31/10/2010 - 11:02

تساؤلات حول إرهاب إسرائيل وصحافتها التحريضية../ زهير اندراوس

-

تساؤلات حول إرهاب إسرائيل وصحافتها التحريضية../ زهير اندراوس
الصحافة الديمقراطية تعكس الآراء المختلفة في المجتمعات على مختلف مشاربها، هكذا على الأقل تقول النظرية حول الإعلام وتوظيفه لبحث أمال وآلام أيّ مجتمع، ولكن عندما يصل الأمر إلى الصحافة الإسرائيلية العبرية تنتهي النظريات التي يتشدق بها إعلاميو دولة الاحتلال، ويتحّول الإعلامي الصهيوني إلى جنديٍ يحارب سويةً مع الحكومة ومع الجيش ومع المخابرات، خصوصاً إذا كان الموضوع يتعلق بالآخر، والآخر في هذا السياق هو كل ناطق بالضاد، بدءاً من الداخل الفلسطيني، مروراً بالدول المطبّعة حتى النخاع مع الدولة العبرية، وانتهاءً بالدول التي ترفض الهيمنة الصهيونية، وتُصنّف إعلامياً وسياسياً بدول محور الشر.

نسوق هذه المقدمة بعد أن قام "صحافي" و"محام" و"محلل" إسرائيلي صهيوني متطرف، كان محسوباً في الماضي غير البعيد على ما يُسمى باليسار الصهيوني الإسرائيلي، ولكنّه غيّر قبعته ولحق ربعه، مثلما يقول مثلنا الشعبي، كما فعل النائب "اليساري" السابق، شارلي بيطون، الذي وصل إلى الكنيست الإسرائيلي بلطفٍ كبيرٍ من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة "وجماهيرها" العربية، وبعد أن انتهى دوره صرح بأنّ "العرب قذرون".

الكاتب المذكور قام بنشر مقالٍ في صحيفة (معاريف) العبرية، يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، شنّ من خلاله هجوماً سافراً على كاتب هذه السطور، لأنّه تجرأ أن يقول للصهاينة بدون لف أو دوران أنّ كنس الاحتلال يتم عن طريق الكفاح المسلح، الذي نصت عليه الشرعية الدولية، ولا نريد أن نذكر اسمه لسببٍ واحدٍ ووحيدٍ: اسمه يُلطخ صفحات الجريدة ويؤثر سلباً على التصفح في المواقع العنكبوتية.

وماذا كتب هذا "المعلق البارز جداً والألمعي في الصحافة العبرية" فيما يلي بعض الاقتباسات المترجمة: "هذه الصفحة عالجت مرات عديدة حدود حرية التعبير عن الرأي، الواقع الإسرائيلي يوفر لنا قدراً كبيراً من حالات الاختبار". وزاد: "في الأسبوع الماضي كان لنا اختبار واحد آخر. إسرائيلي عربي، زهير أندراوس، نشر مقالاً في احد المواقع الأكثر شعبية على الانترنت (موقع واينت)، قال فيه إنّ أبو مازن هو عملياً خائن، لأنّه في خطابه أمام مؤتمر فتح عارض العودة إلى العنف". وتابع "المحلل" جازماً: "المقال بأسره هو كتاب تحريض على الكفاح العنيف ضد إسرائيل. ليس العصيان المدني، ليس المقاومة السلمية، للكاتب مشكلة مع أبو مازن لأنه غير معني بالكفاح المسلح، فهو والسلطة يوقعان على اتفاقات تحظر على الفلسطينيين تبني نهج المقاومة"، وبما أنّ الكاتب عيّن نفسه قاضياً فقد كتب أيضاً: "هذا ترويج للعودة إلى الكفاح المسلح. فكيف حصل أنّ الكاتب إياه يواصل نشر التحريضات والدعوات للعنف؟ وسائل الإعلام، و(معاريف) لا تختلف في هذا الشأن، تمنح أحياناً نوعاً من الشرعية لهذه الدعوات، شريطة أن تكون هذه دعوة للعنف ضد اليهود. إذن لماذا من جميع ألوان الطيف الواسع للآراء السائدة في أوساط عرب إسرائيل، المنصة تُمنح بالذات للكهانيين لديهم؟. الكاتب اندراوس ارتكب، ظاهراً، مخالفة جنائية. ومنظمة (إذا أردتم) توجهت إلى المستشار القانوني للحكومة مطالبة بفتح تحقيق. فهل المستشار القانوني سيتملص؟ هل حكم العرب الذين يروّجون للعنف يختلف عن حكم اليهود؟ ويخلص "الكاتب" إلى القول الفصل: "وسائل الإعلام الإسرائيلية تتعاون وتعطي منصة لمؤيدي الكفاح المسلح، ونأمل أن توقف سلطات القانون هذا الغباء الذي يمنح منصة محترمة لمن يؤيد الإرهاب والعنف"، على حد تعبيره.

نكتفي بهذا القدر من "التحليل الموضوعي"، وفق الأجندة الصهيونية ونرد:

أولاً: أتقدم باعتذار صادق لرئيس كوبا السابق، فيدل كاسترو، الذي يُمكن اعتباره زعيماً تاريخياً تمكّن من التغلب على رأس حربة الشر في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، أعتذر منه لأنّي لن أطبق مقولته الشهيرة: "إذا أردت احتقار كائناً من كان، عليك أن تتجاهله".

ثانياً: بسبب ارتفاع منسوب "الديمقراطية" في الصحافة العبرية، رفضت صحيفة (معاريف) منحي فرصة الرد على مقال التحريض الأرعن والسافر، في حين يتفلسف الكاتب ويقول إنّهم يمنحوني المنصات للكتابة والتحريض على الكفاح المسلح.

