في آخر شكل من أشكال الاختلاف والانقسام السياسي الفلسطيني، برز خلال الأيام القليلة الماضية تباين حاد في الموقف بين حركتي فتح وحماس، حول شرعية عودة د. عزيز الدويك لممارسة عمله كرئيس للمجلس التشريعي، عندما دعا أمين عام المجلس إبراهيم خريشة إلى عدم استخدام د. الدويك لصفة رئيس المجلس التشريعي، معتبراً أن القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي لا يتيحان للنائب الدويك أن يكون رئيساً للمجلس التشريعي بعد أن انتهت ولايته ـ حسب خريشة ـ في الدورة الأولى المنتهية في 7/7/2007
بدوره أكد رئيس كتلة حركة "فتح" السيد عزام الأحمد على ما ذهب إليه خريشة، باستبعاده امكانية ترؤس الدويك للمجلس (الجزيرة نت 23/7)، وبتأكيده للقدس العربي (23/7) بأن كتلة فتح في المجلس لم تتفق مع حماس أو الكتل البرلمانية الأخرى على استئناف النائب د. عزيز الدويك عمله كرئيس للمجلس التشريعي..، قائلاً: "هذا الموضوع ليس ذا أهمية".
ما سبق يشير إلى أن رفض حركة فتح عودة النائب عزيز الدويك لمزاولة عمله كرئيس للمجلس التشريعي، عائد إلى سببين رئيسيين، وهما:
أولاً: عودته لشغل منصب الرئيس للمجلس، تعتبر مخالفة قانونية.
ثانياً: أن عودته لممارسة عمله كرئيس للمجلس لا تحظى بإجماع الكتل البرلمانية.
فيما يخص النقطة الأولى المتعلقة بعدم قانونية عودته لمزاولة عمله كرئيس للمجلس، فيقول فيها رئيس لجنة صياغة الدستور الفلسطيني والخبير القانوني د. أحمد الخالدي: "..بغض النظر عن الخلافات القائمة، يبقى د. عزيز الدويك رئيساً إلى أن تعقد الدورة التالية، وينتخب رئيس جديد أو يعاد إنتخابه".
وهذا رأي فيه حجه قانونية، لأن ترك منصب رئيس المجلس شاغراً بحجة انتهاء الدورة الأولى، وعدم الدعوة لانعقاد الدورة الثانية، يؤدي إلى إحداث حالة فراغ في الرئاسة أي فقدان المجلس للمايسترو وللشخصية الناظمة لعمل المجلس الذي يتعرض لهجمة شرسة من الاحتلال باعتقال العشرات من أعضائه المنتمين لكتلة التغيير والإصلاح.
إضافة إلى ذلك، ولعدم الدخول في مناكفات سياسية، لماذا لا يحل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المشلكة بدعوته لانعقاد الجلسة الثانية فوراً لانتخاب رئيس مجلس جديد، إن صدقت وحسنت النوايا؟!
أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية، وهي عدم إجماع الكتل البرلمانية على عودة د. الدويك لمزاولة مهامه كرئيس للمجلس ـ وذلك حسب زعم رئيس كتلة حركة فتح عزام الأحمد ـ فهذا أمر فيه نظر. فقد أكد كل من النائب المستقل، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، إضافة إلى النائب عن الجبهة الديمقراطية قيس عبدالكريم أنه تم التوافق يوم الخميس الموافق (23/7)، بين جميع الكتل البرلمانية بما فيها كتلة حركة "فتح" والرئيس عباس على أن يمارس د. عزيز الدويك دوره رئيساً للمجلس بدءً من يوم الأحد (26/7). هذه شهادات من أطراف مستلقة، وليست محسوبة على حركة حماس.
إذن الانقلاب في موقف حركة فتح، برفض ممارسة د.عزيز الدويك دوره في رئاسة التشريعي، ينم عن وجود موقف سياسي من الرجل، انسجاماً مع سياسة حركة فتح تجاه كل من يتبنى برنامج ونهج المقاومة، على قاعدة التحجيم، والتهميش، والاقصاء، وإن كان ذلك على حساب مؤسسة التشريعي التي تتهاوى بفعل اعتقال الاحتلال المستمر لأكثر من 40نائباً من كتلة حركة حماس، وبفعل السلوك السلبي لكتلة حركة فتح التي تشل عمل المجلس التشريعي لتجاوز استحقاقات الأغلبية المطلقة التي تمثل برنامج المقاومة.
هذا المستوى من المناكفة السياسية، وصل حداً من السقوط لدرجة التخلي عن تحمل المسؤولية السياسية التي يفترض أن يلتزم بها النواب، والكتل البرلمانية أمام الشعب الفلسطيني الذي انتخبهم لحمل الأمانة الوطنية، وليس لمصلحة هذا الزعيم أو ذاك الفصيل بلباسه الضيق. فلمصلحة من يبقى المجلس التشريعي مغلقاً؟!
التعليقات