04/12/2017 - 10:45

العنف والجريمة: أزمة مُتفاقمة وحلول مُغيبة

الشرطة هي المسؤولة الوحيدة والحصرية عن القبض على المجرمين والقتلة، وتوفير كافة الأدلة الحقيقية الكافية لإدانتهم وإنزال أشد العقاب بحقهم وردع العنف والجريمة والمجرمين

العنف والجريمة: أزمة مُتفاقمة وحلول مُغيبة

يُناقش مجتمعنا العربي الفلسطيني، في الآونة الأخيرة، إحدى أهم القضايا التي تُقض مضجعه وتُشغل مختلف شرائحه وأطيافه، وهي ظاهرة العنف والجريمة.

يسعى البعض إلى البحث عن سُبل معالجة الظاهرة الآخذة بالتفاقم بشكل خطير، وطُرق اجتثاثها، ويجتهد آخرون في طرح البرامج التوعوية والحلول التي يرونها مناسبة للحد من تفاقم الأزمة، بيد أن عددا غير قليل من الناس لا يبالي ولا يهتم لما يحدث، رغم عظم المصاب الجلل وهوله، ولا يرى ألسنة النار وهي تقترب من بيته.

وبحسب معطيات "أمان - المركز العربي للمجتمع الآمن"، فإن 1237 مواطنا عربيا سقطوا ضحايا جرائم القتل في البلاد منذ 2012.01.01 ولغاية 2017.11.09، وقُتل 56 مواطنا عربيا برصاص الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية منذ 2000.01.01 ولغاية 2017.11.09.

ترى النائبة حنين زعبي في دراسة "سياسات الشرطة الإسرائيلية تجاه الجريمة في المجتمع العربي"، التي أصدرتها في حزيران/يونيو 2017، أن "المجتمع العربي يشهد، منذ بداية العقد الأخير، ارتفاعا متواصلا في معدلات الجريمة، التي وصلت مستويات غير مسبوقة، إذ تصل نسبة العرب سواء من ضحايا القتل أو من مرتكبي جرائم القتل معا إلى 62%، رغم أن السكان العرب لا يشكلون سوى 20% من مجمل عدد السكان في الدولة، ما يعني أن نسبة تورط العرب في جرائم القتل تبلغ ثلاثة أضعاف نسبتهم من مجمل السكان، ووفقا لذلك فإن معدل وقوع جرائم القتل في المجتمع العربي يزيد بـ7.4 أضعاف عن معدل وقوعها في المجتمع اليهودي".

وتشير المُعطيات المتوفرة إلى ارتفاع مُطرد في عدد حالات التهديد بالقتل، كما وقع في المجتمع العربي في الفترة ما بين 2011- 2012 نحو تسعة آلاف جريمة إطلاق نار.

بلغت نسبة جرائم قتل النساء العربيات من مجمل جرائم قتل النساء في البلاد 40%، وقدم حوالي 80% من ضحايا جرائم القتل من النساء العربيات، قبل قتلهن، شكاوى إلى الشرطة، تتعلق بتعرضهن للعنف أو للتهديد، في المقابل فإن 40% من الضحايا اليهوديات قدمن شكاوى لنفس السبب، إلى جانب ارتفاع حالات القتل، طرأ أيضا ارتفاع متواصل في حجم البلاغات عن محاولات القتل وحالات العنف الخطيرة، واستنادا إلى المُعطيات فإن 25% فقط من حالات العنف بُلغّت للشرطة، وعليه فقد تكون النسب في الواقع أعلى بكثير مما نُشر.

ويُستدل من الإحصائيات التي تستند إلى معطيات رسمية أن غالبية الضحايا من الشباب، وأن نحو 70% من جرائم القتل اقتُرفت بسلاح ناري، في الوقت الذي يئن المجتمع العربي من فوضى السلاح، وبلغ عدد قطع السلاح غير المرخص في البلاد، بحسب المعطيات، حوالي 400 ألف قطعة، 80% منها في البلدات العربية.

ليس خافيا على أحد تقاعس وتخاذل الشرطة في محاربة العنف والجريمة بالمجتمع العربي، فالفرق بين نسبة القبض على المجرم القاتل في المجتمعين العربي واليهودي يوازي الفرق بين نسب الجريمة بين المجتمعين.

الأخطر من ذلك، أن السلاح الذي استُخدم لتنفيذ جريمة وتمكنت الشرطة من وضع يدها عليه، يعود إلى "سوق الجريمة" مرة أخرى، وقد يُستخدم مرة أخرى في جرائم القتل، كما أنه لا يجري القبض على القتلة المجرمين، والحديث عن 1000 جريمة قتل بقي القاتل فيها حرا طليقا.

يتبين من المعطيات أيضا أن الشرطة قبضت على غالبية المجرمين في جرائم قتل النساء في المجتمع اليهودي وقدمت لوائح اتهام ضدهم، في حين لم تقدم لوائح اتهام سوى ضد 20% من مقترفي جرائم قتل النساء في المجتمع العربي.

يعتقد البعض أن انعدام ثقتنا في الشرطة يستوجب النأي بأنفسنا عن انتقادها ومحاسبتها وعدم تحميلها مسؤولية تقاعسها وتخاذلها في محاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي.

علينا جميعا توجيه أصابع الاتهام إلى الشرطة بسبب تقصيرها في أداء عملها ومسؤوليتها في ردع الجريمة، لأن العقاب الذي يُفرض على القتلة المجرمين وإيداعهم السجون هو أقوى وأشد رادع في محاربة الجرائم، ونحن لسنا مطالبين بالقيام بهذا العمل بدلا من الشرطة، ولسنا مطالبين بـ"التعاون" معها ولا تقديم "الخدمات" لها، فهي تملك كل الأدوات والوسائل المختلفة التي ستوصلها إلى القتلة والمجرمين، إذا أرادت ذلك.

الشرطة هي المسؤولة الوحيدة والحصرية عن القبض على المجرمين والقتلة، وتوفير كافة الأدلة الحقيقية الكافية لإدانتهم وإنزال أشد العقاب بحقهم وردع العنف والجريمة والمجرمين.

قال الله تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"" (آية 179، سورة البقرة).

التعليقات