غانم يفضح عنصرية الاحتلال: منذ ارتفاع حرارته حتى إلقائه قرب حاجز "بيت سيرا"

كشف مالك غانم (٢٩ عاما) عن الطريق العنصرية التي عاملته بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ لحظة الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا المستجد في مكان عمله بورشة بناء في تل أبيب، إلى حين إلقائه قرب حاجز "بيت سيرا"

غانم يفضح عنصرية الاحتلال: منذ ارتفاع حرارته حتى إلقائه قرب حاجز

كشف العامل الفلسطيني مالك غانم (٢٩ عاما) عن الطريق العنصرية التي عاملته بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ لحظة الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا المستجد في مكان عمله بورشة بناء في تل أبيب، إلى حين إلقائه، أمس الإثنين، على قارعة الطريق قرب حاجز "بيت سيرا" العسكري، في ظروف صحية صعبة.

ووثق شريط مصور جريمة الاحتلال المخالفة للأعراف الإنسانية، حينما قامت بإلقاء العامل غانم على مقربة من حاجز "بيت سيرا" القريب مدينة نابلس، وذلك بشبهة إصابته بفيروس كورونا المستجد.

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أوضح مالك أنه يعمل في ورشة بناء في مدينة تل أبيب، وبدأت قصته قبل ثلاثة أيام عندما شعر بإرهاق وارتفاع في درجة حرارته التي وصلت إلى ٤٠، لكنه استمر في عمله دون مراعاة من قبل مشغله الإسرائيلي في نقله إلى مركز طبي، من أجل معالجته.

شقة بلا نوافذ

ولفت مالك في حديث لـ"وفا"، إلى أن "مكان المبيت الذي كان يتواجد فيه مع عدد من العمال، عبارة عن شقة سكنية لا يوجد فيها أبواب ولا شبابيك، ويتوفر لهم فقط بعض الأغطية والفراش، ما يصيبهم بالبرد في ساعات الليل".

وأوضح: "أنهكني المرض يوم أمس، واستمرت حرارتي في الارتفاع، حينها اتصل زملائي بالإسعاف الإسرائيلي، من أجل نقلي إلى المستشفى، لكن طلبهم قوبل بالرفض، ما اضطرهم لدفع مبلغ 400 شيكل لسيارة إسعاف لنقلي لمركز طبي في مدينة تل أبيب".

وأضاف "عندما وصلت المركز الطبي، رفض الأطباء إدخالي إلى المستشفى واكتفوا بإجراء فحوصات لي عند المدخل، ويبدو أن الأطباء أبلغوا الشرطة الإسرائيلية بذلك، والتي وصلت للمكان وقامت بتكبيلي من يدي وقدمي غير مكترثة بوضعي الصحي".

وأشار مالك إلى أن "عناصر الشرطة الإسرائيلية الذين اعتقلوني وألقوني بعيدا عنهم في المركبة قالوا لي: دع السلطة توفر لك مكان للحجر الصحي، هنا لا يوجد لك مكان".

واستطرد مالك: "أنزلني عناصر الشرطة الإسرائيلية بالقوة عند حاجز بيت سيرا، وأمروني بالابتعاد عن الحاجز، ولم أتمكن من السير على قدميي واضطرت للزحف من أجل الوصول إلى أبعد نقطة عن الحاجز".

وأفادت الوكالة الفلسطينية بأن مالك عانى سابقًا من تضخم في الكبد والغدد وخضع للعلاج في مستشفى المطلع بمدينة القدس، وما زال يعاني من تبعات ذلك بمناعة ضعيفة تجعله عرضة للأمراض.

وذكرت "وفا" أن مالك يرقد الآن في المستشفى الوطني بمدينة نابلس، وأظهرت الفحوصات الطبية بأنه يعاني من أنفلونزا حادة ويحتاج للعلاج عدة أيام.

الاحتلال يتنكر لالتزاماته

وشكلت حركة العمال الفلسطينيين إلى مناطق الـ٤٨ ثغرة في إجراءات منع انتشار فيروس كورونا، ما دفع السلطة الفلسطينية للتنسيق الكامل مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الذي تعهد بأنه سيوفر للعمال أماكن سكن ملائمة، وصحية، ومنظفات ومعقمات، منعا لانتشار الفيروس وتسلله لمختلف مناطق الضفة المحتلة.

