ مُنعوا أيضًا من بناء الآبار، ومن مدّ الأنابيب بشكل فرديّ؛ ليضطرّ البدويّ إلى شراء المياه بأسعار مضاعفة؛ هذا العطش يجعل من الزراعة أيضًا أمرًا شبه مستحيل؛ ففي حين يحصل المزارعون في الدولة على أسعار مياه مخفّضة؛ سيضطرّ البدويّ إلى شراء الماء بأسعار تعادل أضعاف أسعار مياه الشرب؛ فتتوسّع الهوّة - الواسعة أصلًا - بينه وبين منافسه اليهوديّ. تمنع إسرائيل إيصال البلدات بالماء؛ لممارسة المزيد من الضغط على البدو؛ لينتقلوا إلى مدن التركيز السبع، الّتي أقيمت في النقب.

 

طفل فلسطينيّ في النقب | عَدالة

 

فوق العطش المباشر، ضاعفت الحرب على الصحراء مأساة البدويّ؛ فمن اعتاد على الحركة الحرّة في الطبيعة الصحراويّة، وعلى الزراعة تِبعًا للمناخ والأمطار والسيول، وعلى تربية المواشي وريّها من مصادر المياه الّتي بحث عنها البدويّ في الطبيعة؛ أصبح اليوم ضحيّة تغيّرات بيئيّة، أصابت صلاحيّة تربته، ومياهه الجارية الّتي عرفها واعتاش منها. لقد تحوّل البدويّ، في فترة زمنيّة قياسيّة، من ابن للصحراء إلى ابن للمدن المصطنعة، وإلى عامل يعتمد على الاقتصاد الإسرائيليّ، في المدينة المجاورة، دون بدائل.

في غضون بضعة عقود، حوّلت إسرائيل وجه المكان الّذي اعتاش فيه الإنسان الفلسطينيّ، والّذي شكّل هويّته وإمكانيّات تطوّره الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وكان في هذا التغيير ضرب للعلاقة الّتي تربط الفلسطينيّ بأرضه، وضرب لمعرفته طبيعة بلاده.

إنّ السلطة الإسرائيليّة، على الأرض والطبيعة، تركت جرحًا فوق الأرض، يغيّر في معالمها، وفي هويّة سكّانها الأصليّين يوميًّا.

 

** تُنشر هذه المقالة بالتعاون مع "مسرح خشبة"، في إطار سلسلة محاضرات ضمن موسمه الثالث، "الموسم المتطرّف" 2018 - 2019.

 

 

لمى شحادة

 

 

مهندسة معماريّة. حاصلة على البكالوريوس من "معهد التخنيون" في حيفا. تدرس الماجستير في تخطيط المدن في "جامعة كورنيل" في الولايات المتّحدة.