في ظل الظروف الراهنة والتحديات الاقتصادية المتزايدة في إسرائيل، تشهد العديد من العائلات العربية تراجعًا ملحوظًا في دخلها وصعوبات جمة في إدارة شؤونها الحياتية.
يأتي ذلك نتيجة التوقف عن العمل وقيود الطوارئ، إضافة إلى الارتفاع الفاحش في الأسعار وغلاء المعيشة الذي تفاقم منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023
لمناقشة هذه القضايا الحيوية وسبل تجاوز الأزمة الاقتصادية، حاور "عرب 48" المستشارة لاقتصاد العائلة، نردين أرملي:

"عرب 48": ماذا عن مصروفات العائلة في زمن الحرب؟
أرملي: أعتقد أن هناك شقين في مصروفات العائلة، مصروفات البيت مثل أثمان الكهرباء والماء وتكاليف الطعام والشراب، ومن جهة ثانية الشق الآخر يتعلق بالمحلات التجارية وهي مغلقة بسبب الحرب، ولذلك فإن المصروفات الخارجية تقل بطبيعة الحال، وكذلك من خطط للسفر فقد ألغى سفره، وكذلك من سافر وعلق في الخارج ارتفعت تكلفة سفرته بشكل كبير بسبب غلاء ثمن بطاقة السفر للعائد إلى البلاد بواسطة الطائرة.
"عرب 48": ما هي أخطار وانعكاسات الحرب والطوارئ على اقتصاد العائلة؟
أرملي: بطبيعة الحال التوقف عن العمل، وبالتالي عدم توفر الدخل. هناك كثر ليس لديهم أيام إجازات، ولا تلوح أي بادرة لتعويض هؤلاء، وحتى وإن لم تشعر العائلة بعد بانخفاض الدخل، سرعان ما ستشعر بذلك في راتب شهر حزيران/ يونيو، كذلك تعطل المصالح التجارية، وحتى برنامج التعويضات الذي يتم الحديث عنه هو برنامج بسيط للغاية.
"عرب 48": في ظل الحرب والظروف الأمنية المتقلبة، ما هي النصائح الأساسية للعائلات لإدارة ميزانيتها بشكل حكيم؟
أرملي: أولا، علينا فحص إمكانية استغلال أيام الإجازة للتغطية على الأيام التي لم نعمل فيها ولم يكن فيها راتب، في حال وافق المشغل، وهذا لضمان دخل عن راتب شهر حزيران، ومن خطط لمشاريع خلال هذه الفترة عليه التريث لحين وضوح الصورة وإلى متى ستبقى الحالة الأمنية بهذا الوضع، وأن نحاول المحافظة على روتين في ظل الفوضى، فهذا يساعد على ترتيب المصروف، بمعنى روتين وجبات، ساعات عمل ولو صغيرة، نحاول إيجاد دخل ولو كان ضئيلا، والمحافظة على روتين بدون قرارات متهورة.
كثيرون يفكرون في سحب مستحقات صناديق الائتمان وصناديق الاستكمال وهذا خاطئ، لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، وكثر يتخذون قرارات في ظل هذا الضغط، وفي رأيي يجب عدم اتخاذ قرار متسرع بسحب مستحقاتنا من صندوق الاستكمال، فحتى الآن لم تظهر نتائج انخفاض الدخل وستظهر فقط الشهر المقبل، لذا لا يجدر بنا اتخاذ قرارات متسرعة.
