15/05/2025 - 11:55

نكبة مستمرة: مخيم جباليا يعود إلى سيرته الأولى... بظروف أكثر قسوة وجوعًا

في الذكرى الـ77 للنكبة، يعيد التهجير القسري والدمار الكامل مخيم جباليا إلى حالته الأولى عام 1948، بخيام مهترئة وظروف أكثر قسوة، وسط شهادات مؤلمة تصف ما يجري بأنه "أسوأ من النكبة"، في ظل الإبادة والتجويع والحصار.

نكبة مستمرة: مخيم جباليا يعود إلى سيرته الأولى... بظروف أكثر قسوة وجوعًا

من مخيم جباليا (Getty Images)

تعيش جباليا واحدة من أقسى مراحلها، بعدما أعادت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ 19 شهرًا على قطاع غزة المخيم إلى حالته الأولى؛ خيام بدائية وسط ركام المنازل المدمرة، وانعدام كامل لمقومات الحياة، في مشهد يقول سكانه إنه أشد قسوة من النكبة، في ذكراها الـ77.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

ويُعد مخيم جباليا، أكبر المخيمات الثمانية في غزة، وقد كان قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيًّا مكتظًا بالحياة، تحيط به المنازل والمحال والأزقة النابضة. أما اليوم، فتحوّل إلى مساحات شاسعة من الخيام المصنوعة من النايلون والقماش، تتوسط أكوامًا من الركام، وتخفي تحتها عشرات الجثث التي لم يُنتشل أصحابها بسبب غياب المعدات الثقيلة.

وبينما يقضي سكان المخيم جل وقتهم في البحث عن الطعام والماء، يعتبر "محظوظًا" من ينجح بذلك، وسط حصار خانق ومطبق تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 2 آذار/ مارس، يمنع دخول المساعدات ويحوّل تأمين الأساسيات إلى معركة يومية.

المخيم عام 1948

أُنشئ مخيم جباليا عام 1948 على مساحة 1.4 كيلومتر مربع، لإيواء نحو 35 ألف لاجئ هُجروا من جنوب فلسطين. أشرفت وكالة الأونروا على تقديم الخدمات منذ البداية، وكان اللاجئون يقطنون في خيام لا تقاوم الشتاء ولا تصمد في الحرّ، دون أي مقومات أساسية، لكنها لم تشهد ملامح المجاعة التي يعيشها سكان المخيم اليوم.

من مخيم جباليا (Getty Images)

في خمسينيات القرن الماضي، بدأت الأونروا باستبدال الخيام بمساكن طينية ومعدنية صغيرة، ومع الوقت، بدأ اللاجئون بتوسيعها تدريجيًا مع ازدياد الكثافة السكانية، رغم غياب التخطيط العمراني.

زمن الإبادة

على مدار 19 شهرًا، أعادت الإبادة الإسرائيلية المخيم 77 عاما إلى الوراء، بالخيام المهترئة بدلًا من المباني، والطرقات الرملية بدلًا من الشوارع المعبدة، فيما تفاقمت الظروف المعيشية الصعبة.

ووسط هذا المشهد، يقول اللاجئ جبر حسين علي (68 عامًا)، من عائلة هجّرت من دير سنيد، إن "جباليا تعيش نكبة ثانية".

وأضاف "لم يمرّ أجدادي عام 48 بهذا الحجم من التدمير والشتات"، مشيرًا إلى أن اللاجئين اليوم يعيدون نصب خيامهم بأنفسهم فوق أنقاض منازلهم، كما فعلوا قبل 77 عامًا.

من مخيم جباليا (Getty Images)

وبينما كانت النكبة الأولى مصحوبة بمساعدات عاجلة، فإن اللاجئين اليوم يُتركون للجوع، بعد نفاد الطحين من مخزون "الأونروا" وإغلاق المعابر أمام المساعدات.

"لا منازل، لا خرسانة، لا دورات مياه، لا مساعدات"، هكذا يصف علي حال المخيم، ويشير إلى أن الأطفال ينامون جوعى، فيما تُمنع عنهم سبل الحياة.

وقال: "يتم تجويعنا للمرة الثانية منذ بدء الإبادة". وذكّر بأن معابر غزة مغلقة منذ 2 آذار/ مارس، ما دفع نحو 2.4 مليون إنسان إلى حافة المجاعة.

ثبات وتضحيات

ويروي علي كيف استيقظ ذات ليلة على صراخ أحد أبنائه بعد أن عضه جرذ دخل الخيمة، مضيفًا أن القوارض باتت خطرًا يوميًا، وقد تنشر أمراضًا قاتلة.

كما أشار إلى أن اللاجئين، في ظل غياب الحطب، يستخدمون الكرتون والنايلون للطبخ والتدفئة.

ورغم كل ذلك، يؤكد علي: "لن نترك المخيم. لن نهاجر كما يريد الاحتلال". ويختم: "رغم القنابل والجوع والخوف، نحن باقون في هذه الخيام".

من مخيم جباليا (Getty Images)

وتواجه "أم كرم" العسكري (55 عامًا)، مصيرها وحيدة، بعد أن دُمّر منزلها. تعيش بين ركام بيت من ثلاثة طوابق، كان يضمها وأشقاءها، وتحاول إعادة تأهيل جزء صغير منه لتأوي نفسها.

وتقول: "الحياة عادت عقودًا إلى الوراء. لا مأوى، لا ماء، لا طعام". وتضيف أن كل مقومات الحياة الأساسية قد زالت، ولم يبق للفلسطينيين سوى الأنقاض.

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن النازحين يعيشون في خيام أو على أنقاض منازلهم، وسط انعدام شبه تام للخدمات الأساسية والرعاية الصحية.

التعليقات