18/11/2016 - 12:20

مملكة نتنياهو

مملكة نتنياهو يديرها أربعة أفراد، نتنياهو وزوجته سارة، المحامي دافيد شيمرون وهو قريب نتنياهو، بالإضافة إلى يتسحاق مولخو، مبعوث نتنياهو الخاص للمهام الخارجية وشريك شيمرون في مكتب محاماة

مملكة نتنياهو

مملكة بنيامين نتنياهو لا يمكن إلا أن تكون مملكة فساد، ففي ظل التقارير الصحافية الأخيرة عن 'صفقة الغواصات' لا تصح لهذه المملكة تسمية غير مملكة الفساد، ويبدو أن ما تكشف في الأيام الأخيرة ليس سوى طرف الخيط. نحن أمام واقع من المحسوبية والفساد في إسرائيل بقيادة نتنياهو يجعلها تنافس بجدارة دول العالم الثالث على تصدر قائمة الدول الفاسدة، إذ وصل الفساد المؤسسة الأمنية، وهو ما يميز فساد دول العالم الثالث.

تميز فساد دول عالم الثالث بأنه كان فساد نخبة ضيقة حاكمة هدمت مؤسسات الدولة وأغرقتها بالفساد، أي أن هيكل الدولة تحول إلى فاسد، فيما انحصر 'الفساد الغربي' بأشخاص أو شخصيات ولم يطل المؤسسات. كانت مؤسسات الدولة في إسرائيل، مثل أي دولة حديثة غربية، 'حصنا' أمام تغلغل الفساد وتحديدا المؤسسات الأمنية، لكن يبدو أن هذا الأمر بدأ يتصدع في ظل حكم نتنياهو.

علاقة النخبة العسكرية في إسرائيل بالفساد ليس أمرا جديدا، لكن هذه العلاقات كانت خارج المؤسسة العسكرية. فمعظم الضباط الكبار في الجيش يتحولون إلى مدراء أو وكلاء لشركات كبرى في مجال الأسلحة أو الخدمات الأمنية، ويستغلون شبكة علاقاتهم العسكرية السابقة لدفع مصالحهم ومصالح الشركات التي يعملون فيها. الأمثلة كثيرة في هذا الشأن، وأبرزها التقارير عن الفساد في اتفاقيات حراسة منصات التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. رغم ذلك لم يصل الفساد إلى مؤسسة الحكم الضيقة، أو رأس الهرم. هذه المرة يبدو أن الفساد سيصل رأس الهرم.

***

مملكة نتنياهو يديرها أربعة أفراد، نتنياهو وزوجته سارة، المحامي دافيد شيمرون وهو قريب نتنياهو، بالإضافة إلى يتسحاق مولخو، مبعوث نتنياهو الخاص للمهام الخارجية وشريك شيمرون في مكتب محاماة. ومؤخرا طرح اسم 'النجم الصاعد' وولي العهد يائير نتنياهو.

الاثنان، شيمرون ومولخو، يمثلان أسرة نتنياهو في قضايا خاصة وعائلية منها قضايا فساد، دون أن يعلنان عن حجم المقابل لذلك. ترفض أسرة نتنياهو أيضا أن تكشف عن المقابل أو أتعاب للمحامين.

تتشابه التقارير حول فساد نتنياهو مع تقارير وشبهات مماثلة حول رئيسي الحكومة السابقين أريئيل شارون وإيهود أولمرت. نتنياهو ليس حالة شاذة كما يبدو. شارون وأولمرت أحاطا نفسيهما بدائرة مقربين (شارون بأبنائه) كانت تتولى إدارة شؤون الدولة، ووصل الأمر إلى أن أدخل عومري شارون السجن بعد تورطه بقضايا فساد، وكذلك أولمرت نفسه.

هذه المعلومات والحقائق والشبهات تعني أننا أمام منظومة حكم فاسدة وقوى سياسية، يمينية غالبا، تسعى للوصول للحكم ليس بهدف تطبيق أجندات سياسية فقط، وإنما لتحقيق مصالح اقتصادية ومالية.

لكن ما يميز فساد حقبة نتنياهو أنها خاضعة لاعتبارات مالية جشعة فقط، ولا تأبه حتى في إفساد المؤسسة الأمنية. فشراء الغواصات الثلاث الأخيرة لم يكن له داع كما أعلن الجيش، لكن نتنياهو أصر، خلافا لموقف الجيش وزير الأمن حينها، موشيه يعالون، على شراء الغواصات دون مبرر واضح، ووصل به الأمر إلى إقالة يعالون واستبداله بليبرمان الذي تربطه علاقات متينة بممثل الشركة المنتجة للغواصات في إسرائيل، ميخائيل غانور، الذي تدخل ليبرمان لدى قبرص لتعيينه قنصلا فخريا لها في إسرائيل.

المتابع للتقارير في الأيام الأخيرة عن نتنياهو، ينكشف لحقيقة أن شخصين هما شيمرون ومولخو لديهما نفوذ لا يقل عن نفوذ أي وزير أو قد يفوقه. وما كشفته صحيفة 'هآرتس' اليوم الجمعة عن أن شيمرون هو الذي دفع لتعيين مراقب الدولة الحالي، يوسف شبيرا في منصبه، وأقنع نتنياهو بدعم ترشحه، يؤكد أن مؤسسة مكافحة الفساد (مكتب مراقب الدولة) سقطت هي الأخرى أمام فساد نتنياهو.

رغم كل الشبهات التي تحوم وحامت حول فساد نتنياهو، إلا أن حكمه يبدو مستقرا كما كان منذ صعوده للحكم مرة ثانية مطلع العام ٢٠٠٩، أي أنه يحكم منذ ٨ سنوات تقريبا دون منازع، وأن لا خطر يتهدد استقرار حكومته في الفترة القريبة.

من الصعب التقدير والتخمين في الوقت الراهن حول مصير الشبهات حول نتنياهو، لكن يمكننا، القول إن هذا الحجم من الفساد ليس طارئا على إسرائيل، وإنما اللافت هو قدرة الصحافة الإسرائيلية على كشف قضايا فساد تهز عرش أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية قوة.

لا نستبعد أنه كلما ضاق حبل الفساد حول عنق نتنياهو أن يتخذ مواقف وإجراءات عدائية ضد الفلسطينيين، هنا وفي الضفة وغزة، لإشغال الرأي العام عن الشبهات ضده. وهو لن يسمح على الأرجح أن تخرب هذه الشبهات ما طال انتظاره، وهو صعود رئيس جمهوري للحكم في أميركا يتيح له الاستفراد بالفلسطينيين وتنفيذ مشاريعه الاستيطانية في الأراضي المحتلة وتعزيز حكم اليمين. لا نستبعد أن مع كل نشر صحافي حول فساد نتنياهو أن تنشر حكومته عطاءات لبناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة المحتلة.

اقرأ/ي أيضًا | صفقات الغواصات: نتنياهو وأذرع الأخطبوط..

التعليقات