08/04/2016 - 11:39

تمخض الجبل فولد تغريدة عنصرية

احتلت "تغريدات سموتريتش"، النائب والمستوطن عن "البيت اليهودي"، عناوين الأخبار في الصحف والمواقع، وتسابق الساسة وكتاب الأعمدة و"الستاتوسات" للتعبير عن انزعاجهم وسخطهم من تفوهات سموتريتش العنصرية،

تمخض الجبل فولد تغريدة عنصرية

خالد تيتي

كحال الأحداث الهامشية الكثيرة التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي، احتلت 'تغريدات سموتريتش'، النائب والمستوطن عن 'البيت اليهودي'، عناوين الأخبار في الصحف والمواقع، وتسابق الساسة وكتاب الأعمدة و'الستاتوسات' للتعبير عن انزعاجهم وسخطهم من تفوهات سموتريتش العنصرية بصدد الحاجة الملحة للفصل العنصري في غرف الولادة بين النساء العربيات والنساء اليهوديات. وكأن العنصرية 'ولدت' حين 'ولدت' تغريدة سموتريتش عن غرفة الولادة! 

منهجية النفاق الإعلامي التي ترافق الأحداث في إسرائيل والتي تطغى على الموقف أو على أي إمكانية للنقاش الجدي حول حيثيات الأمور وجذورها ومنبعها، تخفي الصورة الحقيقية للواقع، فالنقاش الجماهيري حول ما يسمى 'أخلاقيات الجيش' طغى على سياسة الإعدامات الميدانية التي ينتهجها الاحتلال بحق الفلسطينيين، كما حلت حالة الاستنكار العارم لـ'تغريدات سموتريتش' مكان الكشف عن الفصل العنصري في المستشفيات منذ سنوات حيث خيل لنا أن سموتريتش هو ليس إلا برق مؤذ وقع في يوم مشمس تصحبه أجواء من الحرية والديمقراطية في إسرائيل التي بات رئيس الحكومة ينتخب فيها بسبب عنصريته ضد العرب وليس رغما عنها.

لا تختلف لعبة العنصرية في إسرئيل عن 'لعبة الكراسي' المعروفة عند الأطفال حيث يتخذ كل رجالات السياسة مواقعهم وفق الجو العام وإذا ما اختلت الأمور وبدأت اللعبة ونقص كرسي من الكراسي، فترى المنافسة في التفوهات العنصرية تزداد لكسب الشرعية في اتخاذ الموقع السياسي الآني والجلوس على 'كرسي الشرعية الجماهيرية'، فمستوى العنصرية بات يحدد وجود السياسي في حلبة الشرعية والتأييد الجماهيري، إلا أن الحالة الإسرائيلية استحدثت مؤخرا كرسيا جديدا في هذه اللعبة وهو 'كرسي العقلاني' الذي يظهر نوعا من المنطقية في تصريحاته وتعاطيه مع مجريات الأمور، لا من منطلقات مبدئية بل من منطلق متطلبات اللعبة السياسية فلا فراغ في السياسة، حيث أن الموقع يحدد الموقف وليس العكس. ولذلك ترى وزير الأمن ورئيس أركان الجيش سابقا هو من يشغل حاليا موقع 'العقلاني' الذي يهاجم العنصريين ويتفوه ضد الجندي القاتل، لا من باب عقلانيته وانفتاح مواقفه، بل بسبب خلو موقع العقلاني والرسمي في ظل تنامي العنصرية وتفشيها كحالة سائدة.

ليس من المحبذ أن ننجر وراء تفوهات سموتريتش وأن نجعل منها 'أم المعارك' بالرغم من وقاحتها ودناءتها حيث أن الانشغال بـ'تغريدات سموتريتش' بدلا من الانشغال بصلب منظومة يهودية الدولة العنصرية وموبقابتها هو مصلحة إسرائيلية وخدمة للإجماع الصهيوني، ولكن يجب الحذر من الاستعلاء والترفع عن مناهضة العنصرية في حياة الناس اليومية ورفض نفسية التعامل مع مظاهر العنصرية كتفصيل غير هام ضمن سياسة الاحتلال، فالضحية التي ترضى بالعنصرية سترضى بالاحتلال وستتماثل معه أيضا.

اقرأ/ي أيضًا | جوليو ريجيني وعمر النايف

التعليقات