قلنسوة: رائحة الموت تفوحُ بالمكان

لا يدري تكروري ماذا يفعل، هل يبيع بيته فرارا من الأمراض والتلوث البيئي والروائح الكريهة التي تملأ المكان بشكلٍ شبه يومي، أم يستسلم لتلك الآفات إلى أن يأتي الله بأمره؟

قلنسوة: رائحة الموت تفوحُ بالمكان

مجموعة صور خاصة التقطت بعدسة "عرب 48"

تثير مشاعر الغضب والحسرة محمد تكروري (57 عامًا) من مدينة قلنسوة، كلما تذكر وفاة شقيقه بعد إصابته بمرض السرطان، ومعاناة بعض أقاربه المصابين بنفس المرض وهم يصارعون الحياة في لوعة وألمٍ، إذ تتردى حالتهم الصحية بين الحين والآخر، في حين يعجُّ الحي الشرقي، بمكبات نفايات بعضها يعمل تحت أنف المؤسسات المسؤولة.

هذا هو الحال في الحيّ الشرقي المحاذي للمركز الجماهيري، روائح وغازات ملوثة منبعثة من المكبات المُجاورة، وحالات كثيرة من الإصابة بالسرطان في الحي، والتي تعدت العشر حالات في شارعٍ واحد.

لا يدري تكروري ماذا يفعل، هل يبيع بيته فرارا من الأمراض والتلوث البيئي والروائح الكريهة التي تملأ المكان بشكلٍ شبه يومي، أم يستسلم لتلك الآفات إلى أن يأتي الله بأمره؟

في الأسبوع الأخير، استفاق أهالي مدينتي الطيبة وقلنسوة على روائح كريهة منبعثة من مكبات النفايات، تذمروا منها بشدة، محملين السُلطات المحلية في المنطقة المسؤولية نظرا لما تسببه من مكاره صحية وخطر على حياتهم.

وأشارت التقارير الأخيرة من العام 2014، أن نحو 750 حالة إصابة بمرض السرطان في مدينة قلنسوة، و700 حالة سرطان في مدينة الطيبة، فيما يؤكد الأهالي أن الواقع يثبت أن عدد الإصابات أكثر من ذلك بكثير.

تُحيط قلنسوة أكثر من ثلاثة مكبات نفايات، وفي أعقاب انتشار الروائح الكريهة والتلوث البيئي، لا سيما الحيّ الشرقي، والمعطيات المقلقة والخطيرة وارتفاع نسبة الوفيات بين مرضى السرطان، تسود في الآونة الاخيرة مشاعر القلق والخوف، إذ تحول هذا المرض إلى كابوس بين الناس، كل من يرى مجرد ورم في جسمه ينتابه شعور بالذُعر، وتوفي مطلع العام الجاري أربعة شباب في مقتبل أعمارهم بعد الإصابة بمرض السرطان الذي لم يمهلهم وقتًا حتى خطف أرواحهم.

وقال محمد تكروري، لـ'عرب 48'، إننا 'ابتُلينا بوجود المزبلة، منذ أكثر من 20 عاما ونحن نطالب ونتوسل المسؤولين والسلطة وكل من له صلة بهذا الموضوع أن يعمل على استئصال هذا الوباء الخطير. مكبات النفايات خطيرة جدا على حياة أهالي قلنسوة والبلدات المجاورة، وتؤرق مضاجعنا في كل يومٍ'.

وأكد أنه يفكر ببيع منزله والرحيل والانتقال لمكان آخر، ليستنشق هواء نقيا بعيدًا عن الآفات والملوثات البيئية.

وأضاف: 'نحن لا نجرؤ على فتح نوافذ المنزل في غالبية الأيام، بسبب الروائح الكريهة، نخاف على أولادنا من الأمراض، لا سيما بعد إصابة شقيقتي بمرض السرطان ووفاة شقيقي'.

وأوضح أنه لا يستطع الجلوس في شرفة المنزل أو الساحة بسبب انبعاث الروائح الكريهة والخطر من الإصابة بالأوبئة وانتشار الحشرات والبعوض.

اقرا/ي أيضًا | قلنسوة: تذمر من اكتظاظ صفوف ثانوية عمال بالطلاب

وناشد تكروري 'كل الجهات المسؤولة ورجال الدين والقياديين والنواب العرب، بالتدخل وإيجاد الحلول السريعة لهذه المشكلة الخطيرة التي تهدد سلامتنا في كل يوم، فلا يُعقل أن نُترك لوحدنا وسط هذه الأوبئة لنصارع الموت، بينما ينظر الناس بعين الشفقة، لا نريد تلك الشفقة والتعاطف، نُريد حلاً جذريًا يحمينا ويحمي أولادنا'.

تعقيب بلدية قلنسوة

وقال رئيس بلدية قلنسوة، الشيخ عبد الباسط سلامة، لـ'عرب 48'، إن 'بلدية قلنسوة سعت جاهدة للبحث عن حلول ومنع استمرار العمل في مكبات النفايات التي تستوعب نفايات البلاد، وسكان المنطقة يتضررون منها، فقد توجهت لوزارتي الداخلية وحماية البيئة وللجنة اللوائية للتنظيم والبناء بطلب وقف عمل المكبات، ووصلني رد بأن هذا المكب يتبع لمنطقة نفوذ الطيبة ولا يحق لي التدخل بهذا الجانب، كما وأن هذا المكب حصل على الترخيص القانوني، ولهذا فهو مستمر في العمل'.

تعقيب بلدية الطيبة

توجهنا لبلدية الطيبة وحتى كتابة هذه السطور لم يردنا تعقيب منها حول القضية. وفي حال حصولنا عليه، سوف ينشر لاحقًا.

التعليقات