الجولان: قرار ترامب غير مفاجئ في ظل العجز العربي

أثار توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء أمس الإثنين، على الاعتراف الأميركي بـ"سيادة" إسرائيل على مرتفعات الجولان العربي السوري المحتل، وذلك في ختام مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، غضب أهالي الجولان المحتل،

الجولان: قرار ترامب غير مفاجئ في ظل العجز العربي

أثار توقيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء أمس الإثنين، على الاعتراف الأميركي بـ"سيادة" إسرائيل على مرتفعات الجولان العربي السوري المحتل، وذلك في ختام مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، غضب أهالي الجولان المحتل، مؤكدين رفضهم لهذا القرار ومعتبرين هذا الاعتراف خروجا على الإجماع الدولي.

قرار غير مفاجئ

وقال الباحث في العلوم السياسيّة، وأحد رموز الحركة الوطنية الجولانية، د. ثائر أبو صالح، لـ"عرب 48": "الحقيقة إن قرار ترامب ليس مفاجئا لكل متتبع للأحداث في المنطقة، فإسرائيل تسعى ومنذ بداية الأحداث في سورية عام 2011 لفرض أمر واقع جديد في المنطقة مستغلة الحرب في سورية، وهي تعتقد أن الفرصة حانت ليعترف العالم بضم الجولان لإسرائيل، لذلك عقد نتنياهو في عام 2016 اجتماعا لحكومته في الجولان وطالب ترامب وحكومات العالم بأن تعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان".

د. ثائر أبو صالح

وأضاف أن "إسرائيل حاولت أيضا فرض الأمر الواقع على السكان السوريين المتبقين في الجولان من خلال مشاريع الأسرلة المستمرة، لتستعملهم كورقة أمام الرأي العام على أن هؤلاء السكان يريدون بقاء السيادة الإسرائيلية على أرضهم، وذلك من خلال إغداق الأموال على المجالس المحلية ومشاريع تطويرية وسياحية، وحاولت استمالة الجيل الجديد للقبول بالجنسية الإسرائيلية. وأخيرا حاولت فرض الانتخابات للمجالس المحلية، وكل ذلك بهدف إيهام العالم أن أهل الجولان منخرطون في الواقع الإسرائيلي، ولكن كل هذه المشاريع فشلت، فلا تتعدى نسبة حملة الجنسية الإسرائيلية 6.5 بالمئة، كما تصدى أهل الجولان لانتخابات المجالس المحلية وأفشلوها".

وأكد أبو صالح أن "قرار ترامب غير مفاجئ لأن العرب أيضا لم يحركوا ساكنا عندما نقل السفارة إلى القدس فلماذا لا يقدم لنتنياهو ورقة رابحة في الانتخابات القادمة بانتظار أن يرد له نتنياهو بورقة رابحة عندما تأتي استحقاقات الانتخابات الأميركية ويؤمن له دعم اللوبي اليهودي وهو يقدم أخيرا أرضا لا يملكها لدولة محتلة. لا شك أن قرار ترامب مناف لكل الأعراف والمواثيق الدولية، ويعتبر خرقا خطيرا للقانون الدولي عدا عن كونه سابقة في العلاقات الدولية قد تدخل العالم في دوامة لا نهاية لها، فكل دولة قوية تستطيع أن تعتدي على دولة أخرى وتقضم أرضها، ومن ثم يعترف العالم بهذا الاحتلال، فحتما هكذا تصرف سيؤدي إلى فوضى في الميزان الجيوسياسي على سبيل المثال اعتراف العالم بشرعية احتلال شبه جزيرة القرم على يد روسيا".

وختم الباحث الجولاني بالقول: "الحقيقة، لا ننتظر من العرب شيئا غير التصريحات والتنديد بالرغم من أنهم قادرون على فعل الكثير، ونحن لا نطلب منهم أن يبادروا لشن حرب، ولكن على الأقل إغلاق السفارات وقطع العلاقات والمقاطعة، فلو كان الطرف الأميركي يتوقع أية ردة فعل لما أقدم على هذا القرار بشأن الجولان أو القدس، فهو يعلم أنه أمام أنظمة كل همها البقاء في السلطة حتى لو كان ذلك على حساب دماء شعوبها أو اقتطاع مساحات من أوطانها".

وقال الناشط السياسي، سميح أيوب، من الجولان لـ"عرب 48" إن "قرار ترامب غير شرعي، لدينا تجارب تاريخية سابقة ففي العام 1981 حاولت إسرائيل ضم الجولان وكانت الهبة الجماهيرية العارمة واستمر الإضراب لمدة 6 أشهر حيث رافق ذلك اجتماع مجلس الأمن وتم إفشال القرار إذ حظي القرار باعتراف دولتين فقط، أميركا وإسرائيل، ومعارضة 168 دولة".

