21/04/2016 - 14:32

سياسة الفصل الإسرائيلية تمس بالمجتمع المدني الفلسطيني

أصدرت جمعيّة "ﭼيشاه-مسلك" يوم أمس الأربعاء، بحثًا جديدًا تحت عنوان "شرذمة مجتمع"، يتناول تأثير الإغلاق وسياسة الفصل الإسرائيليّة بين قطاع غزّة والضّفّة الغربيّة، على مؤسّسات المجتمع المدنيّ في غزّة وعلى عملها.

سياسة الفصل الإسرائيلية تمس بالمجتمع المدني الفلسطيني

أصدرت جمعيّة 'ﭼيشاه-مسلك' يوم أمس الأربعاء، بحثًا جديدًا تحت عنوان 'شرذمة مجتمع'، يتناول تأثير الإغلاق وسياسة الفصل الإسرائيليّة بين قطاع غزّة والضّفّة الغربيّة، على مؤسّسات المجتمع المدنيّ في غزّة وعلى عملها.

ويعتمد البحث على مجموعات ومقابلات معمّقة تمّ إجراؤها مع ممثّلين وممثّلات عن 32 مؤسّسة مجتمع مدنيّ من قطاع غزّة، من 5 قطاعات مختلفة، مؤسّسات نسائيّة، مؤسّسات ثقافيّة، مؤسّسات حقوق إنسان، مؤسّسات تنمويّة ومؤسّسات إنسانيّة تقدّم خدمات صحيّة ونفسيّة، وخصوصًا للأشخاص ذوي الإعاقة.

 ومن أبرز الأضرار التي تنجم عن سياسة الفصل وتقييد الحركة والتّنقّل بين غزّة والضّفّة هو انعدام إمكانيّة اللقاءات بين مؤسّسات غزّة وفروعها أو المؤسّسات الموازية لها في الضّفّة الغربيّة، بهدف التّخطيط المشترك وتنسيق الأنشطة لمواجهة القضايا المعقّدة الماثلة أمام المجتمع الفلسطينيّ. كما تواجه هذه المؤسّسات صعوبات في إرسال موظَّفيها للتدريبات المهنيّة والدّورات لتطوير قدراتهم الحرفيّة ودراسة التّجديدات التّكنولوجيّة، التي تقام عادة في الضّفّة الغربيّة أو في دول الخارج.

 كما تصارع المؤسّسات الثّقافيّة والمؤسّسات التي تقدّم خدمات رياضيّة للأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال، من أجل مشاركة أعضائها في مسابقات ونشاطات خارج غزّة، لكن كثيرًا ما يمنع منهم الخروج، الأمر الذي يؤثّر سلبًا على عزيمة الرّياضيّين والفنّانين ويحدّ من قدرتهم على تطوير مهاراتهم. أمّا موظّفو المؤسّسات التي تقدّم خدمات رعاية نفسيّة فيواجهون صعوبات مهنيّة ونفسيّة في تقديم العلاج لجمهور المحتاجين اليهم بعد أن كان عليهم التّعامل بأنفسهم مع الضّغوط والفقدان الشّخصيّ، وفي فترات شعروا بالخطر الفعليّ يتربّص بحياتهم. كما أشار ممثّلو هذه المؤسّسات أنّ المعالجين النفسيّين يحتاجون بأنفسهم إلى علاجات ودعم مهنيّ والتّرويح عن أنفسهم في الخارج، خصوصًا في أعقاب العدوان الإسرائيليّ الأخير على غزّة، لكنّ المعايير الإسرائيليّة الصّارمة لا تسمح لهم بالخروج.

 ويظهر من البحث أنّ التّقييدات المفروضة على تنقّل سكّان قطاع غزّة، كما التّقييدات على دخول الأجانب إلى قطاع غزّة، تعرقل عمليّة تجنيد الأموال وتشكيل علاقات طويلة الأمد مع شركاء ومانحين لضمان العمل المتواصل والمبرمج.

وقد أجمع المشاركون في البحث أنّ وسائل التّواصل الإلكترونية لا تشكّل بديلاً عمليًّا للتواصل، وأنّها بأفضل الأحوال تشكّل بديلاً جزئيًّا لذلك. فقد ذكر المشاركون أنّه عن طريق السكايب مثلًا، لا يمكن تعلّم كيفيّة تشغيل جهاز طبيّ حديث، أو المشاركة في عرض فنيّ أو حتى عقد اجتماع لمجموعة مكوّنة من خمسة أشخاص بهدف مناقشة قضيّة هامّة والتّخطيط لحملة توعية في مجال ما. وأشار المشاركون أنّه في السّابق، عندما كان معبر رفح يعمل بشكل متواصل، كان موظّفو المؤسّسات مستعدّون لتحمّل أعباء السّفر عن طريق مصر إلى الأردن أو إلى دول أخرى للقاء نظرائهم من الضّفّة، لكن اليوم، لم تعد هذه الإمكانية واردة.

علاوة على هذه الآثار المباشرة، يشير ممثّلو المؤسّسات إلى أنّ سياسة الفصل الإسرائيليّة والإغلاق أدّتا إلى تغييرات اجتماعيّة بعيدة المدى وتغييرات في أولويّات سكّان القِطاع أثّرت كثيرًا على عملهم. النّقص المتواصل في الكهرباء ومياه الشّرب، ومعدّلات البطالة العالية، والخدمات الصحّيّة المتدنّية، كلّها همّشت قضايا هامّة كحقوق النّساء، والفنون، وتعزيز قيم حقوق الإنسان، وتلك مواضيع هي في صميم عمل المؤسّسات.

ويتّضح من المحادثات داخل المجموعات البؤريّة والمقابلات المعمقة أنّ للأضرار اللاحقة بعمل المؤسّسات وبالقضايا التي تعمل على تعزيزها جرّاء ذلك، ثمّة أبعاد أخرى، فهي تؤدّي إلى تآكل الرّوابط بين المجتمعين الفلسطينيّين في غزّة وفي الضّفّة الغربيّة، الأمر الذي ينتج الشّرذمة في الثّقافة المشتركة وفي القدرة على إيجاد الحلول للتحدّيات الحاليّة والمستقبليّة.

وينبغي على مؤسّسات المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ بذل كلّ جهودها لتعزيز وجود مجتمع معافى، مبدع، رؤوف، قادر على معالجة جميع احتياجات أفراده، مثلما يستحقّ أيّ إنسان. ورغم أن الانقسام الفلسطينيّ الدّاخليّ يثقل أيضًا على كاهلهم، يقول قادة المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ إنّ التّقييدات على التّنقّل تمسّ بقدرتهم على الدّفع باتّجاه المصالحة والتّعويض عن أضرار الانقسام.

ويوصي البحث بإنهاء سياسة الفصل الإسرائيليّة فورًا وبإزالة التّقييدات المفروضة على تنقّل الأشخاص، وإن كان ذلك منوطًا بفحص أمنيّ فرديّ، يُعتبر ذلك من الشّروط الأساسيّة لترميم الاقتصاد والمجتمع والسّياسة الفلسطينيّة ومفتاح لمستقبل أكثر استقرارًا في المنطقة. كما يوصي التّقرير بالاعتراف بالاحتياجات الشّرعيّة لمؤسّسات المجتمع المدنيّ وبأهميّتها البالغة لوجود مجتمع معافى، ولمنح موظّفيها حريّة التّنقّل إلى الضّفّة الغربيّة والخارج بشكل حرّ.

التعليقات