وجد آلاف العمال في إسرائيل أنفسهم بلا عمل بين ليلة وضحاها، بعد إغلاق مصانع، مطاعم، متاجر ومؤسسات تعليمية.
ومع انقضاء مرحلة الطوارئ والإغلاق ودويّ صافرات الإنذار وهدير الطائرات والانفجارات، فرضت الأضرار التي سببتها الحرب وتلك التي أبعد من حدود الأضرار المباشرة للقصف نفسها على الساحة.
لا تقدم سلة وعود التعويضات الحكومية أي بشائر خير، عدا عن كونها مشروطة بقيود تجعل الحصول عليها أمرًا غير يسير.
مئات آلاف العمال تضرروا نتيجة الحرب، لكن الشرائح المجتمعية الضعيفة والعمال، وهؤلاء في غالبيتهم الساحقة عمال عرب، هم الأكثر تضررا.
يقول المستشار القانوني لنقابة العمال العرب في البلاد، المحامي وهبة بدارنة، لـ"عرب 48" إن "العمال العرب يتضررون مرتين، مرة بسبب السياسة الرأسمالية التي تتبعها الحكومة ضد الشرائح الضعيفة، كونهم ينتمون إلى الشرائح الأضعف والأكثر تضررا، والمرة الثانية بسبب ممارسات عنصرية من قبل أرباب عمل في كل أزمة طارئة".

"عرب 48": ما هو حجم الضرر الذي لحق بالعمال جراء الحرب الأخيرة؟
بدارنة: ما نعرفه وفقا للخطة التي أعدتها وزارة المالية، فإن الأضرار لحقت بمئات آلاف العمال الذين يعملون وفقا للعمل حسب الساعة، وبالأساس هم عمال عرب، وحسب معطيات بنك إسرائيل ومعطيات دائرة الإحصاء المركزية فإن العمال العرب هم نحو 277 ألف إجمالي العمال الذين يتقاضون أجرهم وفقا للعمل حسب الساعة.
أعتقد أن الأعداد أعلى من ذلك، لأن من يوافق على العمل على نظام ساعة عمل هم عمال عرب مع أجور الحد الأدنى، لذلك أي جولة في مصانع المنطقة سنجد أن العمال هم عرب، ووزير المالية عندما أعد الخطة الاقتصادية للتعويض عن الحرب يعي هذه المعلومات جيدا وأن العمال العرب لن يستفيدوا من التعويض.
"عرب 48": ما أبرز قطاعات العمل التي تضررت أكثر في الحرب؟
بدارنة: بصورة عامة القطاع الخاص، وخاصة كل ما يرتبط بالتعامل مع الجمهور، حوانيت، متاجر، قاعات أفراح وغيرها. القطاع العام لم يتضرر تقريبا، والضرر في القطاع الخاص فادح جدا. ملايين الناس تضررت من جراء الحرب، وهناك بوادر لإعلان الإضراب من قبل مجموعات عمالية مختلفة.
"عرب 48": هل ترى أن التعويضات الحكومية الحالية كافية لسد فجوة الدخل لدى العمال، وما هي العقبات التي يواجهها العمال في الحصول على التعويضات؟
بدارنة: نحن بعيدون جدا عن سد فجوات. من الصعب أصلا حصول العمال المتضررين على التعويض بسبب مبنى الخطة المالية ذاتها، فالخطة هي ذر للرمال في العيون، وما طرح هو مخصصات بطالة لمدة 11 يوما متواصلة، وغالبية العمال ونحن نتحدث عن مئات آلاف العمال لم يتوقفوا عن العمل بشكل متواصل كون الإغلاق بدأ كليا في بداية الحرب ثم بدأت تقليصات القيود، ثم أُعيد الإغلاق التام، أي أن مئات آلاف العمال لن يستطيعوا أن يقدموا 11 يوم عمل عطلة متواصلة خلال الحرب، فإذا الخطة التي اعتمدها وزير المالية هي حرب على الشرائح الفقيرة والعمال، والمشغلون لا يدفعون هذه الأيام التي توقف العمل فيها، وما يعرض هو استغلال أيام الإجازة السنوية للموظفين، وهذا ممنوع قانونا، وهذا أيضا ما وضع العمال في مصيدة إما فقدان الدخل أو استغلال أيام الإجازة السنوية، عدا عن أنه لا يملك جميع العمال هذه الحقوق أو الإجازات السنوية، ولدينا حالات نتابعها مثل موظفة توجهت للحصول على مخصصات بطالة ورفض طلبها لأن عطلتها لم تكن متواصلة لمدة 11 يوما، كما أن هناك من تغيب في البيت بسبب وجود أولاد دون سن 14 عاما، وعلى الرغم من أن القانون يلزم المشغلين دفع هذه الأيام التي يتوقف فيها الموظف عن العمل هناك أرباب عمل يحاولون التملص من الحقوق القانونية للموظفين.
