بفوزها بأغلبية 56% من الأصوات مقابل 44% لمنافسها /01/11/2010 "، تدشن مرشحة حزب العمال الحاكم ديلما روسيف ولاية جديدة في الحكم البرازيلي، تعتبر استمرارية لحكم الرئيس البرازيلي المنتهية ولايته لويس إيناسيو لولا داسيلفا، ذلك الرئيس الذي تعملق على كل التحديات الأمريكية الصهيونية في مواقفه المناهضة للإرهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، ما دفع اللوبي الصهيوني إلى شن حملات تشهيرية تحريضية متلاحقة ضده، فالتحركات واللوبيات الأمريكية الصهيونية لم تتوقف عن العمل التخريبي في الداخل البرازيلي.
واليوم، وبينما تحضرالمرأة الحديدية -روسيف- لتتسيد المشهد البرازيلي، فإن كل الأنظار تتجه لقراءة تداعيات الفوز ومستقبل السياسات البرازيلية تجاه الولايات المتحدة واسرائيل ومنطقتنا على نحو حصري.
فهل ستواصل روسيف ياترى سياسات الرئيس دا سيلفا...؟!
المؤشرات البرزيلية والتحليلات الغربية تتحدث حتى الآن عن المرأة البرازيلية الحديدية كمواصلة للعهد السابق الذي كان الى حد كبير عروبيا في سياساته الشرق أوسطية.
ويستحق عهد الرئيس لولا دا سيلفا في هذا المناخ البرازيلي الجديد الاستحضار والتذكير بما قدمه للقضية الفلسطينية لدرجة ان وصف احيانا بانه الرئيس العروبي.
ففي أقرب وآخر زيارة له للمنطقة، رفض الرئيس داسيلفا -الذي كان يزور إسرائيل- زيارة قبر صاحب فكرة إقامة "دولة إسرائيل" على أرض فلسطين "تيودور زئيف هيرتسل"، ووضع إكليل من الزهور كما هو متعارف عليه من قبل جميع الرؤساء الذين يزورون" إسرائيل"-صحيفة معاريف الإثنين 15/03/2010- ما دفع وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان الى مقاطعة زيارة الرئيس البرازيلي لاسرائيل احتجاجا على قرار الاخير عدم زيارة قبر مؤسس الحركة الصهيونية بنيامين زئيف هرتسل في القدس المحتلة/ الثلاثاء 16 / 03 / 2010 "، بينما اعتبر مسؤول في الوكالة اليهودية والهستدروت الصهيوني حجاي ميروم، أن رفض الرئيس البرازيلي زيارة قبر هرتسل ووضع إكليل من الزهور عليه يعتبر بمثابة إهانة لما أسماهم "مواطني دولة إسرائيل والمجتمع اليهودي الصهيوني" في كل أنحاء العالم"، وحسب أقوال حجاي ف"قرار الرئيس البرازيلي خرج عن قواعد الأدب المعترف بها بين الدول".
وعلى نحو آخر وخلال زيارته لرام الله، اكد الرئيس البرازيلي "أن بلاده ستدعم كل الجهود الرامية الى تحقيق السلام في المنطقة"، وقال لدى تدشينه شارع البرازيل الملاصق لضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إن "البرازيل تدعم دائما السلام في الشرق الأوسط، ولم نكن مندفعين كما اليوم في إعمار فلسطين وتحقيق السلام".
وأكد الرئيس البرازيلي أنه "منذ أسست حزبي قمنا بكل الدعم والمساهمة في التضامن مع الشعب الفلسطيني"، مضيفا "لقد شاركت مرات عدة في تظاهرات لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني، والتقيت عرفات ثلاث مرات. واليوم وبشرف كبير أشارك بافتتاح شارع البرازيل أمام ضريح الرئيس الراحل".
واعتبر الرئيس البرازيلي أن إطلاق اسم بلاده على شارع فلسطيني يظهر عاطفة الفلسطينيين تجاه الشعب البرازيلي/ الأربعاء 17 / 03 / 2010 "، كما طالب بـ"تفكيك الجدار في الضفة، وبرفع الحصار عن غزة. وقام بوضع إكليل من الزهور على ضريح عرفات".
وقبل ذلك، وخلال انعقاد القمة اللاتينية -العربية في منتصف أيار/2005 في البرازيل، قلنا إن تلك القمة كانت
في الجوهر والمضامين الأساسية... وفي الصميم والمبادئ الأخلاقية، قمة وطنية فلسطينية وقمة عروبية في ظل غياب عربي رسمي مخجل.
