تضييقٌ على العرب باللد: 238 معتقلا وملاحقات مستمرة

حملة اعتقالات طالت 238 عربيا من اللد، فيما قدمت النيابة العامة 41 لائحة اتهام ضد شبان عرب من المدينة، بينهم معتقل إداري يُدعى عيد حسونة، وهو شقيق الشهيد موسى حسونة الذي قُتل بنيران مستوطن، يوم 11 أيار/ مايو 2021.

تضييقٌ على العرب باللد: 238 معتقلا وملاحقات مستمرة

من اللد ("عرب 48")

يعتقدُ البعض أن الاعتداءات على العرب الفلسطينيين في مدينة اللد انتهت بعد مرور نحو ثلاثة أشهر منذ المواجهات والاحتجاجات الأخيرة ضد العدوان على غزة واقتحام المسجد الأقصى ومحاولات تهجير أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على مواطنين عرب في اللد وغيرها من البلدات البلاد، إلا أن الحقيقة مغايرة تماما لما يجري على أرض الواقع.

ويستدل من المعلومات المتوفرة أن جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة الإسرائيلية ينفذان حملة اعتقالات مستمرة طالت 238 عربيا من اللد، فيما قدمت النيابة العامة 41 لائحة اتهام ضد شبان عرب من المدينة، بينهم معتقل إداري يُدعى عيد حسونة، وهو شقيق الشهيد موسى حسونة الذي قُتل بنيران مستوطن، يوم 11 أيار/ مايو 2021، ولا يزال 18 شابا من اللد في السجون، لغاية اليوم.

وقال الناشط السياسي، غسان منيّر، لـ"عرب 48" إن "الاعتقالات شهدت نوعا من الإذلال المتعمد لشبان اللد من قبل الشرطة والمخابرات"، مضيفا أن "جميعها اعتقالات تعسفية لم تشهد مثيلها أي بلد في الداخل الفلسطيني خلال الأحداث".

اعتداءات المستوطنين والشرطة

شهدت اللد مواجهات في أيار الماضي لم تعهدها منذ النكبة عام 1948، حسبما قال الأهالي، إذ شملت الاعتداءات الكبار والصغار والممتلكات والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ولم تسلم منها المؤسسات والمنازل.

وامتدت المواجهات بعد العدوان على قطاع غزة، ولكن النقطة الفاصلة التي أشعلت الشرارة في اللد كانت استشهاد الشاب موسى حسونة وإصابة ثلاثة عرب بنيران مستوطن، ليلة عيد الفطر.

تعرض سكان اللد العرب إلى الكثير من الاعتداءات من قبل المستوطنين، سواء على أملاكهم الخاصة أو العامة وخصوصا المقدسات، وكان أبرز هذه الاعتداءات محاصرة المسجد العمري الكبير وإطلاق الرصاص الحي تجاه المصلين، وفي حينه بدلا من أن تعتقل الشرطة المستوطنين الذين أطلقوا النار، أمطرت المسجد بقنابل الغاز المسيل للدموع ما أسفر عن إصابة عشرات المصلين المحاصرين داخله.

مركز للشرطة في اللد

وفي الوقت الذي وثّقت كاميرات المراقبة عشرات اعتداءات المستوطنين على السكان العرب وممتلكاتهم بحماية الشرطة ورئيس البلدية، يائير رفيفو، الذي خصص أماكن عامة لمكوث المستوطنين، لم تعتقل الشرطة سوى بضعة مشتبهين يهود، فيما اعتقلت 238 شابا عربيا.

وفي مشهد يبدو واصفا لحال العرب في اللد، قالت والدة أحد المعتقلين، الحاجة صفية العاوور من حي شنير، لـ"عرب 48" إن "المستوطنين اعتدوا على ممتلكاتنا وحطموها، وحاولوا اقتحام البيوت والاعتداء علينا جسديا، وفي النهاية نحن الذين نقبع في عتمة الزنازين رغم الاعتداءات علينا".

