"أطباء لحقوق الإنسان" و"عدالة" يطالبان المستشار القضائي بسحب دعمه لاقتراح قانون "التغذية القسرية" للاسرى

اقتراح القانون هذا يتضمن مسًا خطيرًا بحقوق الإنسان والأخلاقيّات الطبيّة؛ شرعنة قانونيّة لممارسات تندرج تحت تعريف التعذيب، من خلال السماح بتغذية وعلاج المضربين عن الطعام قسرًا؛ واستخدام الأطباء والطب من أجل تحصيل تفوّق سياسي-أمني؛ كما أنه يتناقض جوهريًا مع قانون حقوق المريض والمواثيق الدوليّة.

اقتراح القانون هذا يتضمن مسًا خطيرًا بحقوق الإنسان والأخلاقيّات الطبيّة؛ شرعنة قانونيّة لممارسات تندرج تحت تعريف التعذيب، من خلال السماح بتغذية وعلاج المضربين عن الطعام قسرًا؛ واستخدام الأطباء والطب من أجل تحصيل تفوّق سياسي-أمني؛ كما أنه يتناقض جوهريًا مع قانون حقوق المريض والمواثيق الدوليّة.

نُشر مؤخرًا أن المستشار القضائي للحكومة أعطى الضوء الأخضر لاقتراح قانونٍ يسمح بتغذية الأسرى المضربين عن الطعام قسريًا. ويمكّن اقتراح القانون، الذي  بادر لتقديمه كل من  وزارة الأمن الداخلي، الشاباك ومصلحة السجون الإسرائيليّة، المحكمة من أن تسمح لطبيب أن يُطعم أو يعالج مضرب عن الطعام قسرًا وبما يخالف إرادته وبما يتناقض مع قانون حقوق المريض.
الهدف من وراء اقتراح القانون يظهر جليا  في البنود المختلفة  لاقتراح القانون، وفي تصريحات القائمين عليه، ولا يترك مجالا للشك على انه وضع خصيصًا لكسر معنويّات واحتجاج الأسرى الفلسطينيين المضربين  عن الطعام، وذلك من خلال استخدام القوّة من قبل الدولة أو موكَّليها، والمسّ باستقلاليّة المضرب عن الطعام، دون إذنه ورغم اعتراضه، وهي ممارسات تتناقض جذريًا مع اتفاقية مناهضة التعذيب (CAT);.
من الجدير بالذكر أن كامل الإمكانيات مفتوحة أمام السلطات الاسرائيلية للتوصل إلى حلولٍ جذريّة للمشاكل قبل اضطرار الاسرى الوصول إلى مرحلة الإضراب عن الطعام، فإذا كان الهدف من القانون منع الضرر السياسي المتعلق بمظهر(صورة؟)  الدولة، فإنه من الأجدر أن يُعاد النظر بسياسات الاعتقال والسجن التي تُمارس ضد الفلسطينيين، والامتناع عن الاعتقالات التعسسفيّة والظروف المعيشيّة المتردية في السجن.
في رسالة أرسلتها أطباء لحقوق الإنسان ومركز عدالة يوم أمس الأحد (16.2.2014) للمستشار القضائي للحكومة، عبّرت المؤسستان الحقوقيّتان عن اعتراضهما القطعي لاقتراح القانون. وذكرت الرسالة أن "السلطات المختلفة المسؤولة عن تقديم اقتراح القانون شددت في مناسبات كثيرة على أن اقتراح القانون سيساعد على تقليص الضرر السياسي المترتب على إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، ويساعد السلطات على عدم الاستسلام لمطالب المضربين."
كذلك جاء في الرسالة أنه "من الممنوع بتاتًا أن تأتي الحلول للأوضاع السياسيّة المركبة عن طريق الارغام  وخرق القواعد الأخلاقيّة لطواقم الأطباء. نحن نعارض بشدة أي صيغة تسمح بتغذية والعلاج القسري، أو تفتح مجال لما يناقض المواثيق الدوليّة."
كذلك وضّحت المؤسستان الحقوقيّتان أنه لو كانت السلطات قلقة فعلاً على صحّة الأسرى المضربين عن الطعام، كما تدعي، فإن الأجدر بها التوقّف عن الإهمال الصارخ للحاجات الطبيّة للأسرى الفلسطينيين في إسرائيل. علما ان عددا من الأسرى الفلسطينيين – منهم محمد تاج، اكرم ريخاوي، ضرار أبو سيسي وكثيرون غيرهم، أضربوا عن الطعام بسبب الإهمال الطبي لحالاتهم.
هذا وقد جاء في الرسالة أن "الاكتراث بتزويد الأسرى المضربين عن الطعام بعلاج ومتابعة طبيّة ملائمة التي يحتاجها الأسرى، هي الطريقة الصحيحة للامتناع عن الأضرار الصحيّة والحفاظ على كرامة وإرادة المضربين، وكذلك لرفع احتمالات إنهاء الإضراب عن الطعام باتفاق ودون الوصول لمرحلة خطورة صحيّة."
قضيّة أخرى ظهرت في الرسالة تتطرق للمس باستقلاليّة ومكانة الطاقم الطبّي، حيث أن أمرًا قضائيًا يأمر بإطعام و/أو العلاج قسرا، يصادر من الطاقم الطبي الاستقلالية التي يحظى بها، وتمس بشكل خطير بالعلاقة بين الطبيب والمريض، تشجع على خرق القواعد الأخلاقيّة وتزيل عن الطاقم الطبي المسؤوليّة الجنائيّة عن أي أضرار يتسببون بها.
في السياق نفسه توجّه أعضاء لجنة الأخلاقيّات في منظمة أطباء لحقوق الإنسان-  د. مثال نصار، د. بتينة بيرمنس، د. نوعا بار حاييم، د. زيئيف فينر ود.كوبي أراد- إلى المدير العام لوزارة الصحّة، مطالبين بسحب دعم الوزارة لاقتراح القانون. وشدد أعضاء اللجنة على أن " اقتراح القانون مرفوض من أساسه، لكن مشاركة وزارة الصحّة في صياغته ودعمه تحمل في طياتها خطرا مضاعفا بسبب التناقض الجوهري مع مبادئ الأخلاقيّات الطبيّة وقواعد العمل المهني بحيث يشجع القانون العاملات والعاملين في جهاز الصحّة أن يخونوا ثقة ومصلحة المعالجين من أجل مصلحةٍ سياسيّة".

التعليقات