هل نشهد عودة "العربي الإسرائيلي" القبيح؟

هل نشهد عودة
مرت مرحلة شهدنا فيها اختباء " العربي الاسرائيلي" القبيح الذي يجمع بين تخلف بعض العرب ووقاحة الصهيونية، واحتارت الناس هل اختفى ام تقنع ام تغير كما تفاءل المتفائلون. الاجواء الوطنية في الشارع تسد عنه الهواء الملوث الذي لا يملأ رئتيه الا به، او انه يلبس اقنعة وطنية ليتنفس، وحتى ليزاود في المرحلة الوطنية. ويتبنى كلاما لا يؤمن به لكي يساير الاجواء. وهو فنان في الرقص في اكثر من عرس في ليلة واحدة. ولذلك فان بعض الناس تتوهم انه تغير.

ولكن " العربي الاسرائيلي " لا ينسى لحظة واحدة انه فخور باسرائيليته يقارن نفسه بـ " اهل الضفة وغزة " فيزداد غبطة وسعادة واعتدادا بالنفس كأن هرتسل جده وبن غوريون خاله، وكأن المشروع الصهيوني وانجازاته تمت لأجله وبالتشاور معه. ولكنه يخفي اعتداده في مراحل الصحوة الشعبية ضد الغبن والظلم والاحتلال، وفي مراحل التضامن الوطني والانساني مع الشعب الفلسطيني، شعبه. وعندها يؤكد العرب في الداخل على هويتهم الوطنية ويتمسكون بالمساواة الكاملة.

وهو يعارض اتهام الناس بالعمالة في هذه المراحل لئلا يفطن الناس لوجوده ويتذكرونه. وهو يزاود اذا لزم في اجواء عربية، ويحاول ان يساوي بين الصالح والطالح لكي لا يكون لأحد فضل على احد. الجميع وطنيون، ولا نريد مزاودات. ولكن لا ليس الجميع وطنيون ولا الجميع شرفاء، للجميع حرية التعبير نعم هذا صحيح. ولكن يوجد انتهازيون وعملاء ومتلونون ووشاة من اقذر الانواع. عندما يتظاهر العربي الاسرائيلي بالوطنية، وعندما يزاود امام الجمهور العربي أو في وسيلة اعلام عربية فانه يشرح لاصدقائه الصهاينة انه مضطر لان الوطنيين يفرضون اجواء مزاودة، وهو يلمح انه اذا اسكتموهم فسوف تريحونا. وعندما يحاول اسكات الوطنيين يدعي العربي الاسرائيلي انها حملة تحريض ضد الجميع، واذا حاولت ان تميز يقال لك انك تنكر ان السياسة العنصرية ضد العرب جميعا.

وأمام اليسار الصهيوني يدعي " العربي الاسرائيلي " المتخلف انه متنور لمجرد انه يعلك كلام اليسار الصهيوني ويبصقه عليه. وهو يتهم القوى الوطنية بالتطرف والقومجية ومعاداة التعاون اليهودي العربي المشترك. انه يشي بالناس كذبا ويتهمهم بالتطرف.

وفي فترات الهزائم العربية والأزمة، في فترات القصف اليومي في رفح ونابلس وسقوط الشهداء دون رقيب او حسيب دولي يزدهر " العربي الاسرائيلي " القبيح، وما كان همسا يصبح زعيقا ضد المتطرفين وضد القومجيين. وعند العرب لا توجد قومية، بل قومجية فقط. والصهيونية ليست قومجية ناهيك عن حالة كولنيالية بل حالة اعتدال واتزان. انها حالة سلطة وهو مع السلطة علنا في مراحل الازمات. وهو يعرف في سريرة نفسه ان الهجوم على القوميين والوطنيين الاكثر ديموقراطية مما يحلم ان يكون يرضي السلطة الصهيونية الحاكمة. ولكن اذرع الدولة الامنية تساعده فقد اصبحت اكثر وعيا مما في الستينات، انها تميز الآن بين قوى معتدلة وقوى متطرفة، وتريده كقوة معتدلة تطالب بالحقوق المدنية وتتقبل مسألة الولاء للدولة في الوقت ذاته. انها تتحمل زعيقه في موضوع المساواة لانها على اية حال تعرف انه ليس هذا قصده ولكنها لا تريد احراجه. في هذه المرحلة يأمل " العربي الاسرائيلي " ان تمن عليه السلطة ببعض الفتات لكي يسأل الناس وماذا جلب لكم النضال وماذا نفعكم القومجيون؟ وهو يعرف تمام المعرفة انه دون خطر هؤلاء القومجيين لما رمقته الدولة بنظرة، وأن له قيمة فقط لان غيره يناضل، له قيمة فقط لأنه يهاجم من يشكل البديل الخطير بالنسبة للصهيونية. وكلما ازادت الأوضاع سوءًا بالنسبة لشعبه يصبح " العربي الاسرائيلي " اكثر وقاحة وتماديا، متوهما أن الناس لا تميز وجهه القبيح عن وجه غيره، ومثل نبتة بقدونس يانعة لدقائق فقط قبل الذبول او الاستهلاك اعتقدت انها شجرة ارز ونسيت ان جذورها في الزبل، ورأسها لا يبعد كثيرا عن جذورها، لم يسعفه الوقت ليبتعد.

يسعد " العربي الاسرائيلي " القبيح بالهزائم لانها فرصته ان يزدهر وينتعش، ولكنه هو المهزوم الفعلي. فمن هزم هو اسياد امثاله في بلادهم، ولو كان في تلك البلاد لكان عبد من هُزِموا ثم عبد من احتلوا. اما من يحسب في مراحل الأزمات انه انتصر فهم اسياده. وهو لا يتحرر من اخلاق العبيد عندما يتواقح ويتمادى ويستخدم النبرة الطائفية ويدس دسا " شاباكيا "، فالوقاحة والتمادي والسفاهة من اخلاق العبيد. انه هو ليس الشيخ انه كلب الشيخ، وكلب الشيخ ليس شيخا، هذا وهم، انه كلب يهرول ويهوهو حول صاحبه يتمسح بالسروال يلعق النعال ويجزر عندما يجب.

هل يطل علينا الـ " العربي الاسرائيلي " بوجهه القبيح من خلف القناع؟ من ناحية هذا دليل سوء لانه انتهازي ويتجه حيت تهب الريح، وسفوره دليل ان الريح تهب باتجاه الدولة التي يخلص لها، ولكن من ناحية اخرى هكذا افضل، اولا لنعرف من نجزر وكيف، هذا افضل ، وثانيا لان القوى الوطنية قوية وتستطيع ان تجزر امثاله، وثالثا لأن الدولة لن تهب باتجاهه ولو ابتسم له شارون وابن شارون، هي في النهاية دولة عنصرية، والقوى الوطنية منتصرة باصرارها على الموقف الديموقراطي والقومي امامها. واخلاق العبيد مهزومة بحكم تعريفها.

التعليقات