سميح أيوب

وأضاف: "لربما يعيد التاريخ نفسه، والغباء عند ترامب والدعاية الانتخابية لنتنياهو كانت خطوات لخدمة المصالح الإسرائيلية والأميركية مجتمعة. جاء قرار ترامب ليلتف على القرار الدولي والإرادة الدولية، لذلك هذا القرار غير شرعي لأنه صادر من إسرائيل وأميركا، ونحن نرى دول العالم تستنكر هذا القرار بدءا من بريطانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي ودول العالم الثالث. والقرار يحمل مصالح مشتركة وجاء في مرحلة مهمة من تاريخ أمتنا. أولا، جاء في 21 آذار في ذكرى معركة الكرامة التي تمرغ بها الجيش الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية. ثانيا، جاء بعد قرن على وعد بلفور المشؤوم، وثالثا، جاء بعد 52 عاما من الاحتلال والسيطرة على هضبة الجولان بالقوة، وكذلك في المرحلة التي تمر بها سورية في حرب وتشتت وتفكك الجيش والمجتمع السوري في هذه الأزمة. تعودنا على أن إسرائيل تستغل الظروف لتأخذ الكثير كي تعطي القليل، كما تستغل مغازلة بعض الدول العربية وتواصلها مع إسرائيل والوعود في فتح سفارات لها في إسرائيل إضافة للأردن ومصر فهناك الإمارات والسعودية والدول العربية الرجعية، لذلك فإن أميركا تستغل هذه الظروف للسيطرة على الجزء الشمالي من سورية وهي منطقة آبار النفط في منطقة دير الزور". وختم أيوب بالقول: "هذا القرار يخرج للعلن في مرحلة الصراع الداخلي في سورية وتخاذل الموقف العربي وتشتت الدول العربية. الجولان جزء من الجمهورية العربية السورية الآتية لا محالة باسم الدولة المدنية والديمقراطية التي سيعمل الشعب السوري على إقامتها وإعمار البلاد. إلى متى سيبقى طغاة إسرائيل يصعدون المواقف والدفع نحو الحروب وسفك الدماء؟ يجب أن يتذكر كل إسرائيلي انسحاب إسرائيل من مستوطنة 'يميت' وسيناء بمعاهدة سلمية وانسحاب إسرائيل القسري من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة، وعليها أن تختار بين الحرب والسلم، ويجب أن يعي كل إسرائيلي بأن المصالح الشخصية لنتنياهو والمصالح الإستراتيجية لترامب لا تولد إلا الحروب وقودها دماء الأبرياء من الجانبين".

"بلفور" جديد

وقال الناشط السياسي والحقوقي، سلمان فخر الدين، لـ"عرب 48" إن "قرار ترامب الأخير يذكر الجميع أن وعد بلفور لا زال حيا بعد 100 عام مع احتلال إضافي وأنه محاولة لإعادة القانون الدولي إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى في تشريع سيطرة وهيمنة الاحتلال الكولونيالي وأساس البلطجة للعمل الديبلوماسي إذ كان المستعمرون الأوائل دهاة السياسة يتسترون على الأهداف الحقيقية لمشاريعهم الاستعمارية أما قيادات اليوم فيغلب عليها الغباء، سواء كانت مؤقتة أو مزمنة، كما يعيدنا هذا إلى  مقولة 'من لا يملك لمن لا يستحق' وهي أيضا هي إثبات للحالة العربية التي لم تتغير منذ 100 عام، وإذا كانت المنطقة العربية عملت في السياسة كفاعل فهي آخر مرة كانت بزمن السلطان عبد الحميد ومحمد علي في مصر ومنذ ذلك الحين نحن في سبات عميق مع استثناء ثورة 25 وثورة 36 وفي مصر عام 1919 التي شكلت إرهاصات نمو وعي وطني، لكنها انتكست، ونحن الآن نتكئ على عروش، سواء هي على فراش متنقل أو كرسي من الجماجم وتيجان من الشوك ليست كتاج المسيح، لكن المستقبل سيكون أكثر إشراقا بالتأكيد لأن حالة الحضيض التي نحن فيها تشبه أسفل السافلين ولا يمكن أن تستمر".

سلمان فخر الدين

وأضاف: "لو فاجأ قرار ترامب أي أحد فإن هذا لا يبشر بالخير، إلا من كان يظن أن أميركا هي جمعية خيرية تعمل لخيره ورخائه ويشتري ودها بمئات المليارات، رشى وخاوة".

وشدد على أن "ما يمكن أن تراه عربيا رسميا ودوليا من استنكار وغضب وقلق بلغة دبلوماسية هادئة يبعث على الخوف بأن هناك أطرافا متوافقة مع موقف ترامب، سواء في 'صفقة القرن' أو 'صفقة القرنين.' الجماهير ستكتفي بالتصفيق وتحية القادة العظام وبطولات وهمية تصلح للمنابر فقط، وهنا لا أريد تيئيس أحد لأنه طالما هناك جموع تقول نرفض هذا الحل ستبقى إسرائيل تعيش حالة قلق دائم من طفل يبحث عن نبتة العكوب أو فلاح يحرث زيتونه ومقاوم يمتشق سلاحه".

وختم فخر الدين بالقول: "أحيي جماهير الأرض المحتلة في كل مكان لأنها الناقوس الذي يذكر الجميع أن القضية لم تنته بعد، وسيكون اليوم الذي نضع لها خواتم تحررية وإنسانية تحترم حق الجميع العيش بسلام وحرية ورفاهية بدون احتلال وغطرسة".

التعليقات