مع بدء الحرب على إيران قبل أيام، حوّلت إسرائيل الضفة الغربية المحتلة إلى سجن كبير بعد فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين، حيث أغلقت الطرق الرئيسية، ما أدى إلى شلل شبه كامل في حياتهم وفاقم من معاناتهم.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
لليوم الخامس على التوالي، يواصل الجيش الإسرائيلي تشديد إجراءاته العسكرية على مداخل ومخارج محافظات الضفة الغربية، في خطوة وصفها رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، مؤيد شعبان، بأنها "عقوبة جماعية ممنهجة، تهدف إلى تقويض الحياة المدنية وشل الحركة بين القرى والمدن".
إسرائيل تفرض قيودًا مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء الحرب على إيران: نحو 898 حاجزًا وبوابة عسكرية، وإغلاق مئات الطرق والمداخل، والشلل شبه تام بحركة العربات وتنقل الأهالي. pic.twitter.com/4cslHxtD7n
— موقع عرب 48 (@arab48website) June 17, 2025
تقرير لوكالة "الأناضول" ينقل عن شعبان قوله إن "منظومة الإغلاق الإسرائيلية تمثل اعتداءً فادحًا على الحقوق الأساسية المكفولة للفلسطينيين، وعلى رأسها حرية التنقل وتلقي العلاج"، مشيرًا إلى أن إسرائيل تتعمد إغلاق الطرق أمام الفلسطينيين أصحاب الأرض، بينما تبقيها مفتوحة أمام المستوطنين، في تكريس إضافي لنظام الفصل العنصري.
كما وأفاد بأن عدد الحواجز والبوابات والعوائق العسكرية تجاوز 898 حاجزًا بمختلف أشكالها وتصنيفاتها، معظمها مغلق أمام الفلسطينيين.
وتزامن تشديد الإغلاق الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة مع تصاعد حرب الإبادة على قطاع غزة واستهداف إيران، في إطار سياسة إسرائيلية "لطالما استخدمت التصعيد الأمني والعسكري كذريعة لفرض مزيد من القيود على الفلسطينيين"، بحسب تعبير التقرير.
جدير بالذكر إنه ومنذ اندلاع حرب الإبادة في غزة في 7 أكتوبر 2023، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بعموم الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 978 فلسطينيًا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفًا و500، وفق معطيات فلسطينية.
طوابير طويلة
تقرير "الأناضول" ينقل عن مراسلها في الضفة الغربية أنه "رصد وجود حواجز عسكرية مشددة عند مداخل عدة مدن، بعضها مغلق تمامًا ببوابات حديدية، وأخرى تشهد طوابير طويلة من المركبات وسط تفتيش دقيق".
أحمد عبادة، وهو سائق شاحنة لنقل البضائع، يقول إن "هذا هو المدخل الوحيد المفتوح منذ أيام، ننتظر لساعات طويلة للمرور"، في إشارة إلى المدخل الرئيسي لمدينة قلقيلية، حيث تصطف المركبات في طابور مزدوج يمتد لمئات الأمتار.
ويوضح عبادة أن "الجنود يعملون على تفتيش المركبات والبطاقات الشخصية، الأمر الذي يتسبب بتأخير وإعاقات"، مؤكدًا أن الإجراءات الإسرائيلية تستهدف تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم وسجون كبيرة.
كما وأشار إلى أنه اضطر خلال اليومين الماضيين إلى سلوك طرق ترابية وجبلية محفوفة بالمخاطر لتأمين إيصال المواد الغذائية إلى الأسواق.
احتجاز المركبات
على مدخل بلدة "بديا" غرب مدينة سلفيت، شمال الضفة الغربية، والذي أغلق ببوابة حديدية، منذ الجمعة، احتجز جيش الاحتلال عددًا من الشاحنات، وصادر مفاتيح بعضها.
ساجي الظاهر، وهو أيضًا سائق شاحنة لنقل المواد الغذائية، يوضح في تقرير "الأناضول" أنه "كنتُ أفرغ الحمولة لمركبة في الجهة الأخرى من البوابة، وفجأة حضر الجنود وصادروا المفاتيح وتركوني واقفًا في الشارع"، ويضيف أن "المنطقة محاصرة بالكامل، ولا سبيل للوصول إلى الجهة الأخرى. هناك سكان ينتظرون هذه الحمولة، ولا يمكنني تلبية احتياجاتهم".
إلى ذلك، رصدت عدسة "الأناضول"، يقول التقرير، مشاهد لعشرات الفلسطينيين، بينهم طلبة وعمال وموظفون، وهم يتنقلون سيرًا على الأقدام من مركبة إلى أخرى عبر بوابات مغلقة، في محاولة لتجاوز الحواجز والوصول إلى أماكن عملهم.
ناصر عبد الله، أحد الموظفين العالقين يقول إنه منذ أيام لم يتمكن من الوصول إلى عمله، "لا خيار أمامي سوى السير على الأقدام والتنقل من مركبة إلى أخرى".
ويضيف أن هذا المشهد "يعيدني إلى فترة انتفاضة الأقصى بين عامي 2000 و2004، لكنه اليوم أكثر قسوة وصعوبة بسبب طبيعة الإغلاق وانتشاره الواسع".
سياسة جديدة قديمة
منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000، تعتمد إسرائيل سياسة إغلاق الطرق ونصب الحواجز كأداة للسيطرة الأمنية على الضفة الغربية، حيث أنشأت منظومة معقدة من البوابات والمعابر ونقاط التفتيش التي تتحكم بحركة الفلسطينيين بين المدن والقرى، وتستخدم في كثير من الأحيان كوسيلة للعقاب الجماعي بعد أي توتر أمني أو تصعيد سياسي.
وبطبيعة الحال، تؤثر الإغلاقات المتكررة والحواجز العسكرية بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية في الضفة الغربية، حيث تعيق حركة البضائع والعمال وتؤدي إلى خسائر كبيرة للقطاع الخاص الفلسطيني، فضلًا عن تفاقم الأزمات في قطاعات مثل الزراعة والتجارة والصحة، نتيجة صعوبة الوصول إلى الأسواق والمرافق الأساسية.
اقرأ/ي أيضًا | تقرير: الضفة.. بلدة سنجل باتت أشبه بسجن كبير
التعليقات