اتهامات واعتقالات متتالية

قدمت النيابة العامة إلى المحكمة المركزية في اللد، حديثا، 13 لائحة اتهام ضد شبان من المدينة، نسبت إليهم تهم "إلقاء زجاجات حارقة وإطلاق النار وحيازة سلاح غير مرخص".

وقال المحامي الموكل بالدفاع عن عدد من المتهمين، تيسير شعبان، لـ"عرب 48" إن "التهم التي قدمت ضد الشبان مضحكة ومثيرة للسخرية، وتشير إلى إفلاس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".

محامون يدافعون عن الشبان في المحكمة

وأوضح أن "الكثير من الاعترافات انتزعت من الشبان تحت أساليب تعذيب غير قانونية، وكلها باطلة ولا أساس لها، ونحن نعترض عليها أمام المحكمة بشكل واضح".

وأضاف شعبان أن "الشرطة والمخابرات يحاولان معاقبة أهالي اللد العرب بهذه الاعتقالات ولوائح الاتهام الترهيبية، ويعملان من دوافع انتقامية إثر الهبة الشعبية والوقفة الوطنية للأهالي العرب".

وروت صفية العاوور تفاصيل اعتقال ابنها إثر الاحتجاجات الأخيرة في المدينة، قائلة إن "قوات كبيرة وغير مبررة اعتقلت ابني من البيت بصورة وحشية مع أنه يعاني من إعاقة في قدمه بسبب حادث طرق تعرض له قبل سنوات، وحطمت الشرطة أدوات ومستلزمات البيت".

وتطرقت إلى ظروف اعتقال ابنها بالقول إن "ابني بقي عشرة أيام رهن الاعتقال لدى جهاز المخابرات دون أن نعلم أي شيء عنه. رفضوا إبلاغنا عن مكانه أو حالته الصحية والنفسية وحتى الشبهات التي نسبت ضده، وفقط بعد 11 يوما أتاحوا لنا أن نحدثه هاتفيا لدقائق معدودة، ولكن بالعبرية فقط".

وأكدت العاوور أن "حملة الاعتقالات بحق شباب اللد العرب دوافعها عنصرية مقيتة. المستوطنون كسرّوا بيوتنا وخرّبوا ممتلكاتنا واعتدوا علينا جسديا، وفي نهاية المطاف نحن الذين نُعتقل، وهم أحرار طلقاء'.

ووصفت والدة المعتقل مشاهد لاعتداءات المستوطنين في اللد، ليلة العيد، إذ "تحوّل حيّنا إلى ساحة معركة بسبب المستوطنين. هجوم جماعي على النساء والأطفال والمسنين. هذه المشاهد أعادت بنا الذاكرة إلى النكبة كما رواها لنا أجدادنا، إذ أنهم هجرّوا أهلنا خلال اعتداءاتهم، ولكن نقول لهم إن ما حدث آنذاك لن يعود أبدا".

أما والد الشهيد موسى مالك حسونة فقال لـ"عرب 48" إن "المخابرات والشرطة والبلدية استغلوا الفرصة للانتقام من سكان اللد العرب. منذ بدء الهجمة علينا واستشهاد ابني موسى لم تنته الملاحقات ولا الترهيب والضرب والقمع".

والد الشهيد موسى مالك حسونة

ورأى أن "هذه الملاحقات، على ما يبدو، ستستمر لمدة طويلة إذا تواصل الصمت إزاء ما يحدث. الأبرياء يقبعون في السجون، والقتلة المجرمون طلقاء وأحرار".

وختم والد الشهيد حسونة بالقول إن "الهدف من كل هذه الاعتقالات بث رسالة واحدة مفادها أنه لا مظاهرات ولا احتجاجات بعد اليوم في اللد. تريد الأجهزة الأمنية أن تجهض هذه الهبة وأن تلقن شبابنا درسا، ولكن شبابنا أوعى من ذلك ولا يمكن سلخنا عن شعبنا الفلسطيني".

التعليقات