هل تستعيد قناة الجزيرة مجدها؟ يبدو أن الإجابة على هذا التساؤل مرهونة بالأشهر القليلة المقبلة، بعدما أطلقت القناة حلة جديدة تحاول فيها تحديث صورتها من خلال تصاميم وبرامج وتقنية جديدة، تعتمد أساسا على التفاعل مع الجمهور، وأجهزة تصوير ذات جودة عالية بما فيها كاميرات ثلاثية الأبعاد.
واحتفلت قناة الجزيرة، أول من أمس الثلاثاء، بذكرى انطلاقتها العشرين، من خلال انتقالها من مبناها القديم، الذي وصفه الرئيس المصريّ المخلوع، حسني مبارك، أثناء زيارته للدوحة بعيد غزو العراق، متفاجئًا بـ 'علبة الكبريت'، إلى مبنى جديد هو 'الأحدث والأكبر على مستوى العالم'.
وأثارت الحلة الجديدة، التي شملت تجديدات في العرض والمضمون، الأوسع على الإطلاق في القناة، وخصوصًا برنامج 'الجزيرة هذا الصباح'، ملاحظات وجّهها المذيع أحمد منصور لمدير القناة، ياسر أبو هلالة، خلال حلقة أمس، الأربعاء، من برنامج 'بلا حدود'، تتعلق بالأساس بالدورة البرامجية الجديدة للقناة، التي قال منصور إنها تقليد لبرامج أخرى بثّتها القناة في الماضي، 'فمثًلا، برنامج المقابلة (من تقديم علي الظفيري)، تقليد لبرنامج 'زيارة خاصة' (الذي قدمه سامي كليب)، وبرنامج 'ما خفي أعظم' (من تقديم تامر المسحال) تقليد لبرنامجي يسري فودة وأسعد طه'، الأمر الذي نفاه أبو هلالة بشدّة، قائلًا إن الجزيرة تسعى للتفوق على نفسها. وشدد أبو هلالة على أن البرامج الجديدة تشمل مضامين وأفكارا جديدة
أما حول البرنامج الصباحي، فنفى أبو هلالة أن يكون تقليدًا لبرنامج مماثل تقدّمه قناة 'العربية' باسم 'صباح العربيّة'، قائلًا إن الجزيرة بثت برنامجًا صباحيا قبل 'العربيّة'، لكن الانشغال بتغطية أحداث الربيع العربي أجبر القناة على إلغاء البرنامج، والتركيز على نقل الأخبار.
وأكد أبو هلالة أن ما أثارته ردود الفعل من قبل القنوات المنافسة على التغيير الذي حدث في الجزيرة، 'يثبت أن الجزيرة لا تزال القناة الأولى من حيث التأثير في المنطقة والتي شكلت أساسا لكل القنوات الإخبارية العربية'. وقال إن 'الجزيرة بدأت هذا المشروع في العالم العربي وهناك قنوات مثل العربية وسكاي نيوز عربية وبي بي سي عربي، أسسها موظفون سابقون في الجزيرة، وهذا مصدر فخر لنا'.
وأمهل أبو هلالة مدّة شهر حتى يحكم المشاهد على الدورة البرامجية الجديدة للجزيرة، ومؤكدًا أنه لا توجد قناة في العالم لديها حجم العمليات الإخبارية الموجودة لدى الجزيرة.
وأضاف: 'سنجري دراسات علمية تقيس بدقة حجم التغيير الذي حصل'، مشيرًا إلى أنه سيتم إجراء نوعين من الاستطلاعات، الأول على منصات الجزيرة في الشبكات الاجتماعية والتفاعلية، والثاني هو العينات الممثلة بسؤال المشاهد عما إذا كان قد شاهد التغيير ورأيه فيه.
وادعى منتقدو التجديدات أن الجزيرة تتخلى عن رصانتها في نقل الأخبار، إذ استقدمت مذيعين ومذيعات شابّات إلى القناة من أجل تقديم البرنامج الصباحي، الذي تراهن عليه بأن يجذب شرائح واسعة، من عمال المكاتب وصولا إلى ربات المنازل، بطابع 'خفيف' يبرز مواضيع صحية واجتماعية وطبية وتكنولوجيّة، مستبدلة بذلك النشرة الصباحيّة المطولة، التي كانت تستمر ساعتين. في حين اقتصرت الأخبار السياسية على مواجيز إخبارية مطولة، تبث على رأس الساعة صباحًا، ومن ثم يعود المشاهد إلى 'هذا الصباح' الذي امتاز بمزاح وحوار بين المذيعين في القناة، وهو أمر غير معتاد للجزيرة.
لكن أبو هلالة أكد على أن المضامين الصحافية في الجزيرة والرصانة في الأخبار ستبقى كما كانت، لكن مع إشراك أوسع للمشاهدين وتفاعل أكبر.
وقد عمد القائمون على برنامج 'بلا حدود' في الأمس إلى إبهار المشاهد بغرفة الأخبار الجديدة، بحيث تجول منصور في الأستديو في ظل تشغيل 10 كاميرات في الوقت ذاته، واستعرض عدد المراسلين والمنتجين بل وحتى تفاعلات القناة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر لم يخفه الضيوف، وهم معدّون ومدراء ومذيعون في القناة.
لكن الانطلاقة الجديدة هذه، التي أطلقتها القناة، لم تخضع بعد لتجربة حقيقية، لاختبار قوّتها وقوّة التقنيين والمذيعين الجدد، فيعمل كل منهم وفق برنامج عمل محدد سابقًا، ونص يتم عرضه على أجهزة عرض نصوص في القناة، بيد أن قوّة القناة تعتمد على قدرة المذيعين على إدارة البث المباشر في أوقات أزمات وتغطيات مباشرة وخاصّة، لا جهاز تلقين فيها ولا تخطيط جديًا للضيوف مسبقًا، إنما أخبار تتوالى على مدار الدقيقة والساعة، يحتاج تحليلًا سريعًا ونباهة ودُربَة واسعة، وهو أمر امتازت به الجزيرة دومًا، فهل ستحافظ عليه الآن؟ ميدان التحرير المقبل هو الفيصل.
اقرأ/ي أيضًا | الجزيرة بنكهة اجتماعية... تعرف على برامجها الجديدة
التعليقات