النقب: رفض أحابيل الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي

تستهدف السلطات الإسرائيلية الشباب العرب الفلسطينيين في منطقة النقب، جنوبي البلاد، وتبذل جهودا بهدف الإيقاع بهم في شرك التجنيد للجيش الإسرائيلي، وخلق حالة من الأسرلة، إلى جانب استغلالها كافة الأطر والموارد لتحقيق هذه الغاية وفرض واقع جديد بالنقب.

النقب: رفض أحابيل الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي

(توضيحية)

تستهدف السلطات الإسرائيلية الشباب العرب الفلسطينيين في منطقة النقب، جنوبي البلاد، وتبذل جهودا بهدف الإيقاع بهم في شرك التجنيد للجيش الإسرائيلي، وخلق حالة من الأسرلة، إلى جانب استغلالها كافة الأطر والموارد لتحقيق هذه الغاية وفرض واقع جديد بالنقب.

وتأتي هذه المحاولات الإسرائيلية في أعقاب إحصائيات وتقارير حكوميّة تحدّثت عن "انخفاضٍ كبير في عدد المجنّدين العرب من النقب خلال السنوات الماضية، بينها تصريح وزارة الأمن بانخفاض نسبة المجندين الجُدد بين السنوات 2014 و2015 بمستوى 40%" حسبما أكد ناشطون سياسيون بالنقب. 

وأمام كل هذه الجهود والموارد الضخمة التي توظفها السلطات الإسرائيلية لإغراء الشباب العرب أو إيقاعهم في أحابيلها وشباكها في النقب خصوصا والمجتمع العربي عموما، يتوجبُ على كافة الأحزاب والحركات الوطنية الفاعلة على الساحة ولجنة المتابعة العليا والقائمة المشتركة ولجنة التوجيه العليا لعرب النقب ورؤساء السلطات المحلية العربية، العمل بكل الإمكانيات المتاحة وبذل كافة الجهود وإيجاد البدائل لمخططات الأسرلة التي تهدف إلى محو الهوية الوطنية للأجيال العربية الفلسطينية الصاعدة في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية.

وفي سياق متصل، صدر تقرير مراقب الدولة السنويّ الأخير في شهر آذار/ مارس 2018، وأشار إلى أنه "حتى عام 2016 كان ثلث البدو في الجيش الإسرائيلي من منطقة الجنوب أما الثلثين الآخرين من بدو الشمال".

ويستدل من المعطيات المذكورة في التقرير أنّ "نسبة المتطوعين في الخدمة العسكرية الإسرائيلية من عرب النقب هي فقط 6%-7%. وأن عدد المنتسبين للخدمة العسكرية من بدو الجنوب في عام 2013 كانت 130 فردا، وفي عام 2015 انخفضت إلى 89 فردا، بينما في عام 2016 أصبحت 110 أفراد فقط، وذلك رغم جهود وزارة الأمن في محاولات جذبهم إلى الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي".

وبحسب التقرير، فقد "أعرب وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، عن قلقه واستيائه الشديدين من الوضع الراهن، كما أعلن عن رغبته الشديدة في زيادة عدد المتطوعين من فئات الأقليّات في الجيش الإسرائيلي، وخاصّةً البدو في النقب"!

ورأى تقرير مراقب الدولة أن "هدف مضاعفة التجنيد في الوسط البدوي، هو 'هدف وطني' في غاية الأهميّة لدولة إسرائيل، ويجب التعامل معه بجدّية ومتابعة شاملة ومستمرّة"!

ولم يكن تجنيد أبناء النقب بالأمر الهيّن، فقد كانت هناك عدّة حواجز تقف في وجه تحقيق مرماهم "الوطني".

وحاولت السلطات الإسرائيلية المُستهدِفة لأبناء النقب فهم المسببات لعدم ارتفاع نسبة أعداد البدو في الجيش من أجل حل "المشكلة"! وتوصّلوا حسب تقرير مراقب الدولة إلى أنها تكمن في عدة أسباب، منها "الفجوات في مستوى التعليم بين الوسط اليهودي والوسط البدو'، و"عدم التوصّل إلى حل في قضية تنظيم استيطان العرب في النقب"، بالإضافة إلى "شعور البدو بالاضطهاد" و"عدم شعورهم بالانتماء لهذه الدولة"، إلى جانب "عدم قدرة السلطة على دمجهم في المجتمع الإسرائيلي"، عدا عن "عدم استفادة المتجندين البدو بعد إنهائهم الخدمة العسكرية"، وأنه "وُجِّهت ضربة قاسية لبعضهم حين تمّ هدم بيوتهم غير المرخصة من قِبل الدولة بعد أن أنهوا خدمتهم العسكرية في الجيش الإسرائيلي بتطوع منهم، الأمر الذي حط من الرغبة العامة في التجنيد في الوسط البدوي".

