في يوم الطفل الفلسطيني.. أطفال غزة أرباب منازل

ويقول أبو نادي، إن الفقر، وسوء الأحوال المعيشية دفعته إلى العمل الشاق، دون أن يكترث لما تعنيه حقوق الطفل. ويضيف: أبي لا يعمل، والوضع صعب كثيرا، من أين سنأكل؟

في يوم الطفل الفلسطيني.. أطفال غزة أرباب منازل

الطفل مسلم أبو نادي (الأناضول)

يحلم الطفل سامي اللدعة، بأن تتحسس أنامله جهاز 'هاتفه الذكي'، كي يلهو به، كما يفعل الكثير من أقرانه. لكن اللدعة (15 عاما) ينظر بحسرة إلى يده الصغيرة وهي تزداد خشونة، في كل مرة يجمع فيها الأخشاب، ويبدأ في نشرها وتسوية سطحها، داخل منجرة قديمة شرقي مدينة غزة.

اللدعة الذي يعمل في حرفة النجارة، منذ أكثر من عام هو واحد من بين نحو 10 آلاف طفل في سوق العمل في قطاع غزة، بحسب أرقام رسمية.

ويوافق اليوم الثلاثاء 'يوم الطفل الفلسطيني'، وهو يوم تحتفل به فلسطين بتاريخ 5 نيسان/أبريل من كل عام للتذكير بحقوق الأطفال الفلسطينيين.

ويقول الطفل اللدعة، إن الظروف الصعبة، أرغمته على ترك مقاعد الدراسة، كما يروي لـ'الأناضول'، فوالده مريض، ولا يقوى على الحراك.

ويضيف: 'أمي ماتت، وأبي مريض بالغضروف، يجب أن أشتغل وأجلب نقود'. ويكسب اللدعة، ما يعادل 30 دولارا في الأسبوع الواحد، مستدركا بالقول: 'أشتغل أكثر من 6 ساعات في اليوم، وأتعب كثيرا، أتمنى أن ألعب لكن لا مجال، في البيت 8 (أفراد عائلته) يريدون أكل'.

وفي مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، يمضي الطفل مسلم أبو نادي عاما، نهاره في داخل إحدى الورشات الخاصة بتصليح الدراجات النارية.

ويقول أبو نادي، إن الفقر، وسوء الأحوال المعيشية دفعته إلى العمل الشاق، دون أن يكترث لما تعنيه 'حقوق الطفل'. ويضيف: 'أبي لا يعمل، والوضع صعب كثيرا، من أين سنأكل؟'.

وفي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، ينشغل الطفل حلمي بربخ (11 سنوات)، في بيع نبات 'النعناع'، واستجداء المارة بشراء ما يحمل من كميات.

ولا يعرف بربخ، كما غيره من الأطفال الكادحين في العمل، والمنهمكين في بيع 'الحلوى' و'البسكويت' و'الترمس'، أو مسح نوافذ السيارات، على مفترقات الطرق بأن هناك أيام للاحتفال بالطفولة. ويضيف:' نحن لا نعرف غير أيام العمل، والتعب'.

 ولا يلهو مالك بكر (11 عاما)، على شاطئ غزة كما هو الحال مع أغلب الصغار حوله، إذ ينشغل في المناداة على الأطفال بصحبة آبائهم لركوب سيارة صغيرة (تتسع لشخص واحد فقط) تُقاد بجهاز تحكم عن بعد. ويضيف بكر: 'أساعد أبي، لأن المصروف لا يكفي'.

ويكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني، عن زيادة كبيرة في نسبة العاملين من الأطفال في قطاع غزة خلال السنوات الخمس الماضية.

ويقول التقرير إن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما يعملون في غزة وصل إلى أكثر من 9700 طفل، من بينهم 2900 طفل تحت سن العمل القانونية (15 عاما).

ويلفت التقرير إلى أن الظروف المعيشية الصعبة، في قطاع غزة، اضطرت الأطفال إلى العمل بعد انتهاء دوام مدارسهم في حين أرغمت آخرين على ترك المدرسة والتفرغ للعمل، لأسباب معيشية.

وبات الأطفال مصدرا إضافيا لزيادة مدخولات العائلة من خلال الانخراط في سوق العمل، يعمل معظمهم في مهنة الصيد والبناء، والخدمات الأخرى.

ويبحث محمد الهرش البالغ من العمر 14 عاما، بعد عودته من المدرسة عن أكوام البلاستيك، كي يقوم ببيعها إلى المصانع ليتم إعادة تدويرها. ويكسب الهرش، وهو من سكان بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، نحو 12 دولارا من بيع البلاستيك. ويقول: 'الحياة صعبة وعائلتنا فقيرة'.

 ويعتبر عمل الأطفال مخالفا لحقوق الطفل التي نص عليها إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924، وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة، وقوانين العمل الفلسطينية.

وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ نجاح حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير/كانون ثان 2006، وشدّدته في منتصف حزيران/يونيو 2007.

وبحسب منظمات دولية، فإن الحصار الإسرائيلي تسبب بارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة في القطاع. وقالت منظمة 'المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان'، (مركزها جنيف بسويسرا)، في إحصائية نشرت نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي، إن 40% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم (1.95 مليون نسمة) يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى 80% منهم مساعدات إغاثية.

اقرأ/ي أيضًا| أكثر من 400 قاصر في سجون الاحتلال

ووفق المرصد، فإن '6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، منها 27% انعدام حاد، و16% انعدام متوسط، و14% نقص في الأمن الغذائي'.

التعليقات