و مع تفشّي الفيروس، وجد العمّال الفلسطينيون الذين يتوجّهون يومياً من الضفة الغربية المحتلة إلى أراضي 48 أنفسهم بين نارَين، إمّا الاستقرار في تلك الأراضي لتأمين لقمة عيشهم وإمّا الانقطاع عن العمل وملازمة بيوتهم.

وفي هذا السياق، نقلت "وفا" عن رئيس نقابة العمال الفلسطينيين، شاهر سعد، قوله إن "ما حدث مع مالك يؤكد أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم ولم ينفذ أي من التعهدات التي قطعها على نفسه أمام الجانب الفلسطيني".

وأوضح أن "العمال هم ما قاموا باختلاق أماكن للنوم لديهم داخل ورش البناء، فمنهم من وضع الكرتون والخشب حتى يريحوا أجسادهم عليها، وحتى أن الحمامات غير متوفرة حيث يلجئوا للطرق البدائية لقضاء حاجتهم".

وقال سعد إن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي التفت على قضية إغلاق المعابر بفتح ثغرات في الجدار الفاصل بمنطقة بئر السبع وسمحت لعدد كبير من العمال بالدخول ابتداءً من يوم أمس، وحتى أنها وفرت لهم حافلات تنقلهم إلى أماكن عملهم، ويبدو أن ستفعل أي شيء في سبيل استمرار عمل ورش البناء لديها، دون مراعاة للظروف المعيشية والصحية للعمال".

وأضاف أن "عددا كبيرا من العمال اضطروا العودة إلى بلداتهم وقراهم نظرًا للواقع الذي شاهدوه على الأرض، حتى أن بعض المشغلين الإسرائيليين حاولوا إجبارهم على تنظيف أماكن الحجر الصحي، وطردوا عدد من الذي رفضوا القيام بذلك".

وناشد سعد العمال الذين يعملون في المستوطنات بمغادرة أماكن عملهم لأنها أصبحت أماكن موبوءة، حيث لا يتم توفير أي من المستلزمات الوقائية للعمال، إضافة إلى أهمية رفض تنظيف أماكن الحجر الصحي لأن ذلك من اختصاص طواقم مجهزة ومدربة.

استنكار فلسطيني رسمي

بدوره، استنكر الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، صباح الثلاثاء، تعامل جيش الاحتلال مع العامل الفلسطيني، وقال إن "هذا سلوك عنصري من الاحتلال، وندعو عمالنا لعدم قبول هذه الظروف غير الإنسانية، وعدم الذهاب إلى المستوطنات التي هي بؤر للوباء".

وأكد ملحم في تصريحات إذاعية، أنه "عندما يتخلى الاحتلال عن واجباته، فنحن لن نتخلى عن أهلنا في كافة المحافظات بما فيها القدس"، مشيرا إلى أنه "عند الساعة الـ11 ظهرا، ستظهر نتيجة حالة العامل مالك غانم، الذي ألقى به الاحتلال على قارعة الطريق، وسيتبين إن كان مصابا أم لا".

من جانبه، صرّح وكيل وزارة العمل، سامر سلامة أن "الحكومة الفلسطينية تعمل على تجنيد لجان الطوارئ في البلدات والقرى، من أجل حصر العمال الذين يتواجدون حاليًا داخل إسرائيل، وسيكون دور هذه اللجان أيضًا تبليغ الجهات المختصة لفحص العمال، وإلزامهم بالحجر الصحي، لسلامتهم وسلامة عائلاتهم".

وعن حادثة العامل مالك غانم، أوضح سلامة أن "العامل اتصل بأحد أقاربه الذي تواصل معنا بعد نحو نصف ساعة من إلقائه على قارعة الطرق قرب حاجز بيت سيرا، وتواصلنا مع الهلال الأحمر الذي وصل إليه بعد الحصول على التنسيق اللازم".

يذكر أن الحكومة الفلسطينية، أعلنت عن تسجيل ٦٠ إصابة بفيروس كورونا، فيما أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية عن تسجيل ١٦٥٦ إصابة.

التعليقات