وعرض تقرير مراقب الدولة أيضا بعضا من الأساليب التي استخدمت للترويج للتجنيد في السنوات الماضية، "حاولت وزارة الأمن من جهة أخرى إرسال ممثليها إلى المدارس البدوية بنية الدعوة إلى التجنيد المباشر، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل، فغالبية مدراء هذه المدارس منعوا هؤلاء الغرباء من الدخول إلى مدارسهم".

وظهر أيضا في التقرير توجه جديد لوزارة الأمن الإسرائيلية فبعد فشلها في الإيقاع بالمزيد من أبناء النقب في أحابيل التجند للجيش، قرر وزير الأمن وضع خطة عمل جديدة لتحقيق أهدافهم، وذلك عن طريق التأثير على أهل النقب في عدّة جوانب، فقد قاموا بإشراك المؤسسات الأخرى في هذه الخطة، مثل وزارة التربية والتعليم، وزارة البناء والإسكان ووزارة الماليّة.

وقد أقيمت لجنة تضم هذه الوزارات من أجل العمل عن كثب وبشكل مراقَب، لضم أكبر عدد ممكن من الشباب العرب الفلسطينيين من بدو النقب للجيش الإسرائيلي.

وبحسب تقرير مراقب الدولة "كانت إحدى مسؤوليات وزارة التربية والتعليم بمشاركة وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي، إقامة برنامج تربوي مُعد لتهيئة الشبيبة في كافة البلاد للخدمة العسكرية تحت اسم منتدى 'طاولة مستديرة' فيه تجري مناقشة المواضيع المتعلقة بتجنيد الشبيبة وتهيئتهم لذلك".

ولغاية آذار/ مارس 2017 لم يناقش "تجنيد شبيبة البدو في النقب" في منتدى "الطاولة المستديرة"، وبعد إعراب وزارة الأمن عن قلقها من "عدم تجند شبيبة النقب، طالبت الوزارة بعرض موضوع تجنيد البدو على الطاولة المستديرة بشكل طارئ وجب مناقشته ابتداءً من أيلول/ سبتمبر 2017".

وفي أعقاب ذلك، وفي إطار مخططات الأسرلة، قامت وزارة التربية والتعليم بالعمل المكثف من أجل "تعزيز علاقة الشباب البدو بدولة إسرائيل وتحفيزهم على التطوّع في الجيش بطرقٍ غير مباشرة، من خلال إقامة فعاليات اجتماعية وعرقية"، بالإضافة إلى العمل على "تطوير مهاراتهم التعليمية، وخاصّة إجادة اللغة العبرية من أجل فتح الإمكانيات لضمهم لوحدات مختلفة في الجيش الإسرائيلي"!

وفي هذا السياق، نشر بند في مذكرة وزارة التربية والتعليم تحت عنوان "تشجيع تجنيد أبناء الشبيبة الذين لا يسري عليهم قانون الخدمة الأمنية". ونص على "تشجيع أبناء الأقليات، وخصوصا بدو النقب، على التطوع والتجند للجيش الإسرائيلي، وذلك من خلال زرع الشعور بالاتصال والانتماء لدولة إسرائيل وقيمها في نفوسهم، والعمل على استعدادهم للعمل كمواطنين من أجل أمن هذه الدولة"!

ويبدو، بناء على ما صرحت به السلطات الإسرائيلية، الفشل الذريع في إيقاع شباب النقب العرب في شباك التجند للجيش الإسرائيلي، كما تظهر بوضوح زيادة تدخّل وزارة الأمن وغيرها من الوزارات الإسرائيلية بشكل مكثف في مؤامرة "تجنيد البدو" في إطار خطط منظمة، تقضي بالعمل بشكل جماعيّ مع الوزارات والمؤسسات الأخرى على الأمر، مما ينم عن رغبة جامحة في استهداف أبناء "الشبيبة البدو".

ويظهر أن التوجه في المرحلة المقبلة والذي بدأت تتضح بوادره، استخدام المناهج التعليمية وتمويل الأطر المنهجية واللامنهجية للعمل داخل المجتمع والدفع نحو إيقاع الشباب العرب في النقب في أحابيل الجيش الإسرائيلي.

وفي موقف واضح ومشرف، أكدت اللجنة الشعبية في مدينة رهط بالنقب في بيان أصدرته ووصلت نسخة عنه لـ"عرب 48" في 20.03.2018 "رفض كل وسائل التجنيد للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الخدمة المدنية، التي لا يراد لنا من خلالها إلا نزع الشرعية العربية والوطنية".

التعليقات