في ظل التصعيد الأمني الأخير واستمرار الحرب بين إسرائيل وإيران، تزداد المخاوف في البلدات العربية في البلاد، بسبب البنى التحتية الهشة وانعدام الملاجئ ونقص الغرف الآمنة وعدم التقيد بتعليمات الحماية والاستهتار بها، مما يجعل سكان البلدات العربية في مواجهة مباشرة مع الخطر في ظل استمرار حالة الطوارئ.
تعاني البلدات العربية من نقص حاد في الملاجئ العمومية والأماكن المُحصنة نتيجة سياسات الإهمال والتهميش التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه المواطنين العرب والسلطات المحلية، بينما تتوفر الملاجئ المحصنة الثابتة والمتنقلة في البلدات اليهودية.
كما يعاني المواطنون العرب من تمييز واضح في منظومة الدفاعات الجوية الاسرائيلية، والتي تتعامل مع البلدات العربية كمناطق مفتوحة، ما يعني استثنائها من الحماية في أوقات الطوارئ، وتحديدًا في منطقة النقب، جنوبي البلاد.
وقال مدير عام المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، سليمان الهواشلة، لـ"عرب 48" إنه "في أوقات الطوارئ من المفترض أن تتوفر أماكن آمنة لجميع المواطنين، ففي الوقت الذي يدخل فيه المواطنون إلى الملاجئ المحصنة يبقى عشرات آلاف المواطنين من القرى العربية في النقب المعترف بها وغير المعترف بها، دون ملجأ أو مكان يحميهم من الصواريخ والشظايا".

وأضاف أنه "يبحث المواطنون العرب في النقب عن الجسور أو المناطق المفتوحة للاختباء من الصواريخ والشظايا، لأن الدولة لا توفر لهم أماكن آمنة، بل إنها لا تعترف بقراهم، وبالتالي تعرضهم وعائلاتهم للخطر. نتحدث عن آلاف الأطفال والنساء وكبار السن الذين يتواجدون في ظروف صعبة بسبب سياسات الدولة التي تتعامل معهم بعنصرية".
وأشار الهواشلة إلى أن "الدولة لا تكتفي بعدم الاعتراف بالقرى العربية في النقب، بل تستمر في إصدار أوامر الهدم، ولا توفر أي حماية لهم، كل ذلك نتيجة السياسات المتبعة تجاه المواطنين العرب في النقب، والذين يناضلون من أجل حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها الاعتراف بقراهم".
وختم الهواشلة حديثه بالقول إن "المواطنين العرب في النقب عانوا ولا يزالون يعانون في ظل عدم توفير الحماية لهم، ونحن نطالب ونناضل من أجل حق أهالينا في العيش والحياة الآمنة، خاصةً في ظل التصعيدات وحالات الطوارئ، إذ أننا فقدنا سابقًا أرواحا بريئة بسبب عدم توفير الحماية للمواطنين العرب في النقب، والذين لا تدافع عنهم أيضًا منظومة الدفاعات الجوية كون المناطق العربية التي يسكنها العرب في النقب تعتبرها مناطق مفتوحة، وبالتالي تبقى عرضة للخطر".
وقال عضو هيئة الإشراف في الهيئة العربية للطوارئ، أحمد الشيخ محمد، لـ"عرب 48" إنه "نأمل أن تنتهي هذه الحرب في أقرب وقت ممكن، خاصةً في ظل معاناة مجتمعنا الذي يعاني أضعاف ما تعانيه الدولة، وذلك نتيجة ضعف البنى التحتية والنقص في عدد الملاجئ، إذ أن مجتمعنا منذ نحو 5 سنوات يواجه أزمات متتالية، ومنها جائحة كورونا والحروب المختلفة التي كانت خلال السنوات الأخيرة، حتى باتت حالة الطوارئ مستمرة دون توقف".
وأضاف أن "البنى التحتية في البلدات العربية ضعيفة جدًا، والملاجئ المتوفرة في البلدات العربية هي تلك الموجودة داخل المدارس، ولهذا نحن نوجه نداء للسلطات المحلية العربية بفتح هذه الملاجئ في المدارس وتجهيزها حتى يتم استخدامها في حالات الطوارئ".
وأضاف أن "المضادات الجوية الموجودة تتركز على التجمعات السكانية الكبيرة وتحديدًا في وسط البلاد، بينما القرى الواقعة على الهوامش ومنها البلدات العربية تحصل على حماية أقل من تلك التجمعات الكبيرة، وهذا يشمل أيضًا بلدات يهودية تقع في أطراف الدولة".
وبشأن تعامل الجبهة الداخلية الإسرائيلية مع البلدات العربية، أوضح أنه "في بداية فترة كورونا كان التعامل خاصا من قبل الجبهة الداخلية مع السلطات المحلية اليهودية، وكذلك الأمر اليوم، حيث إن التركيز على البلدات اليهودية في الوقت الحالي، ولكن مع مرور الوقت نتوقع أن يزداد الاهتمام بالبلدات العربية، ونتوقع أن يجري تعديل في الفترة المقبلة، يوجد تواصل ومبادرات، ولكن يجب أن تتعزز".
وعن الملاجئ المتنقلة في الأحياء والشوارع، قال الشيخ محمد إن "البلدات العربية تفتقر للملاجئ المتنقلة العامة، على الرغم من أنها لا تفي بالغرض أمام الصواريخ الضخمة، ولكنها على الأقل توفر الحماية من الشظايا. نطالب باستمرار بتوفير هذه الملاجئ لحماية المواطنين".