"عرب 48": كيف يمكن للعائلات ذات الدخل المحدود أن تتعامل مع الارتفاع الحاد في الأسعار، خصوصًا في المواد الغذائية والسلع الأساسية؟
أرملي: الدولة في حالة ارتفاع أسعار بشكل كبير، وعلى صاحب الدخل المحدود أن يراقب مصروفاته، وأن يرتب سلم أولوياته بشكل دقيق. أعي الصعوبات بأن ارتفاع الأسعار يشمل العديد من المنتوجات ولا يقتصر على الرفاهيات، ونحن لا نتحدث عن ارتفاع أسعار فواكه موسمية، بل ارتفاع أسعار مختلف السلع، الخضار، الفواكه، والمنتجات الأساسية. في ظل هذا الوضع ليس أمام العائلة إلا الحفاظ على سلم أولويات وحدود مصروفات مع تنازل عن وجبات خارج البيت.
"عرب 48": ما الأولويات التي تنصحين العائلات بالتركيز عليها في الإنفاق خلال الأزمات والطوارئ، وهل تختلف عن الأولويات في الظروف العادية؟
أرملي: بالتأكيد، لدينا اليوم أولويات مختلفة بشكل جذري. الروتين المعتاد لا يصلح اليوم، وأقصد أن نطلب وجبات من المطاعم متى نشاء، هذا ليس من الأولويات اليوم، خاصة وأن الدخل غير مضمون، وحان وقت ملاءمة المصروفات المالية مع المدخولات، وعلى كل عائلة تقييم وملاءمة مصروفاتها وسلوكها المالي في الأوضاع السائدة والأوقات الحالية.
"عرب 48": هناك عائلات كثيرة تعاني من يداد أقساط شهرية مقابل قروض أو التزامات أخرى، كيف يمكنها التوازن بين هذه الالتزامات وتوفير الحاجات الأساسية؟
أرملي: حتى الآن، ليس هناك خطط حكومية لتجيب عن هذا التحدي، باستثناء العائلات التي تضررت بصورة مباشرة من الحرب، خاصة من دُمّر بيته أو تضرر من جراء الحرب، أو مصالح تجارية تضررت بصورة مباشرة، ولكن قد نستطيع التوجه للبنوك وطلب تأجيل الدفعات بعد التأكد من دخلنا الشهري المنتظر في شهر تموز/ يوليو.
"عرب 48": كيف يمكن إشراك أفراد العائلة، وخصوصًا الأطفال والمراهقين، في ثقافة التوفير والتدبير الاقتصادي في هذه المرحلة؟
أرملي: أفضل الحلول مع المراهقين هي المشاركة الصريحة في شتى المواضيع وكذلك في القضايا الاقتصادية.
نحن في حالة طوارئ، والأمور الاقتصادية اختلفت وهذا يتطلب منا أن نتصرف بشكل مختلف، وعلى الجميع التجاوب، لا أقول أن نشركهم بالأرقام، ولكن إشراكهم بأن عمل الوالدين تضرر وكذلك المدخول المالي للعائلة، وهذا يتطلب ملاءمة ومرونة، وقد نطرح عليهم إبداء أفكار لمواجهة هذه الحالة، وهذا يساعد العائلة على تجاوز المرحلة، وقد يقدموا اقتراحات لم نفكر بها، لذا علينا إشراكهم بصراحة ووضوح بدون أن ننقل إليهم الضغط النفسي والاقتصادي الذي نتحمله.
"عرب 48": هل هناك أدوات رقمية أو تطبيقات تنصحين بها لمتابعة الميزانية وتخطيط المصروفات اليومية والأسبوعية بشكل فعال؟
أرملي: أستطيع القول إن هناك دائما نصيحة بتسجيل المصروفات وهناك دائما ورشات ومحاضرات رقمية مجانية ونصائح يقدمها مستشارون لاقتصاد العائلة يمكن الانضمام إليها. كذلك أشدد على أهمية فحص المصروفات التي نتجاهلها على الدوام، مثلا الدفعات الشهرية للإنترنت، التأمينات الصحية، اشتراك التلفزيون، وغيرها، وقد نستطيع خفض هذه المصاريف، وفي هذه الأيام تتوفر أوقات فراغ وقد نستغلها لدراسة تقليل الدفعات الشهرية وخفضها ما أمكن.
التعليقات