في سياق التوتر المتصاعد بين شركات التكنولوجيا العملاقة والاتحاد الأوروبي، تواجه منصة "إكس" ضغوطًا قانونية متزايدة بعد أن وضعتها المفوضية الأوروبية على قائمة المنصات قيد التحقيق بموجب "قانون الخدمات الرقمية" (DSA)، الذي بدأ تطبيقه رسميًا في عام 2024.
وهذه الخطوة قد تعني فتح تحقيق رسمي ضد الشركة، تمهيدًا لفرض غرامات ضخمة أو إجراءات تصحيحية قد تعيق توسع المنصة في أوروبا.
ويُعد قانون الخدمات الرقمية واحدًا من أكثر الأطر التنظيمية صرامة في العالم تجاه منصات التكنولوجيا، ويُلزم الشركات الرقمية الكبرى بعدد من المعايير المتعلقة بالشفافية، ومكافحة التضليل، وإزالة المحتوى غير القانوني، وحماية بيانات المستخدمين، إضافة إلى إلزامهم بمشاركة خوارزمياتهم الأساسية مع المفوضية الأوروبية لفحصها.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التحذيرات الأوروبية بشأن محتوى الكراهية والتضليل المنتشر على "إكس"، خاصة في سياقات سياسية حساسة مثل الانتخابات، والحرب في أوكرانيا، والصراع في فلسطين، بالإضافة إلى قضايا اللاجئين والهجرة.
وقد أشار مسؤولون أوروبيون إلى أنّ المنصة باتت أقل التزامًا بعد استحواذ إيلون ماسك عليها، إذ أُلغيت العديد من فرق الإشراف على المحتوى، وسُمح لعدد من الحسابات المثيرة للجدل بالعودة.
مفوضة المنافسة الأوروبية، مارغريت فيستاغر، علّقت على القضية بالقول: "لا يهم من يملك المنصة، القانون الأوروبي ينطبق على الجميع. إذا ثبت أن ’إكس‘ لا تفي بواجباتها في إزالة المحتوى الضار أو حماية المستخدمين، فلن نتردد في اتخاذ إجراءات حازمة".
ووفقًا للقانون الجديد، فإن المخالفات الجسيمة قد تؤدي إلى فرض غرامات تصل إلى 6% من إجمالي العائدات العالمية للشركة، وهو رقم قد يتجاوز مليار دولار في حالة "إكس". كما يحق للاتحاد الأوروبي – في حالات قصوى – حظر الخدمة داخل أراضيه مؤقتًا، أو تعليق خوارزميات معينة يُشتبه في أنها تروّج لمحتوى ضار.
أما إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لـ"إكس"، لم يصدر تعليقًا مباشرًا على القضية، إلا أنه دأب في الأشهر الأخيرة على انتقاد ما وصفه بـ"الرقابة الأوروبية"، معتبرًا أنّ "حرية التعبير لا يجب أن تُدار من قبل بيروقراطيين مجهولين في بروكسل". وقد حذر في منشورات سابقة من أن القوانين الجديدة "تهدد جوهر الإنترنت المفتوح"، على حد تعبيره.
ومن جهة أخرى، ترى المفوضية الأوروبية أن مواقف ماسك لا تعفيه من المسؤولية القانونية، وتُصر على أنّ "حرية التعبير لا تعني حرية التحريض على العنف أو الترويج للكراهية أو التضليل"، وفق بيان صدر مؤخرًا عن مفوض الشؤون الرقمية، تييري بريتون.
وتشير مصادر داخل الاتحاد الأوروبي إلى أنّ التحقيق في انتهاكات محتملة من "إكس" قد يشمل مراجعة تقارير الشفافية التي تُلزم المنصة بنشرها دوريًا، إلى جانب تحليل الخوارزميات التي توصي بالمحتوى للمستخدمين، وخاصة في سياقات تتعلق بخطاب الكراهية أو المعلومات المضللة السياسية والصحية.
وفي حال لم تتعاون الشركة بشكل كافٍ، قد تُضاف إلى قائمة "الكيانات الرقمية المعرقلة" التي يُمكن أن تواجه عقوبات تقييدية إضافية، مثل تعليق عمليات الإعلانات أو منع استخدام خوارزميات معينة.
وتُعد هذه المواجهة بين "إكس" والاتحاد الأوروبي أحدث حلقة في سلسلة الصدامات بين منصات التكنولوجيا الأميركية والجهات التنظيمية الأوروبية، في ظل ما يُنظر إليه على أنه "صحوة تنظيمية" في القارة العجوز تهدف إلى استعادة السيطرة على الفضاء الرقمي، وحماية المواطنين من تغوّل المنصات غير الخاضعة للمساءلة.
التعليقات