تفاقمت ظاهرة التحرش الجنسي حتى وصلت إلى أماكن العمل وبين الزملاء، حيث تعاني الكثيرات من السيدات والفتيات من المضايقات والتحرشات في العمل من قبل زملائهم، وتتنوع أشكالها ما بين الملامسة الجسدية والألفاظ أو النكات والتلميحات الخادشة للحياء، فمع اتساع نطاق الاختلاط بين الرجل والمرأة، أضحى من الطبيعي تلقي كلمات الغزل على أقل تقدير من خدش الحياء اليومي.
في كثير من الأحيان تشكو الفتيات من أن زميلا في العمل أو مديرا يعاملها بلطف زائد، ويمتدحها بشكل مبالغ فيه، حتى أنها تشعر بالحرج أمام زميلاتها، وأمام هذا السيل من الكلام المعسول والنظرات التي تحمل بين طياتها الكثير من المعاني والكلمات، ما يجعل الأمر يحتاج أسلوبا وطريقة مناسبة للتعامل معه، وإيقاف هذا التمادي في المغازلة.
للتحرش الجنسي أنماط عديدة، ولكن لا تعرف كثير من السيدات كيف تفترض سيناريوهات التحرش من قبل زميل العمل، بل لا تشغل بال بتحليل تصرفاته اليومية سواء بالنظر أو الكلمات أو التلميحات أو حتى الأفعال التي تبدو عفوية. لكن هناك إشارات لا يمكن التغافل عنها، فلا بد من أن ترفعي حالة التأهب تجاه الزميل الذي يقوم بها لوضع حد لسلوكياته غير المرحب بها، مثل السلوكيات التالية:
- الزميل الذي ينظر إلى مناطق محددة من جسدك أثناء الحديث معك أو خلسة.
- الزميل الذي يتعمد الاقتراب منك بصورة مبالغ فيها.
- إذا تعمد لمس جسدك أو يدك بحيث يبدو أنه تصرف عفوي.
- إذا حاول التطرق لأمور شخصية في حياتك دون إرادتك.
- إذا حاول الانفراد بك في أي فرصة للحديث معك في غير أمور العمل.
- إذا تطرق في حديثه إلى تلميحات جنسية.
- إذا حاول أن يبث همومه ومشاكله الخاصة جد.
- إذا حاول التواصل معك بعد ساعات العمل دون مبرر.
- إذا قام بالتطفل على حياتك الشخصية وأرسل لك دعوات إضافة على الشبكات الاجتماعية دون الاستئذان أولا.
وعن أهم الطرق التي يجب أن تتخذها المرأة لتجنب التحرش في أماكن العمل، وضع حدود مع الأشخاص غير الموثوق في نظراتهم وأخلاقهم والابتعاد عنهم، وفي حالة عدم الراحة لنظرات شخص معين أو طريقة تصرفه، فيجب ألا تكوني بصحبته منفردة في مكان واحد، كما ينصح بأن يكون رئيسك في العمل على اطلاع بكل شيء غير مألوف تجاهك، وحمل وسيلة للدفاع في حقيبتك وتكون بجانبك تماما. أما عن التعرض للتحرش عبر الهاتف المحمول، من خلال اتصال زميل في أوقات متأخرة من الليل والبدء في الغزل، ففي هذه الحالات يجب رفض تلك المكالمات نهائيا، ورفض أي مديح يحمل أكثر من معنى. كذلك، على المرأة أن تكون على درجة كبيرة من الثقة بالنفس، وأن لا تشعر بأنها مذنبة لأنها تتعرض للتحرش أو المضايقات، لأن الثقة تجعلها غير مترددة وخائفة في اتخاذ القرارات، وتقودك لتجاوز مثل هذه الأزمات واتخاذ القرار المناسب والتدابير اللازمة بشأن المتحرش.