"عرب 48": هل لديكم إحصاءات أو معطيات عن عدد العمال الذين خرجوا لإجازة غير مدفوعة أو فقدوا وظائفهم؟
بدارنة: ليس لدينا إحصاءات حاليا، والتقديرات تشير إلى أن مئات آلاف العمال تضرروا من جراء الحرب، وجل المتضررين الذين لن يحصلوا على تعويض هم من العمال العرب، في منطقة الناصرة حصلنا على معطيات مُسربة، والتي تفيد بأ هناك 84 ألف عامل تضرروا من جراء الحرب، وهؤلاء لم يقدموا طلبات للحصول على مخصصات بطالة (تعويض) ولن يقدموا طلبات كهذه بسبب الشروط عدا عن أنهم لا يملكون أيام إجازة سنوية.
"عرب 48": ما هي آليات الدفاع عن حقوق العمال المتضررين في هذه الحالة؟
بدارنة: نحن في مرحلة لا يمكن الحديث فيها سوى عن الجانب القانوني، أقصد اتباع المسار القانوني للدفاع عن حقوق العمال. في بادئ الأمر هناك طبعا التوجه برسالة رسمية إلى وزارة المالية نيابة عن موظفين وعمال متضررين، وهذا ما فعلناه، فقد وجهنا كتابا في هذا الشأن حول خطة التعويضات واقتراحنا في هذا السياق، ونحن نعرف أن الوزارة لن ترد على طلبنا، ولكنه إجراء ضروري قبل التوجه إلى المحكمة.
طبعا هذا إضافة لمتابعة قضايا عينية لموظفين، وهنا أقدم نموذجا عمليا، ففي إحدى الشركات هناك 13 موظفة عربية لم تصل إلى مكان العمل الذي يقدم خدمات هاتفية بسبب عدم توفر ملجأ في مكان العمل، وجميعهن فصلن من عملهن بشكل تعسفي، وتوجهنا بشكل قانوني وأكدنا أن القرار تعسفي ويجب أن يُلغى، فلا حق لإجبار عامل بالتوجه إلى مكان العمل بدون توفير غرفة آمنة أو ملجأ.
وهناك 42 حالة لعمال من منطقة الناصرة واجهوا صعوبات أخرى في عملهم خلال الحرب، هؤلاء العمال رفضوا إدخالهم إلى ملاجئ في أماكن عملهم فقط لأنهم عرب، وفي كل حرب أو اختلال أمني في إسرائيل يدفع العامل العربي ثمن هذه الفترة من خلال الممارسات العنصرية، سواء من أرباب عمل أو حتى من الجمهور، وعند التعويض يُستثنى العمال العرب من التعويض من خلال الشروط التي تُعتمد لتخدم هذه الأجندة تماما.
اقرأ/ي أيضًا | نقابة العمال بالناصرة: 700 عامل غزي فقط من أصل 18 ألفا حصلوا على مستحقاتهم من المشغلين الإسرائيليين
التعليقات