فكانت "برازيليا" العاصمة البرازيلية آنذاك، وكأنها "باندونغ" في ذروتها، أو القاهرة في عز عروبتها... فقد هيمنت على أجوائها وأجنداتها ومناقشاتها قضايا الصراع العربي - الصهيوني، والحقوق الفلسطينية المغتصبة وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة.. أكدت "قمة برازيليا" نصا على:
- رفض الاحتلال الاجنبي وإقرار حق المقاومة ضده طبقا لمبادئ الشرعية الدولية والالتزام بالقانون الإنساني الدولي.
- تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
- تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة عام 1967.
- إزالة المستوطنات اليهودية ومن ضمنها المستوطنات التي أقيمت في القدس الشرقية.
تصوروا.. مواقف مبدئية وأخلاقية يتبناها ويعلنها قادة البرازيل وأمريكا اللاتينية تتحدث عن "حق المقاومة" للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، وعن حق الشعوب العربية في مقاومة الاحتلالات الأجنبية في ظل مرحلة أحادية القطبية الأمريكية - الصهيونية، وفي ظل مرحلة تعولم وتأمرك وتصهين فيها خطاب "الارهاب".
والرئيس البرازيلي "لويس ايناسيو لولا داسيلفا" يعلن آنذاك نيابة عن العرب الأولى والاحق في هكذا خطاب: "نحن أمام فرصة تاريخية لوضع أسس تعاون قوي بين أمريكا الجنوبية والعالم العربي"، ليضيف معززا: "أن بلاده كانت وراء هذه القمة الهادفة الى العمل على تقريب منطقتين بعيدتين" و"أن المؤتمر يهدف إلى خلق حالة من الوحدة ..فالوحدة هي القوة"..
والرئيس البرازيلي يعلن الوحدة في مواجهة أحادية القطبية والعولمة والهيمنة الصهيونية، في الوقت الذي كانت –وما تزال- تتشرذم وتتشظى فيه الاوطان والدول العربية.
وأضاف الرئيس البرازيلي: "إن الفلسطينيين صبورون جدا" - وقصد في مواجهة الاحتلال الصهيوني وإصرارهم على نيل الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية-.
انطوى البيان الختامي لقمة برازيليا حينئذ.. وكذلك التصريحات الواردة على لسان الرئيس البرازيلي على أهمية بالغة كونها جاءت في الذكرى السابعة والخمسين للنكبة الفلسطينية واغتصاب فلسطين..
ففي هذه الذكرى النكبوية يحتاج الشعب الفلسطيني أكثر ما يحتاج إلى قمة عربية عروبية تؤكد ليس فقط حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وإنما تقدم موقفا وخطابا عربيا قوميا جديدا يؤكد أن فلسطين عربية الهوية والجذور والتاريخ والحضارة، وأن فلسطين تحت الاحتلال والاغتصاب، ولا خيار أمام الفلسطينيين والعرب سوى خيار التصدي والمقاومة والتحرير...!
والشعب الفلسطيني بحاجة استراتيجية إلى هكذا قمة عربية عروبية حقيقية تتبنى هكذا خطاب جدي ومسؤول.
ولذلك قلنا آنذاك ونقول اليوم: كل التقدير والاحترام للموقف اللاتينية العظيمة، ولقمة برازيليا التي ارتقت في وقتها الى مستوى وطني فلسطيني وعروبي في تأكيد الحقوق الفلسطينية العربية المشروعة في ظل غياب عربي رسمي خيب آمال اللاتينيين أولا...
نستحضر فقرات من محاضر تلك القمة الرازيلية التي احترمت "صبر الفلسطينيين" و"إصرارهم على الاستقلال".. وأكدت "حق العرب في مقاومة الاحتلالات الأجنبية" كي نتذكر ويتذكر النساؤون القضية في بعدها الدولي وحقيقة المواقف اللاتينية بعامة والبرازيلية على نحو خاص، خاصة ونحن أمام عهد برازيلي جديد تقف على قمته المرأة الحديدية التي تحتاج ربما من أهم ما تحتاجه إلى حضور ودور عربي فاعل وحقيقي يسند السياسات البرازيلية الداعمة للحقوق الفلسطينية العربية في مواجهة طغيان السياسات الاستعمارية الأمريكية الصهيونية...!
فالفلسطينيون والعرب مطالبون بدعم البرازيل التي من شأنها أن تقود السياسات اللاتينية برمتها إلى جانب فنزويلا وغيرها...!
فهل يقف الفلسطينيون والعرب مع السياسات البرازيلية العروبية...؟!
ام تواصل البرازيل مواقفها العروبية في ظل غياب وتغييب عربي مخجل ومؤسف...؟
أم يحدث يا ترى ما نخشاه ...كما حدث في القارة الإفريقية التي كانت سياساتها في يوم من الأيام عروبية مناهضة للدولة الصهيونية والسياسات الامريكية المنحازة ...؟!
التعليقات