تتزايد الموادّ الإباحيّة الّتي تنطوي على استغلال جنسيّ للأطفال عبر الإنترنت بفعل تطوّر أدوات الذكاء الاصطناعيّ، ما يجعل من هذه الارتكابات أمرًا شائعًا ويعقد عمل السلطات المسؤولة عن حماية الضحايا الحقيقيّين من القصر، وفق ما حذّرت مؤسّسات في أوروبا.
فمن مقاطع الفيديو لأطفال افتراضيّين يتعرّضون للاغتصاب إلى صور فتيات مراهقات عاريات لا يكون فيها أيّ تفصيل حقيقيًّا سوى الوجه، يتيح الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ إنشاء مثل هذا المحتوى بشكل لا محدود مع تخزينه على أجهزة الكمبيوتر أو مشاركته عبر الإنترنت.
في أيلول/سبتمبر 2023، وفي غضون شهر واحد فقط، نشر أكثر من 20 ألف صورة بواسطة الذكاء الاصطناعيّ على منتدى يمكن الوصول إليه على صفحات الويب المظلم، وهو الجزء السرّيّ من الإنترنت، وفق تقرير مؤسّسة Internet Watch Foundation (IWF)، إحدى المؤسّسات الأوروبّيّة الرائدة في مكافحة نشر هذا المحتوى.
وبعدما تلقّت 70 تقريرًا حول هذه الظاهرة بين نيسان/أبريل 2023 وآذار/مارس 2024، حصلت المنظّمة على 74 تقريرًا في غضون ستّة أشهر، بين نيسان/أبريل ونهاية أيلول/سبتمبر 2024، وهو تطوّر تعتبره "مخيفًا".
وقد نمت هذه الظاهرة مع الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ بين عامي 2022 و2023. وفي حين أنّ معظم البرامج الاستهلاكيّة تحوي قيودًا على استخدام مصطلحات معيّنة ما يجعل صنع مثل هذه المحتويات مستحيلًا، فإنّ هذا ليس الحال بالنسبة للبرامج الأخرى الّتي يمكن الوصول إليها عبر الويب المظلم.
وفي خلال سنوات قليلة، "ستكون 95% من صور جرائم الأطفال الّتي ستنشر على الإنترنت متأتّية من الذكاء الاصطناعيّ"، وفق ما قالت غابرييل هازان، رئيسة مكتب القاصرين، وهي خدمة تابعة للشرطة القضائيّة مخصّصة لمكافحة هذه الجرائم، في تصريحات إذاعيّة في تمّوز/يوليو.
وأكّدت أنجيل لوفرانك، المسؤولة عن "مؤسّسة الأطفال" الّتي أجرت أبحاثًا حول الموضوع ونشرت استنتاجاتها في تقرير الثلاثاء، أنّه حتّى لو كانت هذه المحتويات مفبركة، فإنّ النشر المكثّف لمثل هذه الصور "أمر خطير لأنّه يساهم في التقليل من الممارسات الإجراميّة للأطفال وتجسيد الطفل كشيء".
ويشير ملخّص التقرير إلى أنّ انتشار المحتوى الإباحيّ للأطفال "يزيد من السلوك الإدمانيّ لدى المستهلكين، مع تزايد الصور المتطرّفة والفاضحة والعنيفة".
كما أنّ الاستهلاك السهل لمحتوى الموادّ الإباحيّة المتعلّقة بالأطفال يزيد من مخاطر ارتكاب هذا الفعل.
وأشار تقرير للشرطة الأوروبّيّة "يوروبول" في تمّوز/يوليو الماضي إلى أنّ المحتوى الإجراميّ للأطفال الناتج عن الذكاء الاصطناعيّ سيصبح "مشكلة رئيسيّة في المستقبل القريب".
وشدّدت الوكالة الأوروبّيّة على أنّ "هذا يشكّل تحدّيات كبيرة للخدمات المتخصّصة سواء في ما يتعلّق بتحديد هويّة الضحايا أو في الإطار القانونيّ للتحقيق".
توصي المؤسّسة بتشجيع الجهات الفاعلة الخاصّة على التعاون لإنشاء أدوات لتمييز المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعيّ عن المحتوى الحقيقيّ.
التعليقات