فوق التراب والحصى... يلهو أطفال غزة

على ملعب يُغطي أرضه الحصى والتراب، خلف أبراج سكنية تعرضت لكثير من الدمار جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ينطلق الفتى راسم عثامنة، بالكرة التي تدور بمهارة بين قدميه الحافيتين.

 فوق التراب والحصى... يلهو أطفال غزة

(الأناضول)

على ملعب يُغطي أرضه الحصى والتراب، خلف أبراج سكنية تعرضت لكثير من الدمار جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ينطلق الفتى راسم عثامنة، بالكرة التي تدور بمهارة بين قدميه الحافيتين.

وعندما يسكن الهدف شباكًا وهمية، يرفع عثامنة (14 عامًا) ذراعيه بفرح، معلنًا انتصار فريقه، في المباراة التي دارت بين فتيان وأطفال منطقة الندي شمالي القطاع.

وينتظر عثامنة ورفاقه غروب الشمس، وانكسار درجات حرارة آب الملتهبة، للبدء في اللعب، وإشباع عشقهم للساحرة المستديرة.

يقول وهو يمرر الكرة ويتناقلها بخفة، "كل يوم بنيجي هان نلعب، فش نوادي، ولو بدنا نروح على نادي لازم ندفع فلوس".



عثامنة واحد من بين مئات الفتية الذين يتخذون من الأراضي الفارغة أو الساحات الرملية، ملاعب كرة قدم لممارسة هوايتهم المفضلة.

وفي شوارع قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ عام 2006، لا يكاد يخلو مشهد لفتية وأطفال وحتى شبان، وهم يتناقلون بين أقدامهم كرة قدم.

ويتخذ الفتى مهدى سالم (15 عامًا)، هو ورفاقه من إحدى الساحات الرملية ملعبًا يخلو من المرمى، مكتفيين بالقفز بحركات في الهواء لصد كرات الفريق الخصم.

سالم، الذي يرتدي قميصًا يحمل رقم مهاجم نادي ريال مدريد الإسباني، كريستيانو رونالدو، يقول  "نفسي أصير زي رونالدو، وأكبر وأسافر ألعب بره".

يقضي سالم أكثر من 3 ساعات يوميًا وهو يتنقل بالكرة برفقة أقرانه، واصفًا اللعب في الشارع بـ"المتنفس الوحيد"، مستدركًا، "ومتعة كبيرة".

وتطير الكرة في كثير من الأوقات نحو المركبات التي تسير في الشوارع الرئيسية، ما يستدعي صراخ الركاب على اللاعبين.

ويضيف سالم أنه شكّل مع 12 لاعبًا آخرين فريقين ينتشرون على الرمال الخشنة، ويصنعون في كثير من الأوقات المرمى من أخشاب متهالكة.

بدوره، يجتمع الشاب أيمن حرز (17 عامًا)، عصر كل يوم، هو وأصدقاؤه للعب كرة القدم في إحدى الساحات الرملية القريبة من شارع رئيسي، يتوسط مدينة غزة.



يقول حرز، "لا توجد أماكن للعب، في الشارع والحارات نجد متنفسًا لممارسة هذه الهواية، (...) ولو ذهبنا إلى الملاعب العشب علينا أن ندفع أموالًا".

ومؤخرًا انتشرت ظاهرة الملاعب الصغيرة المعشبّة صناعيًا في قطاع غزة، (نحو 20 ملعبًا)، ويجد فيها كثيرون مبتغاهم لممارسة هواياتهم، غير أن مالكي تلك الملاعب يشترطون دفع رسوم دخول تصل 20 دولارًا لكل فرد.

ويشير رئيس نادي خدمات الشاطئ، عماد التتري، إلى أنه "من الطبيعي أن تتحول الشوارع في قطاع غزة، إلى نوادٍ وملاعب، في ظل غياب البيئة الرياضية السليمة".

ويضيف التتري، "هناك شح في الأماكن المخصصة لاحتضان مواهب وطاقات الشبان والفتية، حتى الأطفال، وهو ما يدفعهم للعب كرة القدم في الشوارع والحارات".

وأكد التتري أن "سكان قطاع غزة الذين يعانون أصلًا من تردي في الأوضاع المعيشية، لن يرحبوا بفكرة دخول النوادي بمقابل مادي".

وتابع، "حتى الأندية الموجودة، تفتقر إلى المواصفات الرياضية المطلوبة، من حيث تهيئة اللاعبين، والطواقم التدريبية التي يمكنها اكتشاف المواهب".



ويسكن شغف كرة القدم، الشارع الفلسطيني بكافة فئاته، وتحظى الكرة الأوروبية باهتمام الجماهير البالغ، ويحتل الدوري الإسباني أولى هذه الاهتمامات لضمه كوكبة من نجوم العالم يتقدمهم الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم برشلونة والبرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريـال مدريد.

ويشدد التتري على أن المواهب الرياضية الشابة في غزة، تحتاج إلى دعم من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، مستدركًا بالقول، "غزة تستحق الحياة".

ويوجد في غزة 5 ملاعب رئيسية تعرضت خلال الحروب الإسرائيلية المتكررة، 3 حروب خلال 6 سنوات" للتدمير والأضرار الجسيمة.

وخلال العدوان الأخير على قطاع غزة، صيف 2014، دمرت الاحتلال الإسرائيلي 30 منشأة رياضية (ملاعب، أندية، وصالات رياضية) بشكل كلي، وفق وزارة الشؤون والرياضة الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضًا | أطفال غزة يتسابقون للمطالبة بتوفير حياة كريمة

وتقول أندية ومؤسسات رياضية، إن من بين شهداء الحرب الأخيرة على غزة ، 32 رياضيًا، وتجاوزت الخسائر التي لحقت بقطاع الرياضة 3 ملايين دولار، وفق إحصائيات رسمية.

التعليقات