مصر وافقت على إعلان ترامب سرًا والمخابرات أمرت الإعلام بالترويج له

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم السبت، تسجيلات صوتية تثبت أن مصر وافقت على إعلان ترامب في السر، وإنها أخبرت الولايات المتحدة أنها ستستنكر الإعلان في العلن، وأن ضابط مخابرات طلب من إعلاميين مصريين الترويج له بطريقة مبطنة.

مصر وافقت على إعلان ترامب سرًا والمخابرات أمرت الإعلام بالترويج له

ترامب والسيسي (أ.ف.ب)

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم السبت، تسجيلات صوتية تثبت أن مصر وافقت على إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها في السر، وإنها أخبرت الولايات المتحدة أنها ستستنكر الإعلان في العلن، وأن ضابط مخابرات طلب من إعلاميين مصريين الترويج له بطريقة مبطنة. 

وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي كان ترامب يعلن فيه عن القدس عاصمة لإسرائيل، كان ضابط المخابرات المصرية، أشرف الخولي، يجري محادثات هاتفية مع بعض الإعلاميين المصريين، قائلًا لهم إعلان استنكار مصر للقرار "شأننا شأن أشقائنا العرب".

وأكدت الصحيفة أن خولي قال لبعض الإعلاميين المحسوبين على النظام المصري إن "الصراع مع إسرائيل لا يصب في مصلحة الأمن القومي المصري"، وطلب من المذيعين محاولة تذويت القرار وإقناع المواطنين بتقبله دون قول ذلك علنًا، والاقتراح على الفلسطينيين بالقبول برام الله عاصمة، كونها المدينة التي تضم مباني السلطة الفلسطينية.

وأكدت الصحيفة أن ضابط المخابرات المصرية تساءل أربع مرات في التسجيلات التي حصلت عليها الصحيفة "بماذا تختلف القدس عن رام الله؟ حقًا". ورد عليه الإعلامي عزمي مجاهد، الذي يقدم برنامجًا على قناة "العاصمة" بالقول "بالضبط"، وأكد مجاهد صحة التسجيل.

وقالت الصحيفة إن الإعلاميين الأربعة الذين تحدث معهم الخولي هو عزمي مجاهد، سعيد حساسين، يسرى ومفيد فوزي.

أعداء مشتركون

وذكرت الصحيفة أن دولًا عربية قوية مثل مصر والسعودية انتقدت طوال عقود السياسة الإسرائيلية اتجاه الفلسطينيين، لكن اليوم، باتت هذه الدول تتحالف مع إسرائيل لمحاربة أعداء مشتركين، مثل إيران والإخوان المسلمين وثورات الربيع العربي، وانعكس هذا التعاون على القطاع العام والقطاع الخاص في هذه الدول.

وكانت مصر قد اعترضت علنًا على إعلان ترامب وقدم مبعوثها في مجلس الأمن مشروع قرار يلغي هذا الإعلان، استعملت أميركا حق النقض (فيتو) لإسقاطه، وتبين من التسجيلات أن كل هذا كان منسقًا بين مصر والولايات المتحدة، في حين رفضت قيادات دينية مصرية استقبال نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس.

ونشرت وسائل الإعلام المصرية لعدة أيام احتجاج الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على الإعلان أما ترامب نفسه، وكذلك إدانة العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، هذا القرار.

وقبيل إعلان ترامب، أكدت تقارير إعلامية أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حاول إقناع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالتنازل عن القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية القبول بأبو ديس عاصمة، وهدده بالإقالة في حال لم يوافق، ولوح بتعيين رئيس يوافق على هذا المقترح.

تغطية باهتة وعاطفية

واستمع الإعلاميون الذين هاتفهم ضابط المخابرات المصري، بحسب الصحيفة، إلى النصيحة ولبوا أوامره، وكذلك كثير من وسائل الإعلام الخاصة والمملوكة للدولة، وقدمت تغطية عاطفية وباهتة، ومثل هذه التغطية وهذه الردود لم تكن متوقعة أبدًا قبل عقد من الزمان فقط.

وقالت الصحيفة إن المتحدثين باسم الحكومة المصرية رفضوا التعقيب على التسجيلات والتقرير، في حين لم تتمكن من التواصل مع ضابط المخابرات المصرية.