وتشير د. رغدة أحمد، أخصائية الطب النفسي، إلى أنه غالبا ما يعاني المتحرش في العمل من العنف والمشاكل النفسية والاضطرابات، لذا على المرأة أن تعرف بأنها قادرة على هزيمته بأقل رد فعل به ثقة بالنفس، مؤكدة أن الفتاة كائن رقيق لا يتحمل التعدي النفسي والأخلاقي عليها، أو على جزء من جسدها، لافتة إلى أن التربية المنغلقة هي السبب وراء نشأة الفتاة ضعيفة الشخصية مسلوبة الإرادة ليس بإمكانها الدفاع عن نفسها، مطالبة بأن تتخلى الفتاة عن الوجه البريء وتظهر الشخصية الشريرة القاسية التي لا تعرف الرحمة، لأنه في حالة انتقال هذا الشعور إلى المتحرش لن يستطيع التفكير بك كفريسة لتحرشه المريض.
وتضيف أحمد: في حالة إلقاء الزميل أو المدير نكتة خادشة للحياء حتى وإن كانت على مسمع الآخرين ولم يوجهها لك مباشرة، فقد يكون متعمدا في هذه الحالة أن تسمعيها ليشاهد رد فعلك، لذلك يجب إظهار عدم قبول هذا النوع من المزاح ورفضه بشكل قاطع، مما يوجد رادع نفسي لدى الجميع في العمل تجاه التعامل معك بأسلوب غير لائق أو مهين، موكدة أن الشخص المتحرش يخشى الفتاة القوية ويرهب من تلقيه رد فعل صادم، ففي تركيبته النفسية هو شخص مهترئ النفسية بطبعه، ضعيف للغاية، يسهل كسره بأقل مجهود، وهو ما تقدر عليه كل فتاة، لذلك يجب أن تكوني صاحبة رد فعل سريع، لافتة إلى أن الدراسات والتجارب أكدت أن رد فعلك الصامت أمام أفعال المتحرش المبدئية تجعله أكثر طمعا في المزيد، وتجعلك أكثر عرضة لتطور مراحل التحرش من لفظية إلى جسدية.
إذا تعرضت للتحرش الجنسي ولم تتخذ إدارة العمل أي خطوة تجاه الحد من ذلك، عليك باتباع الخطوات التالية بحسب صحيفة 'الديلي ميل' البريطانية:
- أظهري عدم رضاك أو تقبلك للتحرش بأي صورة؛ لا بالخجل ولا الصمت أو الهرب من الموقف.
- أخبري الطرف الآخر أن يتوقف عن هذا السلوك، وبصوت واضح “قف بعيد من فضلك”، أو “اقترابك مني لا يريحني”.
- إذا لمس كتفك على سبيل المثال، قولي له “عفوا لا أقبل مثل هذه التصرفات”
- سجلي ملاحظاتك، لا تنتظري تراكم المواقف اليومية، سجلي محاولة زميلك التحرش بك بالتاريخ والتوقيت والأحداث والدلالات.
- حاولي إيجاد شهود لتلك المواقف، ابحثي عن زميلة عمل تثقين في حكمتها وأخبريها عن مخاوفك من هذا الشخص تحديدا لتكون عين مراقبة، ربما تكون شكوكك في غير محلها.. تريثي وأحسني اختيار زميلة العمل قبل أن تخبريها بمخاوفك.
- تقدمي بشكوى رسمية لمديرك المباشر، يفضل أن تكون الشكوى مكتوبة خاصة أن بعض السيدات يخجلن من سرد تفاصيل التحرش شفهي.
- إذا لم تتخذ الإدارة موقف تجاه زميلك، سيكون لازم عليك أن تتخذي موقف علني تجاهه أمام زملاء العمل. فعلى سبيل المثال، إذا قام بالتحرش بك باللمس أو المزاح في المكتب قومي بتوبيخه على الملأ وتهديده إذا لم يتوقف ستتخذين اجراء قانوني ضده.
اقرأ/ي أيضًا| نساء ضد العنف: 73% نسبة الاعتداءات الجنسية داخل العائلة
التعليقات