منذ بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، فجر الجمعة الماضي، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية 32 شابًا على الأقل من مختلف البلدات العربية في مناطق الـ48، وذلك بذريعة "تأييد" الهجمات الإيرانية على إسرائيل أو "الاحتفال" بها.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
فقد اعتقلت الشرطة 22 شابًا من مدينة أم الفحم، مساء يوم الجمعة الماضي، بزعم الاحتفال بالهجمات الإيرانية، إلى جانب نحو 10 شبان من قرى مختلفة، بدعوى نشر منشورات تؤيد وتحتفي بالضربات الإيرانية.
في المقابل، لم تتخذ الشرطة الإسرائيلية أي إجراءات بحق مجموعة من الإسرائيليين الذين احتفلوا بسقوط صاروخ على منزل في طمرة، أودى بحياة امرأتين وفتاتين من عائلة واحدة في المدينة، رغم توثيق هذه الاحتفالات بالصوت والصورة ووجود أدلة دامغة.
وتعكس هذه الممارسات، وفق ما تؤكده الجهات الحقوقية والقانونية، نهجًا تمييزيًا واضحًا في تعامل الشرطة والنيابة العامة والمحاكم الإسرائيلية مع قضايا العرب مقارنة باليهود. فعلى الرغم من وجود تسجيلات لمواطنين يهود يحتفلون بسقوط الصواريخ على طمرة ومقتل مواطنين عرب، لم يتم اعتقال أي منهم أو حتى استدعاؤهم للتحقيق.
وفي حديث لـ"عرب 48"، قال مدير مؤسسة "ميزان" الحقوقية، المحامي عمر خمايسي، "نلاحظ في الأيام الأخيرة، وتحديدًا بعد الحرب مع إيران، أن العقلية الأمنية أصبحت مهيمنة على سلوك الشرطة والنيابة العامة وجهاز المخابرات".
وتابع "أحيانًا مجرّد الابتسامة عند انطلاق صافرات الإنذار قد تُفسَّر على أنها تأييد للهجمات، ويتم بناء تهم على هذا الأساس، لكن فقط عندما يكون المتهم أو المعتقل عربيًا".

وفي ما يتعلق بحالات الاعتقال منذ اندلاع الحرب، أوضح خمايسي: "تم اعتقال شاب من إحدى قرى الجليل بسبب نشره ‘ستوري‘ عن طريق الخطأ، وقد قام بحذفها لاحقًا، ومع ذلك تم اعتقاله. الأمر تطور بعد ذلك إلى حملة إعلامية وتحريض واسع في الإعلام الإسرائيلي، ما أدى إلى تدخل المخابرات والنيابة العامة وتمديد اعتقاله".
وأضاف "طالبت الشرطة بتمديد الاعتقال لمدة 8 أيام، لكن القاضي رفض، وسمح بتمديده ليومين فقط. هذه الحالة تبيّن كيف يتم التعامل مع الملف عندما يكون المعتقل عربيًا، رغم عدم تقديم لائحة اتهام".
وبشأن اعتقال 22 شابًا من أم الفحم، قال خمايسي: "الحالة الأمنية السائدة تمنح الشرطة الضوء الأخضر للاعتقالات، وهناك تخوف كبير من تجمعات المواطنين. يمكن للشرطة أن تفسّر أي تجمع على أنه احتفال، وتذهب بتحليلها بعيدًا، وفقًا لرؤيتها وليس استنادًا إلى القانون".
وعن التناقض في تعامل الشرطة مع "احتفالات" بعض اليهود بسقوط الصواريخ على البلدات العربية، خاصة في طمرة، حيث فقدت المدينة أربع ضحايا، قال خمايسي: "أشير دائمًا أمام المحاكم إلى هذه الفجوة في التعامل وسهولة اعتقال المواطنين العرب، في حين أن من احتفل في مقطع مصوّر بسقوط الصواريخ ومقتل الأبرياء، لم يُعتقل، رغم الشعارات العنصرية والهتافات التي أطلقها".
وأضاف "الشرطة تتعامل مع المعتقلين العرب بأسلوب استعراضي، فتقوم بالتصوير وتكثيف النشر في وسائل الإعلام، بينما عندما يكون المعتقل يهوديًا، رغم وجود توثيقات وأدلة دامغة، لا يتم اعتقاله. وهذا يؤكد وجود معايير مزدوجة بحسب الهوية القومية، خصوصًا في ظل الظروف الأمنية الراهنة".
وعن ظروف اعتقال الشباب العرب، أوضح خمايسي: "مباشرة بعد الاعتقال، وتحديدًا على خلفية الحرب مع إيران، يتم تحويلهم إلى سجون أمنية مثل سجن 'مجيدو'، وليس إلى محطات توقيف اعتيادية. كما يتم حلق رؤوسهم فور إدخالهم إلى السجن، رغم عدم صدور قرارات محكمة أو تقديم لوائح اتهام، وكأنهم سجناء منذ سنوات".
اقرأ/ي أيضًا | الشرطة الإسرائيلية تحقق مع صحافيين بتهمة تصوير ميناء حيفا
وأشار إلى أن "الشبان يتعرضون للضرب خلال عملية الاعتقال، ويُعذّبون داخل السجون، رغم عدم إدانتهم بأي تهمة. لذلك نطالب دائمًا بتوثيق هذه الاعتداءات، وإذا وُجدت صور، توثيقها وكتابتها في سجل الجلسة والمحكمة، من أجل تقديم شكاوى ضد هذه الانتهاكات".
التعليقات