وعن مدى التزام المواطنين بالتعليمات، أكد أن "الالتزام في الوقت الحالي ليس كافيا، ويجب على الأهالي الالتزام بالتعليمات، إذ أننا نناشد أصحاب القاعات بعدم إقامة المناسبات في ظل الظروف الراهنة. الوضع صعب وخطير على الجميع، ومن المهم الالتزام بالتعليمات ومنها عدم التجمهر".
وأشار إلى أنه "في بداية فترة كورونا كان نوع من الاستهتار لدى مجتمعنا في كل موضوع الالتزام بالتعليمات، ولكن بعد مرور الوقت كان الالتزام بالتعليمات أكبر من المجتمعات الأخرى في البلدات بشكل مضاعف، ومع تزايد خطورة الوضع، وخاصةً بعد الفاجعة التي وقعت في طمرة، نتوقع أن يزداد الالتزام".
وأوضح عضو الهيئة العربية للطوارئ أن "الهيئة قامت بتدريب نحو 27 فريقًا في البلدات العربية، وهذه الفرق تشمل مجموعات من المسعفين، الذين حصلوا على معدات الإسعاف الأولية، وذلك في محاولة لتقليل الضرر في حالات الطوارئ".
وأردف أنه "نحن على تواصل دائم مع السلطات المحلية العربية، نرشدها ونوجهها إلى الإجراءات الصحيحة، إذ تعتمد الهيئة بشكل كبير على رفع الوعي وتوجيه الأهالي والسلطات المحلية العربية".
وبخصوص حجم الإضرار منذ اندلاع الحرب، قال الشيخ محمد إن "الضرر في البلدات العربية كبير، وحتى اللحظة لا نملك معلومات دقيقة، كون الحدث لا يزال حديثًا، ونقوم بجمع المعلومات في الوقت الحالي، والأهم رفع الجهوزية والتوعية وذلك لتقليل الضرر عن مجتمعنا".
وقال رئيس بلدية باقة الغربية، رائد دقة، لـ"عرب 48" إنه "نعيش، اليوم، في وضع أمني صعب ومعقد، في ظل غياب الحد الأدنى من الحقوق الأساسية التي تُفترض أن توفرها السلطات والمؤسسات الحكومية لنا، وعندما تتحدث هذه الحكومة عن تقليص الفجوات بين المجتمعين العربي واليهودي، نجد في الواقع أن قراراتها تزيد هذه الفجوات بدلاً من تقليصها".
وأضاف دقة أنه "صحيح أن الفوارق بين المجتمعين كبيرة وعميقة، ولكننا في الوقت الحالي مجبورون على التماشي مع الظروف المتاحة والاستفادة منها بشكل كامل في ظل الوقت الراهن والحالة الأمنية المعقدة والمركبة التي نعيشها، لذلك من المهم الاستفادة مما هو متوفر لحماية أنفسنا وعائلاتنا في ظل الظروف الراهنة".

وتابع أنه "في الوقت الحالي قمنا بافتتاح جميع المؤسسات العامة في المدينة ومنها المدارس وكل المؤسسات التابعة للبلدية، في ظل عدم توفر الملاجئ في الأماكن العامة بالشكل المطلوب، وبهذا في معظم الأحياء هناك مؤسسات عامة، وقمنا بتعيين شخص في كل مؤسسة ليتواجد بها على مدارس الساعة في حال حصل أي طارئ، يقوم بتوجيه وإرشاد الأهالي، وهذا مهم".
وأشار رئيس بلدية باقة الغربية إلى أن "التعليمات التي تلقيناها ونؤكد عليها أن الملاجئ توفر حماية عالية وكذلك السلالم الداخلية في البنايات والمنازل، إذ تعتبر من الأماكن الآمنة نسبيًا، ومن هنا علينا أن نتحلى بالمسؤولية وأن نكون على استعداد وحذر دائم".
وأما بشأن توفر ملاجئ متنقلة في باقة الغربية، فأوضح أنه " للأسف الشديد، لا توجد ملاجئ متنقلة في المدينة، إذ أن البلديات والسلطات المحلية في منطقة المثلث لم تتسلم مثل هذه الملاجئ، كون هذه البلدات لا تقع عند الحدود الشمالية أو الجنوبية، لذلك لم يتم توزيع مثل هذه الملاجئ على السلطات المحلية في منطقة المثلث، عدا عن تلك الموجودة في البلديات، ولكننا نطالب طول الوقت بتوفير ملاجئ لحماية المواطنين".
اقرأ/ي أيضًا | دماء على الجدران تروي فاجعة طمرة
التعليقات