وتلعب وسائل الإعلام المصرية والبرامج الحوارية (توك شو) بشكل خاص دورًا كبيرًا في صناعة الراس العام المصري، وكثيرًا ما تستعين بهم المخابرات المصرية لتمرير الرسائل التي تريدها إلى الشعب المصري. ويقوم مقدمو البرامج والإعلاميين بتنفيذ أوامر المخابرات من خلال الادعاء أن مصادر خاصة سربت لهم معلومات ومحادثات معينة.

وأكدت الصحيفة أن هناك ثلاث محادثات مسجلة بالإضافة لمحادثة الخوالي مع عزمي مجاهد في حين قال مجاهد عن هذه المحادثة كانت "محادثة تشورية" وليست تلقي أوامر من الخولي، وهدفها تجن اندلاع أعمال عنف مجددًا.

"أنا وضابط المخابرات أصدقاء"

وقال مجاهد: "أنا وأشرف (ضابط المخابرات المصرية) أصدقاء ونتحدث طوال الوقت، برأيي اندلاع انتفاضة جديدة ليس أمرًا جيدًا في الوقت الحالي، لا مشكلة لدي في ما قاله الخولي".

وتابع مجاهد "علينا تجميع كل أولئك الذين يريدون الذهاب للقتال في القدس ووضعهم في حافلات توصلهم للقدس فعلًا، الناس يحبون ترديد الشعارات أما انا فتهمني مصلحة بلادي".

وقالت الصحيفة إن المحادثة الثانية كانت ع الإعلامي مفيد فوزي، ونفى وجود مثل هذه المحادثة وأغلق الهاتف على الفور.

وكانت المحادثة المسجلة الثالثة مع الإعلامي وعضو البرلمان سعيد حساسين، الذي بدوره رفض التعليق على التقرير للثحيفة.

وكانت المحادثة الرابعة مع الفنانة يسرى، التي تقدم برنامجًا حواريًا خاصًا، ولم يتسنى للصحيفة التواصل معها للتعليق على التقرير.

"أنا تحت أمرك"

وبدأ الخولي محادثته مع حساسين بالقول إن "اتصلت فقط لأخبرك بالموقف الرسمي لتنقله في حال أجريت مقابلة او قدمت برنامجًا على التلفزيون، وأخبرك كذلك بموقف جهاز الأمن المصري وكيف يمكن لمصر ان تستفيد من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، حسنًا؟". ورد حساسين "أنا تحت أمرك".

وقال الخولي "شأننا شأن أشقائنا العرب، نحن نستنكر هذا الإعلان، وبعد ذلك سيصبح الإعلان واقعًا ولا يمكن للفلسطينيين مقاومة ذلك ولا نريد إعلان الحرب، نملك ما يكفي للاهتمام به وأنت تعرف ذلك".

وتابع الخولي "النقطة الأخطر بالنسبة لنا هي الانتفاضة، اندلاع انتفاضة جديدة لن تخدم مصالح الأمن القومي المصري، لأن الانتفاضة ستتسبب في ولادة حماس والإسلاميين من جديد".

واختتم ضابط المخابرات المصرية المحادثة بالقول "في النهاية، بماذا تختلف القدس عن رام الله؟ المهم هو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، في النهاية تصبح رام الله عاصمة الفلسطينيين وينتهي الصراع ولن يموت أي شخص آخر، هذا ما سنفعله".

وتعهد الثلاثة الآخرون بتنفيذ أوامر ضابط المخابرات المصرية ونقل هذه النقاط إلى المشاهدين، حتى ان مجاهد قال في برنامجه إن "قضية القدس باتت قديمة".

اتهام قطر

وأضاف الخولي خلال محادثته مع مجاهد نقطة أخرى، وطلب منه الإشارة إلى "عدو مصر الحقيقي، أمير قطر تميم بن حمد، بأنه من تعاون مع إسرائيل وأنه المذنب في هذه القضية".

وأضاف "ستقول إن لتميم وقطر علاقات سرية مع إسرائيل، ان تعرف ذلك وتعرف كيف يجب عليك قولها".

ورد مجاهد "طبعًا لديهم علاقات واضحة، لي الشرف طبعًا ان أقوم بذلك، سأدرجه في الحلقة القادمة إن شاء الله".

 

التعليقات