غزة: الحصار يهوي بقطاع "الصناعات المعدنية"

انصهر قطاع الصناعات المعدنية في قطاع غزة، حتى بدا غير واضح في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بعد 10 سنوات من الحصار الإسرائيلي، الذي دمر بنيته التحتية.

غزة: الحصار يهوي بقطاع "الصناعات المعدنية"

انصهر قطاع الصناعات المعدنية في قطاع غزة، حتى بدا غير واضح في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بعد 10 سنوات من الحصار الإسرائيلي، الذي دمر بنيته التحتية.

وتوقفت عشرات المصانع عن العمل وانتقل مئات العمال إلى طابور البطالة الطويل، فيما يهدد تشديد القيود الإسرائيلية على إدخال 'المواد الخام' المستخدمة في إنتاج القطع المعدنية، المنشآت المتبقية بالإغلاق.

تجّار فلسطينيون وأصحاب منشآت مختصّة بالصناعات المعدنية، أعربوا عن تخوفاتهم من اختفاء هذا النوع من الصناعات تماما، بعد هجرة الحرفيين إلى مصالح أخرى، فيما انخفض عدد العاملين بنسبة 90%، واصفين قطاع الصناعات المعدنية بـ'المدمر'، حسب روايتهم.

وأصبح من النادر توفر السلع الخام والمواد الأولية اللازمة للصناعات المعدنية، بسبب منع مرورها عبر المعابر التجارية، وتشهد الكميات المتبقية ارتفاعات 'غير منطقية' في أسعارها بحسب التجار.

وقال صاحب ورشة لإنتاج القطع الحديدية، حمودة العشي، إنه علق عمل أكثر من 25 عاملا، كانوا يعملون داخل ورشته، 'اليوم يعمل معي اثنين فقط، وهم من عائلتي، الحصار تسبب بقطع أرزاق أكثر من 25 أسرة غزية'.

ويعيش 1.9 مليون شخص في قطاع غزة، واقعا اقتصاديا وإنسانيا قاسيا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي.

وذكر العشي أن السلطات الإسرائيلية تمنع إدخال المواد الخام التي تدخل في الصناعات المعدنية، مدعية أنه يتم استخدامها في 'المجالات العسكرية للفصائل الفلسطينية'، على حد قوله.

وتمنع إسرائيل إدخال الآلات الإنتاجية كـ'المخارط، وأجهز اللحام، وألواج الصاج الحديدية، والعمدان الحديدية'، حسب العشي.

وأوضح أن تقليص الإنتاج المعدني يلقي بظلاله السلبية على القطاعات الصناعية الأخرى في غزة، إذ تعتمد أكثر من 90% من تلك القطاعات على الصناعات المعدنية بشكل أساسي.

وكان قطاع الصناعات المعدنية بغزة يوفر فرص عمل لما يقارب 7 آلاف عامل، توقف منهم عقب إغلاق المنشآت الصناعية أكثر من 5 آلاف عامل.

وبحسب إحصاءات اتحاد الصناعات المعدنية والهندسية بغزة، فإن عدد المنشآت التي تعمل في قطاع الصناعات المعدنية وتوقفت عن العمل بلغت 300 منشأة من أصل 550 منشأة، بسبب الحصار والحروب.

وتابع العشي، 'تراجع الأداء الصناعي المحلي وارتفعت تكلفة الإنتاج، وهذه الزيادة تضاف إلى زيادة أخرى بسبب الحصار وشح توفرها، وبذلك ترتفع تكلفتها بفارق كبير عن تكلفة المنتجات المستوردة'.

وتعاني منشآت الصناعات المعدنية من تآكل وتهالك الأجهزة والمعدات المستخدمة في إنتاج القطع المعدنية، فيما يحرم أصحابها من استيراد البدائل.

ومنعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية نهاية عام 2014، إدخال جميع أنواع الحديد المختلفة لصالح المشاريع الخاصة بقطاع غزة، بعد أن شددت قبضتها على إدخال المواد الخام المتعقلة للصناعات المعدنية عام 2007.

وتفرض إسرائيل حصاراً على قطاع غزة منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية 'حماس' في الانتخابات البرلمانية عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007.

ويشكو صاحب ورشة حدادة تختص بتصنيع الأساسات المعدنية للمباني والأبواب الحديدية، جهاد أبو جهل، من قلة المواد الخام اللازمة لعمله.

وأوضح أن شح المواد الخام بغزة شلت من حركة الورشات ومنشآت الصناعات المعدنية، مشيرا إلى توقف ،عشرات ورش الحدادة، عن العمل.

وذكر أبو جهل، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تسمح بإدخال المواد المعدنية الخام لصالح المشاريع الدولية، فيما تمنع إدخالها بشكل شبه كامل لصالح المشاريع الخاصة.

وتابع 'لو أردنا إدخال المواد المعدنية الخام عبر حاجز بيت حانون 'إيرز'، فذلك يتطلب التقدم بطلب تنسيق للجانب الإسرائيلي، وتتجاوز معاملة التنسيق أكثر من 6 أشهر، وبالغالب يكون الرد سلبيا'.

وأشار إلى ارتفاع ثمن كيلو الحديد الواحد من 3.5 شيكل، إلى 8.5 شيكل.

وقال رئيس اتحاد الصناعات المعدنية والهندسية بغزة، فؤاد السمنة، إن 'الاحتلال يحظر إدخال جميع المواد المستخدمة في تصنيع القطع المعدنية لصالح المشاريع الخاصة، إلا في حال وجود تنسيق خاص'.

وتابع، 'حصول التجار في قطاع غزة على تصاريح لإدخال المواد الخام، أمر شاق خاصة أنه يستغرق مدة تتجاوز 6 شهور، وفي كثير من الأحيان يكون الرفض هو الرد'.

واستنكر السمنة ادعاءات الاحتلال لتبريرها منع إدخال المواد الخام لقطاع الإنشاءات الصناعية، قائلا 'إسرائيل تدعي الصناعات المعدنية هي المساهمة الأول بالتصنيع العسكري، لكن نؤكد أن هذا الكلام لا صحة له'.

ولفت إلى ارتفاع أسعار الحديد في قطاع غزة بنسبة 300% عن الأسعار المتداولة في الدول المحيطة، بسب احتكار السلعة وبيعها في السوق السوداء.

وحذّر السمنة من توقف قطاعات الصناعات المختلقة بشكل كامل، لأنها تعتمد بشكل أساسي على الصناعات المعدنية.

اقرأ/ي أيضًا | صيادو غزة... رزق شحيح تجره الأميال التسعة

وارتفع عدد العاطلين عن العمل، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، إلى قرابة 200 ألف، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، وفق بيان لاتحاد العمال الفلسطينيين.

التعليقات