ثالثاً: وبمّا أنّ الحديث يجري عن ما يُسمى وزراً وبهتاناً الديمقراطية الإعلامية الإسرائيلية، فمن حقي ومن واجبي الأخلاقي والوطني أن أوجه سؤالاً إلى أغلبية وسائل الإعلام العربية في الداخل الفلسطيني: لماذا تجاهلتم البيان الذي أصدرته لجنة الدفاع عن الحريات، وهي لجنة منبثقة عن لجنة المتابعة، والتي أكدت من خلاله على تضامنها معي؟. أنا على علم وعلى دراية بأننّي لن أجلب القراء مثل "مغنيات" الخلاعة، و"راقصات" الهيشك بيشك، وقصص الاغتصاب والقتل. على ما يبدو فإننّا أقلية قومية لا تعرف التعاضد وترفض التماسك، وهذه همسة عتاب في آذان الزملاء من محررين وصحافيين عرب، وهذه الهمسة جاءت أيضاً لأنّه لم يبق موقعاً إخبارياً واحداً باللغة العبرية، إلا وقام بنشر الخبر التحريضي ضدي، ودون منحي الحق الأساسي في الرد على المزاعم والأكاذيب والافتراءات التي وردت في بيان الجمعية الصهيونية المتطرفة التي اشتكتني للمستشار القضائي لحكومة ليبرمان-نتنياهو-باراك.

رابعاً: أقول وأؤكد لكل عاقلٍ أننّي أتحمل مسؤولية ما نشرت باللغة العبرية، ولن أتراجع قيد أنملة عن المواقف التي عبّرت عنها في المقال، كما أننّي أقول مرّة أخرى، كما قلت في القناة العاشرة الإسرائيلية (10.08.09)، إنّ إسرائيل هي دولة إرهاب.

خامساً: الشرعية الدولية، التي لا تعترف بها دولة الاحتلال بتاتاً، على الرغم من أنّها أقيمت على أنقاض شعبي العربي الفلسطيني بقرار من الأمم المتحدة،، تؤكد على حق الشعوب التي تئن تحت نير الاحتلال بالمقاومة المسلحة الشرعية من أجل كنس الاحتلال غير الشرعي.

سادساً: بالنسبة لمحمود عبّاس، رئيس سلطة رام الله المنقوصة، لم أقل إنّه خائن، لأننّي أربأ الانحدار إلى هذا الدرك من النقاش، قلت وما زلت وسأبقى أقول إنّ عبّاس لا يمثل الشعب الفلسطيني، وقراراته لا تُلزم أبناء شعبنا، وهو ليس رئيساً، لأنّ فترة ولايته في "رئاسة السلطة" (بفتح السين واللام) انتهت دستورياً في التاسع من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.

سابعاً: لمعرفة الكاتب ولمعرفة كل إسرائيلي وصهيوني: لا أعتبر نفسي من "عرب إسرائيل"، إننّي انتمي إلى الأمّة العربية وإلى الشعب الفلسطيني، وكوني أحمل جواز السفر الإسرائيلي هو من منطلق "مكره أخاك لا بطل"، لأنّ هذا الجواز يتيح ليّ الإمكانية لكي أبقى متمسكاً بوطني الذي سُلب في العام 1948، قبل أن يُستقدم كاتب المقال إلى بلاد "الحليب والعسل". مضافاً إلى ذلك، أؤكد لجميع الصهاينة من أصغرهم إلى أكبرهم: لن تنجح مخططاتكم الخبيثة في صنع "العرب الجدد"، الذين يرقصون على أنغام موسيقاكم النشاز، وأكبر دليل على ذلك، هو ما كتبه د.يوسف كوهين، في كتابه "العرب الجيدون"، والذي أكد فيه، اعتماداً على الأرشيف الصهيوني، بأنّ جهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيلي)، وعلى الرغم من محاولاته المتكررة لترويض عرب الداخل، فشل فشلاً ذريعاً في ذلك، وبقي العرب في فلسطين، يتمسكون بعروبتهم ويذودون عن فلسطينيتهم.

ثامناً : هذه دعوة مفتوحةً وصريحة وصادقة موجّهةً إلى المستشار القضائي لحكومة إسرائيل، المحامي مناحيم مزوز، أرجوك أن تلبي طلب المنظمة اليمينية وتُشفي غليل الـ"محلل"، الذي يكتب ضدّي للمرة الثانية، وتأمر شرطة إسرائيل بالتحقيق معي حول "الجريمة" التي ارتكبتها. يكفيني، يا حضرة المستشار، فخراً واعتزازاً أنّ "الجريمة" التي يريدون إلصاقها بي، تختلف جوهرياً عن التهم الموجهة إلى رئيس الدولة العبرية السابق، موشيه كتساف، المشبوه بتنفيذ عمليات اغتصاب وأعمال مشينة، كما أنّ "التهمة" التي يريدون أن تًوجه إليّ تختلف عن التهم المنسوبة لرئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، وهي تلقي الرشا وخيانة الأمانة، كما أنّها تبعد ألف سنة ضوئية عن التهم المنسوبة إلى رئيس الدبلوماسية في الدولة العبرية، الفاشي أفيغدور ليبرمان، وهو الذي قررت شرطة إسرائيل التوصية بمحاكمته بعدة تهم منها تلقي الرشا وتبييض الأموال ومخالفات جنائية أخرى تتعلق بالفساد. ويمكن تجيير مثلنا الشعبي لتشخيص الحالة الإسرائيلية: "بك مزبطة، بدها هيك ختم"

التعليقات