03/10/2016 - 09:52

عندما يرفض التاريخ محاولات تشويهه

من الذي يزيف التاريخ يا أستاذ مازن، وباسم السلطات المحلية... وإرضاء لكريمة بيرس، على حساب دموع أمهات شهداء هبة القدس والأقصى، وأمهات شهداء يوم الأرض، يوم كان بيرس وزيرا في الحكومة التي أصدرت الأوامر بقتلهم، ولم نسمع منه كلمة أسف واحدة عن

عندما يرفض التاريخ محاولات تشويهه

'يمكنك تزييف التاريخ ولكن لا يمكنك تغييره، لأن هذا الرجل صنع التاريخ، حلم بشرق أوسط جديد وآمن بالسلام، آمن بالسلام والمساواة، خسارة، نحن بحاجة لهذا الرجل اليوم أكثر من أي وقت مضى...'. (موقع 'يديعوت أحرونوت'، شريط فيديو ،2102016 غداة مهرجان هبة القدس والأقصى السادس عشر)

لا، لم يكن المتحدث أحد أعضاء حزب العمل، ولا حتى أحد الضباط السابقين في الجيش الإسرائيلي، بل الرجل نفسه ، الذي احتضنت مدينته مسيرة ذكرى شهداء هبة القدس والأقصى الذين قتلوا بنيران شرطة بن عامي بأوامر من إيهود براك، بينما كان بيرس وزير التطوير الإقليمي في الحكومة ذاتها منشغلا عن الدماء النازفة في عرابة وسخنين وجت وباقة وأم الفحم وكفر مندا وكفر كنا، ومعاوية والناصرة، بأحلامه عن الشرق الأوسط الجديد.

لا حدود للنفاق السياسي الذي يبديه هنا لا أحد غير رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، السيد مازن غنايم.. وأقول نفاق سياسي لسبب بسيط :

لو كان بيرس الذي خدم في الكنيست 48 عامًا، تولى خلالها منصب وزير 8 مرات، ورئيس حكومة مرتين، يؤمن حقًا بالمساواة، فكيف يفسر رئيس بلدية سخنين السيد مازن غنايم أن من مول له وبنى استاد الدوحة هو دولة قطر وليس بيرس، عندما كان مثلا رئيس حكومة، أو عندما كان وزير 'تطوير النقب والجليل'. فسخنين في الجليل إن كنت أعرف بعض جغرافيا بلادي..

الأستاذ مازن غنايم محق للغاية في الشق الأول من مقابلته مع 'يديعوت أحرونوت': لا يمكن تزييف التاريخ، لكنه هو من يزيف التاريخ، ولا أحد غيره، فهو يقول إن بيرس آمن بالمساواة، مع ذلك لم يعط مدينة سخنين ميزانية لإقامة ملعب كرة قدم.

وبيرس صنع التاريخ: نعم صنع التاريخ ممثلا بالمفاعل الذري في ديمونة، وفي هندسة العدوان الثلاثي على مصر، وفي سكوته على جريمة هبة القدس والأقصى، وقبلها في توجيه رسالة شكر (كما نشرت 'هآرتس' قبل يومين) لقادة الجيش الإسرائيلي لأنهم حققوا كل الأهداف المطلوبة من العدوان على لبنان في حملة عناقيد الغضب، والتي كان من بين نتائجها مجزرة قانا.

محق أنت أستاذ مازن: لا يمكن تزييف التاريخ ولا حتى من أجل إرضاء كريمة بيرس وأبنائه على حساب ولعة وألم أهل سخنين الذين فقدوا أبناءهم، منذ يوم الأرض الأول، عندما صودرت أراضي سخنين بأوامر عسكرية وأخرى غير عسكرية (كان بيرس وزير الأمن)، ويومها دخلت مدرعات حرس الحدود، لا الشرطة الزرقاء، إلى سخنين وعرابة ودير حنا وأوقعت شهداء يوم الأرض.

محق أنت يا أستاذ مازن، لا يمكن تزييف التاريخ: فشمعون بيرس منذ بداية مشواره السياسي، في الكنيست عام 1959 ولغاية عام 1969 ومن كثر حبه للعرب وإيمانه بالمساواة، عارض بشدة رفع الحكم العسكري عن العرب في إسرائيل.

معك حق يا أستاذ مازن، لا يمكن تزييف تاريخ شمعون بيرس، فعلى مدار 48 عامًا قضاها في الكنيست، نائبًا ووزيرًا ورئيس حكومة لم يقدم اقتراح قانون واحد، ولم يصوت مع اقتراح قانون واحد لصالح المساواة للعرب في إسرائيل. بل إن بيرس، أول من مارس الإقصاء بحق أعضاء الكنيست العرب من خارج حزب العمل، وفضل تشكيل حكومة وحدة وطنية مع شمير عام 1984، على أن يجري مفاوضات، أو حتى جلسة مشاورات من باب المجاملة مع الجبهة والقائمة التقدمية.

هل بمقدور السيد مازن غنايم أن يشير إلى قرار جوهري واحد لبيرس لصالح مدينة سخنين مثلا، هل أعاد لها أراض سلبت منها لصالح البلدات اليهودية المجاورة التي أقيمت على أراضيها بعد يوم الأرض الأول؟

عن ماذا يتحدث السيد غنايم عندما يقول إن بيرس آمن بالمساواة، هل يتحدث عن كون بيرس على مدار الأربعين سنة الأولى من وجوده في الكنيست، حتى عام 2001، شريكًا في تكريس تعامل حكومات إسرائيل مع العرب في إسرائيل من المنظور الأمني ومن كونهم يشكلون خطرا ديمغرافيا؟

هل سمع السيد مازن غنايم من بيرس مثلا، ما لم نسمعه نحن؟ هل أعرب عن أسفه (ولا أقول اعتذاره) عن ضحايا هبة القدس والأقصى؟ هل أعرب بيرس مرة عن أسفه عن ضحايا مجزرة كفر قاسم؟

لماذا نصر على تزييف التاريخ والقول إن بيرس حمامة، فيما يفاخر مؤبنوه بأنه كان رجل الأمن الأول، وأنه كان صقرا في حزبه؟ هل حصلت سخنين من بيرس مرة في تاريخه على 1% مما منحه بيرس لمستوطنة عوفرا التي كان عراب تأسيسها؟ 

وأخيرًا، هل تطلع السيد مازن غنايم حوله، وهو يدخل مركز بيرس للسلام، على شاطئ يافا، وسأل نفسه لماذا أقام بيرس مركزه فقط بمحاذاة المقبرة الإسلامية، مقابل مسجد الجبلية، مكان المستشفى البريطاني، ولكن ليس قبل أن يأتي مركزه على بعض قطع كانت لأهالي يافا؟

من الذي يزيف التاريخ يا أستاذ مازن، وباسم السلطات المحلية... وإرضاء لكريمة بيرس، على حساب دموع أمهات شهداء هبة القدس والأقصى، وأمهات شهداء يوم الأرض، يوم كان بيرس وزيرا في الحكومة التي أصدرت الأوامر بقتلهم، ولم نسمع منه كلمة أسف واحدة عن سقوط الشهداء...

إقرأ/ي أيضًا | على مفترق طرق/ نضال محمد وتد

التعليقات