15/05/2025 - 12:49

حضرة أبو سرية: تسعينية تنظر من شرفة النزوح إلى مخيمها في جنين... وتُصِرّ على العودة

في عامها التسعين، تُجبر اللاجئة حضرة أبو سرية على النزوح مجددًا من مخيم جنين، حيث عاشت منذ هجرتها الأولى عام 1948. اليوم، تكتفي بالنظر من بعيد إلى منزلها الذي تُمنع من الوصول إليه، وتقول: "لن أرحل... أموت فيه".

حضرة أبو سرية: تسعينية تنظر من شرفة النزوح إلى مخيمها في جنين... وتُصِرّ على العودة

حضرة أبو سرية (الأناضول)

تقف الفلسطينية التسعينية حضرة أبو سرية على شرفة منزل لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، تحدّق بعينيها المتعبتين نحو المكان الذي احتضنها منذ تهجيرها الأول من قرية زرعين عام 1948، وقد بات اليوم خارج متناولها.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

فبعد أن عاشت فيه 77 عامًا، سنوات حياتها منذ النكبة؛ وجدت نفسها نازحة للمرة الثانية، بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة وعدوان الاحتلال المتواصل على المخيم منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.

وتعيش حضرة "بدون مأوى خاص"، متنقلة بين منازل أقاربها في جنين، بعد أن أجبرتها القوات الإسرائيلية على النزوح قسرًا منذ بدء العدوان على المخيم، في رحلة وصفتها بأنها "الأصعب والأقسى" ضمن موجات نزوح متكررة من المخيم بسبب الاجتياحات.

(الأناضول)

وبصوت حزين، تقول حضرة، التي عاشت مرارة الهجرة الأولى، إنها تتمنى العودة إلى منزلها في مخيم جنين و"الموت" هناك.

حضرة، واحدة من 40 ألف فلسطيني على الأقل أجبرهم الجيش الإسرائيلي على النزوح من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمالي الضفة، جراء عملياته المتواصلة هناك.

وفي الذكرى الـ77 للنكبة، يقول فلسطينيو الضفة الغربية إنهم يعيشون نكبة مستمرة جراء إجبارهم على النزوح من منازلهم وترك مناطق سكنهم وسط ظروف معيشية صعبة جراء فقدانهم ممتلكاتهم ومقتنياتهم.

هجرة 1948

وتروي النازحة المسنة حضرة حكاية تهجيرها من قريتها "زرعين"، شمال جنين، عام 1948، عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها.

وتقول إن نزوحهم جاء "بعد اشتداد المعارك وارتكاب العصابات الصهيونية مجازر بحق المدنيين الفلسطينيين".

وتوضح أنها وصلت برفقة عائلتها إلى بلدات مجاورة، ثم استقر بهم الحال في مخيم جنين.

(الأناضول)

وتشير إلى أن العصابات الصهيونية المسلحة دمرت قرية زرعين وحولتها إلى كومة من الحجارة، بعدما كانت منطقة نابضة بالحياة وتضم ينبوعًا مائيًا يسمى "عين زرعين" أو "الميتة".

وتضيف: "بعد النكبة زرنا البلدة، كانت عبارة عن كومة حجارة، تم هدم كل شيء فيها، ولم يبقَ لنا إلا الذكريات".

ومنذ ذلك الوقت، تقول حضرة إنها عاشت في مخيم جنين وكرست حياتها فيه، وتتابع: "المخيم يعني كل شيء بالنسبة لي، فيه الأحباب والجيران، فحياتنا باتت معلقة به".

النزوح الأصعب

وتؤكد حضرة أنها عاشت موجات نزوح متكررة من مخيم جنين خلال الاجتياحات الإسرائيلية، بدءًا من الاجتياح الكبير عام 2002، لكنها تصف النزوح الأخير بأنه "الأصعب".

وتقول "طُردنا من المخيم قسرًا حينما طلب منا الجيش الإسرائيلي عبر مسيّرات النزوح. خرجنا دون أي شيء، لم نحمل أي مقتنيات".

وتضيف "خرجت بملابسي وكيس (بلاستيكي) فيه أدويتي وبطاقتي وبطاقة الأونروا".

(الأناضول)

وتصف مشهد الخروج من المخيم تحت تحليق الطائرات، وسقوط الشهداء، واعتقال العشرات، وتدمير الشوارع. وتقول إنها مشَت على الأقدام رغم سنّها ومرضها.

وتتحدث بحنين عن منزلها: "كان صغيرًا لكنه يتسع لكل شيء"، ولا تعرف مصيره اليوم بعد أن بلغها أنه الاحتلال أحرقه.

وتضيف أن منازل كثيرة في المخيم هدمت، وأن ملامح المخيم تغيرت تمامًا.

وتشير إلى المخيم من شرفة البيت الذي تقيم فيه حاليًا وتقول: "ها هو أمامي، لكن لا يمكنني الوصول إليه".

مخيم جنين في شباط الماضي (Getty Images)

وتضيف "أنظر إليه من بعيد، وكل من يحاول الوصول إليه يطلق الجيش النيران صوبه... كل يوم يتم هدم منازل وإحراق أخرى".

وتبكي حضرة خلال حديثها عن المخيم الذي قضت فيه جل سنواتها، وتختم: "لن نتخلى عنه، أموت فيه ولن نرحل، فالمخيم يمثل كل شيء في حياتي".

التعليقات